يواجه إعلاميو محافظتي الموصل وصلاح الدين العراقيتين أوامر تنظيم الدولة الاسلامية لعناصره بإعدامهم في حال عدم إعلانهم "التوبة" والعمل لصالح التنظيم وإبراز نشاطه بصورة إيجابية.


لندن: قال مرصد الحريات الصحافية العراقي إنه يتابع بقلق بالغ أوضاع الصحافيين والإعلاميين في محافظتي الموصل وصلاح الدين اللتين سيطر عليهما تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" مؤخرا ممن لم يتمكنوا من مغادرة المحافظتين والهرب قبل دخول التنظيم اليهما.

وأشار إلى أنّه ومن خلال اتصالاته المستمرة &بعدد من الإعلاميين داخل المحافظتين تحقق بشكل تام من قيام تنظيم "داعش" باعتقال عدد منهم وتعذيبهم وتفجير او الاستيلاء على منازلهم ومصادرة كل مقتنياتهم بما فيها ملابسهم وملابس أسرهم بالكامل حتى الأطفال منهم.. بالاضافة إلى تعميمه بيانات مختومة بختم "الدولة الاسلامية" تحمل أوامر إلى جميع عناصر التنظيم بتصفية الإعلاميين المتواجدين في المحافظتين ومصادرة جميع ممتلكاتهم بتهمة "قيامهم بتضليل صورة الدولة الاسلامية لصالح الحكومة العراقية".

وأعرب المرصد في بيان صحافي تلقت "إيلاف" نسخة منه اليوم عن قلقه الشديد من المصير الذي ينتظر الإعلاميين والصحافيين في محافظتي الموصل وصلاح الدين .. وأشار إلى أنّ هناك محاولات من قبله ومنظمات دولية شريكة لتأمين بعض المساعدات لاخراج عدد من الإعلاميين من المحافظتين وتأمين بيئة آمنه لهم قدر المستطاع.

لكن المرصد أوضح انه يجد ان ما يقوم به حاليا غير كاف لاحتواء ازمة الإعلاميين والصحافيين في محافظتي الموصل وصلاح الدين وان جهوده بحاجة إلى اسناد ودعم من الحكومة العراقية ومجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة.

وقائع عن ممارسات داعش ضد الصحافيين

وقال المرصد إنه في الوقت الذي يتحفظ فيه على نشر اسماء بعض الإعلاميين المعتقلين من قبل تنظيم الدولة الاسلامية حرصا على سلامتهم وذلك لوجود مفاوضات خاصة في محاولة لإطلاق سراحهم فأنه يشير إلى بعض الوقائع التي حصل عليها وفقا لشهادات من اصحابها او ذويهم.

ففي 22 حزيران (يونيو) الماضي قامت عناصر "داعش" باختطاف المصور الصحافي الحر هشام الحرباوي في منطقة المجموعة الثقافية شمالي مدينة الموصل، بعد ان عرضت قناة "التغيير" ثلاثة تقارير مصورة من مدينة الموصل حيث يبدو ان "داعش" حصل على معلومات تفيد بأن من صور المادة فيديويا لتلك تقارير هو الحرباوي.

ووفقا لمعلومات مؤكدة مصدرها صحافيون محليون فإن عناصر التنظيم قاموا باقتياد الحرباوي إلى سجن مديرية مكافحة الارهاب سابقاً والذي بات يستخدم من قبل عناصر "داعش" كمعتقل رسمي لهم وهناك جرى التحقيق مع الحرباوي عن كيفية تصويره لتلك التقارير دون علمهم واخذ موافقة مسؤولي "الهيئة الإعلامية" للدولة الاسلامية.

وأشارت المعلومات إلى أنّ الحرباوي تعرض للتعذيب بشكل مريع على يد عناصر "داعش" ثم تم اطلاق سراحه في الثاني من تموز (يوليو) الماضي بعد 10 ايام من اختطافه وبعد اجراء العديد من الوساطات من قبل شيوخ عشائر ودين والتماس عناصر "داعش" لاطلاق سراحه بعد ان كانوا ينوون تصفيته جسديا هو وافراد عائلته.

وفي 29 حزيران قام عدد من عناصر "داعش" باختطاف الصحافي جمال المصري وهو مقدم برامج في قناة الموصلية وابنه الكبير بعد مداهمة منزله ثم اطلق سراح ابنه في اليوم التالي بينما ابقي على المصري محتجزا بهدف التحقيق معه.

نجل المصري قال إنه فوجئ لدى عودته لمنزلهم بوجود عناصر "داعش" وقد احتلوا المنزل وصادروا جميع ممتلكاتهم من اثاث البيت والاموال والمصوغات الذهبية والسيارة التي كانوا يمتلكونها وحتى ملابسهم وقاموا بطردهم من المنزل فيما لم تعرف اي معلومات بعد تفيد بنية التنظيم اطلاق سراح المصري.

وبحسب بعض الإعلاميين المتابعين لنشاط المصري فإنه يبلغ من العمر خمسين عاماً وقد عمل مقدما للبرامج السياسية في قناة الموصلية وانه كان يدير حوارات مع قيادات من الاجهزة الامنية منتقدا خلالها افعال الجماعات المسلحة.

إعتقال صحافية وتعذيبها وزجها في سجن النساء

وفي ذات اليوم 29 حزيران قام عناصر من "داعش" بمداهمة بيت مقدمة البرامج في قناة الموصلية ميسلون الجوادي واقتادوها إلى احد سجون النساء المستخدمة من قبلهم لاعتقال النساء وسط مدينة الموصل ووفقا للمعلومات المتوفرة حتى الان ان الجوادي تعرضت للتعذيب على يد عناصر "داعش" وحتى الان لم يتم اطلاق سراحها.

ووفقا لمعلومات وفرها صحافيون من مدينة الموصل فان الجوادي تبلغ من العمر اربعين عاما وقامت بترشيح نفسها خلال انتخابات مجلس النواب العراقي التي جرت في الثلاثين من نيسان (أبريل) الماضي ضمن قائمة "إئتلاف العراق" التي يترأسها احمد الجبوري وهو تحالف منبثق من محافظة نينوى.

وفي 15 من الشهر الحالي تم اختطاف الصحافي احمد خلف الدليمي المعروف صحافيا باسم احمد الوطني في محافظة صلاح الدين وحتى الان لم يتمكن مرصد الحريات الصحافية من التوصل إلى معلومات حول ظروف اختطافه او مصيره. ثم قام عناصر من الدولة الاسلامية بتطويق منطقتي سكن الإعلاميين مروان ناجي جباره وخميس محمد كحروتا وتوجهوا إلى منزليهما وقاموا بتفجيرهما بعد اخراج افراد عائلتيهما بالملابس التي يرتدونها فقط.

ووفقا لعدد من الاتصالات داخل مدينة الموصل أجراها المرصد بهدف الوقوف على تطورات وضع الإعلاميين والصحافيين داخل المحافظة اكتشف بان الدولة الاسلامية بدأت بالفعل بفتح ملفات العديد من الصحافيين الذين كانوا يعملون في عدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والاجنبية المرئية والمسموعة والمقروءة سواء داخل محافظة الموصل وصلاح الدين او خارجهما وبالاخص العاملين منهم في قنوات فضائية.

إعلاميون تلقوا تهديدات بالتصفية الجسدية

وكشف صحافيون عراقيون يعملون في وسائل إعلام عراقية مختلفة إنهم تلقوا منشورات تتضمن عبارات تهديد بالتصفية من تنظيم الدولة الإسلامية ولايتي الموصل وصلاح الدين عدا عن نشر أسمائهم وتعميمها على المجموعات القتالية التابعة للتنظيم هناك والصحافيون هم :

&مروان ناجي جبارة - مدير قناة سما صلاح الدين الفضائية.
&علي الحمداني - مراسل قناة الفيحاء الفضائية.
&خميس محمد كرحوت - مراسل قناة العهد الفضائية.
ضياء الجبوري - صحفي حر.
&اخلاص خضير خليفة - مراسل قناة الفيحاء الفضائية.
هاتف الثلج - مراسل لوكالة اجنبية وصحف عربية.
جمال البدراني - مراسل قناة الشرقية.
ايمن الناظم - مراسل قناة الشرقية.
بشار البدراني - مصور قناة الشرقية.

وهؤلاء الإعلاميون تلقوا تهديدات بالتصفية الجسدية في حال عدم اعلانهم التوبة والعمل لصالح الدولة الاسلامية وابراز نشاطها بصورة ايجابية ولم يقتصر الامر عليهم بل طالت التهديدات ذويهم ايضا. وعممت "الدولة الاسلامية" منشورا بأسمائهم في مدينة تكريت طالبة من مجاميعها بالعمل على ملاحقتهم وتصفيتهم.

وقال الصحافي عدي الحمداني الملقب علي الحمداني "في اول يوم احتل فيه قضاء بيجي من قبل عناصر داعش تم تفجير منزل شقيقي وبعدها بايام تم العثور على مناشير وكتب مطبوعة تعود للدولة الاسلامية وكان اسمي ضمن قائمة ضمت اسماء عدد من الإعلاميين والصحافيين في محافظتي الموصل وصلاح الدين.

وأشار الحمداني إلى أنّ "المنشور الذي احتوى اسماءنا كمطلوبين للدولة الاسلامية بتهمة وصفها بالارهابية والتكفيرية ".. وأكد انه تلقى اتصالا من احد عناصر التنظيم يهدده ويتوعده وافراد عائلته بالقتل ما لم يعلن التوبة ويعمل لصالح الدولة الاسلامية.

دعوة لحماية الصحافيين وتأمين ضمانات سلامتهم

ودعا المرصد الأجهزة الأمنية والجهات الحكومية والإدارات الصحافية لفعل كل ما يمكن من أجل حماية هولاء الصحافيين وغيرهم ممن يتعرضون للمزيد من التهديدات والتحديات العنيفة من قبل عناصر الدولة الاسلامية. وعبر عن بالغ القلق من تردي أوضاع الصحافيين في عدد من محافظات العراق والتهديدات بالتصفية التي تصلهم من عدد من المنظمات المسلحة على خلفية التغطيات الإعلامية التي يقومون بها في تلك المحافظات.

وطالب مرصد الحريات الصحافية الحكومة العراقية بالعمل على تأمين حماية ملائمة للصحافيين وتوفير ضمانات السلامة الكاملة لهم في مواجهة المخاطر المحدقة بهم وناشد وسائل الإعلام التي يعملون لحسابها المساعدة في تخفيف الضغوط المترتبة على تلك التهديدات والتي يعاني منها هولاء وأسرهم.