يرى خبراء أن تنظيم "الدولة الإسلامية" يتقدم الحركة "الجهادية العالمية"، ليحلّ مكان تنظيم القاعدة، بفضل قوته العسكرية وتطرفه وإلمامه بوسائل الاتصال الحديثة.


بغداد: باستيلائه على أراضٍ على جانبي الحدود السورية العراقية، وإعلانه "الخلافة الإسلامية" بزعامة أبو بكر البغدادي، الذي أصبح "الخليفة إبراهيم"، حقق تنظيم الدولة الإسلامية نجاحًا كان يحلم به أعضاء الحركة، التي أسسها أسامة بن لادن.

تغيير خارطة الجهاد
وقال توماس هيغامر من المركز النروجي للأبحاث الدفاعية "إن المقاتلين القدامى (في الجهاد العالمي) يعتبرون أنهم أمضوا حياتهم يقاتلون القوى العظمى، لكنهم امتنعوا عن إعلان خلافة، إلا أنهم يرون واصلين جددًا يظهرون فجأة ويختطفون منهم الغلبة"، و"تتويجًا لكل ذلك يطلب (تنظيم) الدولة الإسلامية من مقاتليه القدامى الطاعة لـ"خليفة" شاب وغامض.

وسيطرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (خليط من جهاديين متمرسين على القتال ومجندين أجانب وأفراد من عشائر سنية محلية) على مدينة الموصل سمحت لهم بوضع اليد على غنيمة حرب تقدر بمئات ملايين الدولارات وعلى ترسانة تليق بجيش حديث. هذا "النصر" الذي احتفلوا به على شبكات التواصل الاجتماعي يعتبر نجاحًا، امتنع قادة تنظيم القاعدة عن الترحيب به. وحتى وإن رفضت معظم الحركات "الجهادية"، التي أعلنت ولاءَها لأسامة بن لادن، الانضمام إلى "الخليفة إبراهيم"، فإن الاستمرار في تسجيل نجاحات عسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وفي سوريا قد يغيّر الخريطة.

في هذا السياق، قال جان بيار فيليو أستاذ العلوم السياسية لوكالة فرانس برس إن تنظيم "الدولة الإسلامية نجح فعلًا في فرض مفهومه على العالم أجمع، رغم أنه ليس دولة، بل آلة حرب، وتوجهه الشمولي يهدد المسلمين قبل كل شيء". وأضاف "أن زعيم +الدولة الإسلامية" يحقق الانتصارات العسكرية تلو الأخرى، ويبدو أنه يرعب العالم أجمع، فيما الظواهري الذي خلف بن لادن على رأس القاعدة يدمدم في الفراغ، ولم يعد يثير الاهتمام خارج دائرة تضيق أكثر فأكثر. فالبغدادي لم ينخدع بذلك، ولم يعد يرد على هجمات الظواهري، بل يتعامل معها بازدراء".

تجاهل خطرهم نمّاهم
ورأى فيليو "أن تنظيم القاعدة عاش كنموذج تاريخي، وسيترك المكان للدولة الإسلامية". وفي مقالة نشرت أخيرًا، عبّرت الأميركية ريتا كاتز، التي أسست معهد الأبحاث الدولية للكيانات الإرهابية (سايت إنستيتيوت)، وهو منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، عن أسفها لأن "تهديد الدولة الإسلامية يعود إلى سنوات عدة، وتم تجاهله بشكل كبير. فاستغلت الجماعة ذلك لتعزيز قواها، من خلال قتالها خارج العراق، بحيث جعل من النزاع في سوريا آلة للتجنيد والتدريب".

أضافت: "ها هي النتيجة: جماعة قوية بما يكفي لتحدي القاعدة والاستيلاء على أراضٍ واسعة وإقامة خلافة وتجنيد عدد كبير من الغربيين وتوعدها برفع رايتها فوق البيت الأبيض". ومنذ البداية أدرك تنظيم&"الدولة الإسلامية" أهمية الدعاية، فبث أعماله ونجاحاته وتهديداته ورؤيته للعالم بشكل واسع. وفي حزيران/يونيو أطلقت على الانترنت حملة "مليار مسلم يدعمون الدولة الإسلامية"، لتطلب من متصفحي الشبكة العنكبوتية إظهار انضمامهم إلى الأفكار الجهادية بصور.

في عقر أميركا
هكذا ظهرت رايات تنظيم الدولة الإسلامية في صور وعلى جسر مركب يمر قرب برج الحرية الجديد ومشيّد في مكان مركز التجارة العالمية في نيويورك وأمام البيت الأبيض وفي أمستردام وبروكسل وأمام برج إيفل في باريس وفي الكولوسيوم في روما.

وأضاف توماس هيغامر "أن تنظيم الدولة الإسلامية أدرك أنه لن يقنع الحرس القديم في القاعدة"، "لكنه أدرك أيضًا أن بإمكانه أن يهم الشبان المجندين (...)، وكان الأكثر نشاطًا إلى حد كبير على الانترنت الجهادية في العام المنصرم". ومع نجاحاته في ساحة المعركة، أظهر أن له تأثيرًا على العالم الحقيقي لا يمكن للجماعات الجهادية الأخرى أن تحلم به. والمجندون الجدد، وهم من الشبان الذكوريين والمتلهفين، ينجذبون إلى الجماعة التي تحقق نتائج".