أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن الرئيس السوري ليس شريكًا في مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق. وخلال اجتماع سنوي للسفراء الفرنسيين يحدد فيه الخطوط العريضة لدبلوماسيته، رأى هولاند&ضرورة تشكيل تحالف واسع لا يشمل بشار، الذي وصفه بـ"الحليف الموضوعي للجهاديين".


باريس: حدد هولاند، الخميس، الخطوط العريضة لدبلوماسيته في ظل وضع عالمي بالغ الخطورة يشهد توسع سيطرة مقاتلي داعش في العراق وسوريا. وفي خطاب يلقيه أمام السفراء الفرنسيين المجتمعين يعطي هولاند توضيحات حول المؤتمر الدولي حول الأمن في العراق، ومكافحة "الدولة الاسلامية"، الذي تسعى باريس الى تنظيمه.

واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الخميس، أن الرئيس السوري بشار الاسد ليس "شريكاً في مكافحة الارهاب" في سوريا والعراق، حيث يسيطر جهاديو تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق شاسعة. وقال هولاند في خطاب خلال اجتماع سنوي للسفراء الفرنسيين، يحدد فيه الخطوط العريضة لدبلوماسيته، إن "النزاع (السوري) امتد الى العراق البلد الذي يعاني اساسًا من الانقسامات والنزاعات الدينية وانعدام الاستقرار، ودخل الدولة الاسلامية من هذه الثغرة، لان الارهاب يتغذى دائمًا من الفوضى".

وتابع أن "هذه المجموعة تهدد بغداد وكردستان العراقية في آن، تهاجم الاقليات، مسيحيي العراق والايزيديين وسواهم"، مذكراً بأن فرنسا قدمت اسلحة الى "القوات التي تقف في الخطوط الامامية من المواجهة مع الدولة الاسلامية". وشدد على أنه "من الضروري تشكيل تحالف واسع، لكن لتكن الامور واضحة: بشار الاسد لا يمكن أن يكون شريكًا في مكافحة الارهاب، فهو الحليف الموضوعي للجهاديين". وشنّ تنظيم الدولة الاسلامية في 9 حزيران/يونيو هجوماً كاسحًا، احتل خلاله مناطق شاسعة من العراق وسوريا، واعلن فيها قيام "خلافة اسلامية" عبر الحدود بين البلدين.

وابدت دمشق استعدادها للتعاون مع واشنطن، التي تشنّ ضربات جوية على الدولة الاسلامية في العراق، محذرة في الوقت نفسه من أن أي ضربة للتنظيم على اراضيها يجب أن تتم بالتنسيق معها. واعلنت الولايات المتحدة مساء الاثنين أنها تعتزم تنفيذ طلعات استكشافية فوق سوريا تمهيدًا لضربات محتملة ضد الجهاديين، ولو أن الرئيس باراك اوباما لم يتخذ قراراً بعد في هذا الصدد. ويدعم الغربيون وبعض الدول الخليجية المعارضة السورية المعتدلة التي تواجه قوات النظام وجهاديي الدولة الاسلامية في آن.

وذكر هولاند بأنه عرض تنظيم مؤتمر دولي في باريس "ما أن يتم تشكيل الحكومة العراقية" من اجل "تنسيق التحرك الدولي ضد الدولة الاسلامية على المستوى الانساني والامني وكذلك العسكري".

وصرح هولاند في الاسبوع الماضي متحدثاً لصحيفة لوموند "اعتبر أن الوضع الدولي هو الاخطر الذي عرفناه منذ 2001" مع الازمات الكثيرة التي طبعت الفترة الاخيرة، وفي طليعتها النزاع في اوكرانيا، والحرب في قطاع غزة، والفوضى في ليبيا، والازمات المتعددة في أفريقيا وانتشار وباء ايبولا. غير أن الشرق الاوسط يبقى مرة جديدة في صلب المخاوف العالمية مع التقدم الكاسح لتنظيم "الدولة الاسلامية"، الذي سيطر على مناطق شاسعة على جانبي الحدود بين العراق وسوريا، اعلن فيها قيام "خلافة اسلامية".

خارطة مكافحة الإرهاب
وفي خطاب يلقيه امام السفراء الفرنسيين المجتمعين، كما في كل سنة في قصر الاليزيه لتسلم ورقة الطريق الجديدة لعملهم، سيعطي هولاند بصورة خاصة توضيحات حول المؤتمر الدولي حول الأمن في العراق ومكافحة "الدولة الاسلامية"، الذي تسعى باريس الى تنظيمه.

واوضحت اوساط الرئيس أن الهدف هو أن يعقد هذا المؤتمر "بشكل سريع.. خلال الاسابيع المقبلة"، لكن بشرط تشكيل حكومة عراقية. وقالت الاوساط الرئاسية إن الاجتماع "سيعالج كل ابعاد خطر الدولة الاسلامية، بما في ذلك طابعه العابر للمناطق". وقال وزير الخارجية لوران فابيوس إن فرنسا تطمح الى مشاركة جميع دول المنطقة، بما فيها ايران في المؤتمر، فضلاً عن الاعضاء الدائمين في مجلس الامن الدولي.

وينظم هذا المؤتمر في وقت تسعى واشنطن الى جمع "ائتلاف" من اجل شن عمليات محتملة في سوريا، حيث ينشط ايضًا تنظيم "الدولة الاسلامية"، الذي وصفه الرئيس الاميركي باراك اوباما بـ"السرطان"، وذلك بعدما باشرت الولايات المتحدة منذ مطلع اب/اغسطس شن ضربات جوية على مواقع التنظيم في العراق لوقف تقدمه. وما زال يتعين تحديد كيفية التعاطي مع الشق السوري من الملف، والسؤال المطروح الآن على الغربيين هو هل ينبغي التعامل مع الرئيس بشار الاسد المعزول عن الاسرة الدولية من اجل التصدي للتنظيم؟.

مرارة التقاعس
ومن سخرية القدر أن هولاند توعد في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وفي المناسبة نفسها، بـ"معاقبة" نظام الاسد، الى جانب الاميركيين، لاتهامه بقتل مئات الاشخاص في هجوم بأسلحة كيميائية في ريف دمشق. وبعد الحديث عن ضربات جوية وشيكة ضد النظام، تخلى الرئيس الاميركي باراك اوباما في اللحظة الاخيرة عن الخطة في 31 اب/اغسطس، وبعد عام لا تزال باريس تشعر بالمرارة، معتبرة حتى أن الوضع السائد اليوم في سوريا والعراق ناجم الى حد بعيد من هذا التقاعس.

كما يتوقع أن يتطرق هولاند الى النزاع في اوكرانيا، في وقت يخوض منذ اشهر مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الناشطة في هذا الملف "دبلوماسية هاتفية" مكثفة سعيًا الى اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخفض حدة التوتر في هذا البلد. ولم تسفر هذه المساعي عن نتيجة حتى الآن، ويبقى الوضع في غاية الخطورة في شرق اوكرانيا، حيث تدور معارك عنيفة بين قوات كييف والانفصاليين الموالين لروسيا والمدعومين من الكرملين. وسيعرض هولاند حصيلة لعمله في أفريقيا، حيث ارسلت فرنسا قوات الى كل من جمهورية افريقيا الوسطى ومالي.

وفي جمهورية افريقيا الوسطى، التي شهدت لأكثر من عام فوضى عارمة واعمال عنف دينية بين المسيحيين والمسلمين، ما زال الوضع مضطربًا، غير أن باريس تشدد على أن تدخل ألفي جندي فرنسي اعتباراً من كانون الاول/ديسمبر في اطار عملية "سنغاريس" سمح بتفادي الأسوأ في هذا البلد. كما اتاحت جهود دبلوماسية مكثفة في الامم المتحدة بتشكيل قوة لحفظ السلام من 7600 عسكري، معظمهم افارقة ينتشرون حاليًا على الارض، على أن تحل محل القوات الفرنسية اعتبارًا من 15 ايلول/سبتمبر.

وفي مالي، حيث تدخلت فرنسا في كانون الثاني/يناير 2013 لوقف تقدم مجموعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة، فإن الحوار بين باماكو والمجموعات المسلحة الشمالية بدأ اخيرًا، وسيستأنف في العاصمة الجزائرية في الاول من ايلول/سبتمبر. وعلى صعيد عسكري ايضاً، اعادت باريس تنظيم قوة "برخان" الفرنسية المكلفة مكافحة الارهاب في منطقة الساحل والصحراء.

لدعم أممي استثنائي لليبيا
ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الخميس، الامم المتحدة الى تنظيم "دعم استثنائي للسلطات الليبية" لمساعدتها على اعادة سلطة الدولة، محذرًا في حال عدم تحقيق ذلك من انتشار الارهاب "في المنطقة برمتها". وحذر هولاند في خطاب خلال اجتماع سنوي للسفراء الفرنسيين يحدد فيه الخطوط العريضة لدبلوماسيته من أنه "اذا لم نقم بشيء جدي، شيء سياسي، شيء دولي، فإن الارهاب سينتشر في المنطقة برمتها" من غير أن يوضح اشكال الدعم الدولي الذي يمكن تقديمه لليبيا.

وقال هولاند إن ليبيا تشكل "مصدر قلق رئيس" له، مشيرًا الى "الفوضى التامة" في هذا البلد، وذكر قيام "برلمانين وحكومتين" في ليبيا ووجود "تشكيل من المجموعات المتطرفة التي تنتظر حتى تتدخل" في الجنوب. وتابع أن "فرنسا تطلب من الامم المتحدة أن تنظم دعمًا استثنائيًا للسلطات الليبية من اجل اعادة سلطة الدولة".

ولم تتوصل& حتى الآن السلطات الانتقالية التي تشكلت في ليبيا بعد اطاحة نظام معمر القذافي عام 2011 الى فرض النظام والامن في البلاد التي تشهد معارك دامية بين ميليشيات متخاصمة منذ منتصف تموز/يوليو. ووسع مجلس الامن الدولي الاربعاء نظام العقوبات الدولية التي تستهدف ليبيا لتشمل مختلف الميليشيات المتقاتلة في هذا البلد. والعقوبات التي كانت تشمل في السابق انصار نظام معمر القذافي، تتمثل اجمالاً في حظر السلاح وتجميد الاموال ومنع السفر.

لمساهمة أوروبية أكبر في تسوية النزاع الفلسطيني
كذلك دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الخميس، اوروبا الى المساهمة بشكل اكبر في تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، معتبرًا أنها لا يمكن أن تكون فقط "صندوقاً" لإعادة اعمار فلسطين بعد كل حرب. وقال هولاند في خطابه السنوي حول السياسة الخارجية امام السفراء الفرنسيين المجتمعين في الاليزيه: "لايجاد حل للنزاع، دور الولايات المتحدة حاسم. لكن دور اوروبا لا يقل اهمية، وعليها التحرك بشكل اكبر". واضاف: "اوروبا تقوم بالكثير لإعادة اعمار فلسطين وتنميتها"، لكن "يجب ألا تكون فقط صندوقًا تتم الاستعانة به لتضميد جروح نزاع يتكرر".

واوضح "اليوم الامر الاكثر الحاحاً هو تثبيت وقف اطلاق النار الذي تم التفاوض بشأنه في القاهرة"، بعد خمسين يومًا من حرب مدمرة بين اسرائيل وحماس في غزة، داعياً الجانبين الى تطبيق "صارم ودقيق" لتعهداتهما. وتابع: "يجب التوصل الى رفع الحصار تدريجيًا ونزع الاسلحة من قطاع غزة"، مذكرًا بأن باريس قدمت مقترحات لضمان اعادة فتح نقاط العبور بين غزة واسرائيل ومصر.

وقال "لكن الأهم هو إرساء السلام في اسرع وقت ممكن. يعلم الجميع الشروط لتحقيق ذلك: قيام دولة فلسطينية ديموقراطية قابلة للاستمرار تعيش جنباً الى جنب بسلام مع دولة اسرائيل". ودخل اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم برعاية مصر، حيز التنفيذ الثلاثاء، بعد حرب خلفت 2143 قتيلاً في الجانب الفلسطيني، معظمهم من المدنيين، وسبعين قتيلاً في الجانب الاسرائيلي بينهم 64 جنديًا، فضلاً عن الدمار الهائل الذي خلفته في القطاع.

وجود جنود روس في أوكرانيا غير مقبول

وصرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في خطاب ألقاه الخميس امام السفراء الفرنسيين في باريس، أن احتمال وجود جنود روس في شرق اوكرانيا "غير محتمل وغير مقبول".
وقال هولاند: "اذا ما تبين وجود جنود روس على الاراضي الاوكرانية، فسيكون غير محتمل وغير مقبول". وطلب من روسيا "احترام سيادة اوكرانيا" و"التوقف عن دعم الانفصاليين".

وقد اعلنت كييف الاثنين أسر جنود روس على اراضيها. واكد مصدر في وزارة الدفاع الروسية أن هؤلاء الجنود اجتازوا الحدود "بصورة عرضية". وانتقد البيت الابيض "عمليات توغل عسكرية" تشكل كما قال "تصعيدًا كبيرًا" للنزاع في شرق اوكرانيا. واضاف الرئيس الفرنسي أن النزاع في اوكرانيا واحد "من اخطر الازمات منذ نهاية الحرب الباردة". وقال إنه "يقوّض المبادئ التي يقوم عليها امننا الجماعي منذ نهاية الحرب الباردة".

وقال "على روسيا، من جهة، أن تحترم سيادة اوكرانيا، وتوقف دعمها للانفصاليين واقناعهم بالموافقة على وقف ثنائي لإطلاق النار. وعليها أن تضبط حدودها فعليًا وأن توقف عمليات نقل الاسلحة والمعدات". واوضح أن "على السلطات الاوكرانية من جهة ثانية، أن تمارس ضبط النفس في العمليات العسكرية، وأن تقرر اعتماد لامركزية واسعة لمصلحة المناطق الناطقة باللغة الروسية". واكد هولاند استعداد فرنسا مع المانيا لعقد لقاء جديد مع الرئيسين الاوكراني والروسي "ما إن تتوافر الظروف".

وقد عقد لقاء اول بين بترو بوروشنكو وفلاديمير بوتين برعاية فرنسوا هولاند وانغيلا ميركل في السادس من حزيران/يونيو، خلال الاحتفالات بذكرى انزال الحلفاء في النورماندي. وعقد الرئيسان لقاءً مغلقاً جديدًا الاربعاء في مينسك، لكنهما لم يحققا تقدمًا ملموسًا لانهاء النزاع في شرق اوكرانيا. وهدد الرئيس الفرنسي بـ "ابقاء" العقوبات على روسيا "وبالتالي زيادتها اذا ما استمر التصعيد".

واضاف أن روسيا "لا يمكن أن تأمل في أن تكون، في الوقت نفسه، قوة عظمى معترفاً بها في القرن الحادي والعشرين وألا تحترم قواعد ذلك (...) ويتعيّن على الرئيس الروسي ايجاد حل بالتأكيد لهذا التناقض". وقال إن "فرنسا والاتحاد الاوروبي يأملان في متابعة تعميق علاقاتهما مع روسيا. والأزمة الاوكرانية اليوم عقبة كبيرة".

&