تنادى قادة عراقيون على وجه السرعة خلال الساعات الأخيرة بإجراء مباحثات مكثفة لاستئناف مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، إثر الاعلان عن إنهيارها بسبب ما قيل إنها مطالب غير دستورية طرحتها القوى السنية على التحالف الشيعي الذي رفضها، معتبرًا أنها تشريعية وليست تنفيذية لا يستطيع رئيس الحكومة تنفيذها قبل أن يشرعها البرلمان الذي رفض رئيسه الجبوري تشكيل الشيعة لهذه الحكومة وتكون بقية الاطراف تابعة لهم.

لندن: سارع قادة سياسيون إلى عقد اجتماعات عاجلة بهدف تجاوز الخلافات بين الكتل، والتي أدت إلى الاعلان عن إنهيار مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، حيث قاد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري سلسلة اتصالات لتجاوز الخلافات واستئناف المفاوضات.

وشهد منزل الجبوري في بغداد الليلة الماضية اجتماعًا شارك فيه بالإضافة اليه العبادي وخالد العطية رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. وقد اكد الجبوري رفضه لحكومة يشكلها أي طرف، في إشارة إلى التحالف الوطني الشيعي وتكون بقية الاطراف تابعة لهم، في إشارة إلى تحالفي القوى العراقية السني والكردستاني.

وجاءت هذه الاتصالات اثر الاعلان عن إنهيارات المفاوضات التي اجراها امس ممثلون عن التحالفين الشيعي والسني، والذي هدد بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة نظرًا لعدم تجاوب مفاوضي الشيعي مع مطالبه، ومنها مشاركة السنة بنسبة 40 بالمائة في الدولة العراقية ومؤسساتها المدنية واﻻمنية كافة.

تبادل اتهامات شيعية سنية

ومن جانبه، حمل النائب محمد الكربولي عضو لجنة التفاوض لتحالف القوى العراقية لجنة التحالف الوطني التفاوضية مسؤولية فشل جولة المفاوضات، وقال في بيان اليوم إن لجنة تفاوض التحالف الوطني لم تبدِ اي تفهم أو تجاوب أو رغبة في انصاف حقوق المحافظات المنتفضة على الرغم من تسليمها ورقة بهذه الحقوق.

وأضاف الكربولي أن تحالف القوى العراقية لن يستمر بالتفاوض مع الوطني ما لم تقر لجنته التفاوضية "باستحقاقات اهلنا ونسبة 40% من تمثيل المكون السني في الدولة العراقية ومؤسساتها المدنية واﻻمنية كافة".

وعلى الصعيد نفسه، أشار النائب عن تحالف القوى العراقية احمد الجبوري أن ورقة تفاوض تحالفه تضمنت 18 فقرة، ومنها الدعوة لاطلاق سراح وزير الدفاع في النظام السابق سلطان هاشم احمد وبعض ضباط الجيش السابق، إضافة إلى تعديل قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وقانون العفو العام واعادة التوازن في مؤسسات الدولة.

لكن النائب الشيعي عن ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود رد على ذلك قائلاً إن تحالف القوى العراقية يسعى الى عرقلة تشكيل الحكومة من اجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وتمرير مشاريع على حساب الشعب العراقي. وأضاف أن" تأجيل المباحثات مع تحالف القوى العراقية سببه تقديمه شروطاً غير دستورية، فضلاً عن الطلب من رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي مطالب تشريعية وليست تنفيذية".
&
الجبوري يرفض تبعية السنة والاكراد للشيعة

وفور الاعلان عن إنهيار المفاوضات، اجتمع رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مع رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم مؤكدًا رفض تشكيل حكومة من قبل طرف واحد، وتكون بقية الاطراف تابعة له. وبحث الجبوري والحكيم يرافقهما وفدان من تحالف القوى العراقية والمجلس الاعلى خطوات تشكيل الحكومة الجديدة واوضاع البلاد والتحديات التي تعصف بها وخطوات تشكيل هذه الحكومة الجديدة.

وعقب المباحثات، قال الحكيم خلال مؤتمر صحافي مع الجبوري إنه تمت مناقشة الاوراق التي تعد للبرنامج الحكومي المرتقب، وايضًا القاعدة والضوابط التي ستعتمد في توزيع الحقائب الوزارية بما يضمن الحضور والمساهمة الفاعلة من جميع الاطراف في الحكومة المقبلة.

وقال إن العراق يمر بظرف أمني عصيب وضغوط يتعرض لها من المجموعات الارهابية وهيمنتها على مناطق واسعة، ما يتطلب تضافر الجهود والاسراع بتشكيل الحكومة واعادة الارض العراقية المحتلة.

واوضح أن البرنامج الذي يقدمه العبادي سيضع الملامح والصورة العامة لادارة الدولة بكافة مرافقها، بما يخدم جميع العراقيين، وكما دابت الكتل السياسية في كل مرحلة تأتي بالعديد من المطالب للمناطق التي تمثلها والهواجس والمخاوف القائمة في هذه المنطقة أو تلك، فإن هذه المطالب تضمن في الرؤية الشاملة التي تقدم بالبرنامج الحكومي ليكون مطمئنًا لجميع العراقيين وضامناً لحقوقهم ومطالبهم.

ودعا الحكيم الكتل السياسية إلى التعامل بمرونة وايجابية كبيرة من اجل سرعة تشكيل الحكومة.. وقال "إن وجود حكومة متفق عليها يشارك فيها الجميع ستحظى بدعم اقليمي ودولي كبيرين ما سيساعد في عملية استتباب الامن ومواجهة القوى الارهابية وايضًا سيساعد في سرعة تقديم الخدمات للمواطنين وطي صفحة من الازمات والاشكاليات والاختناقات السياسية بين الاطراف والذهاب إلى رحاب الاتفاق والوئام والمحبة والتعاون والمسؤولية التضامنية التي دائمًا ما نتحدث عنها ونص عليها الدستور".

ومن جانبه، قال الجبوري في المؤتمر الصحافي إن هناك ارادة لدى الاطراف السياسية في أن تكون الحكومة المقبلة منسجمة وتضم جميع القوى والتيارات السياسية والاجتماعية وبناء البلاد على اسس صحيحة قائمة على احترام مؤسسات الدولة سواء كانت التشريعية أو التنفيذية، وحتى القضائية. وأضاف أن كل الاطراف ترغب في أن يكون لها حضور فاعل ومؤثر في القرار الامني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وقد أبدى الحكيم تفهمًا كبيرًا لطبيعة المطالب التي قدمت من قبل الاطراف السياسية اجمع.

وأضاف الجبوري قائلاً: "لا يمكن أن نتحدث اليوم عن حكومة يشكلها طرف، وتكون بقية الاطراف الاخرى تابعة له.. نحن نتحدث عن حكومة للجميع يسهم فيها الكل ويكون له قدر متساوٍ من صنع القرار وتحمل المسؤولية والحقوق والالتزامات الحاصلة الموجودة، وعليه فإن طرفًا ما سيشكل الحكومة ويرتضي لنفسه أن ينفرد بالقرارات ويجعل الاطراف الاخرى تشارك بصورة شكلية، وهذا الامر لا يمكن القبول به ونعتقد أن الحكومة المقبلة هي للجميع وللشراكة التي تضم الكل ويصنع فيها الجميع القرار، وبالتالي فإن الرؤية الاستراتيجية وصنع القرار الامني والسياسي والاقتصادي هو مطلب الكل مثلما أن الكل يريد حقوقًا، فالكل مستعد لأن يتحمل الالتزامات، وهذا هو النهج التفاوضي الغالب.. هي ليست مفاوضات مغالبة بين طرف وآخر، وانما مفاوضات لغرض المشاركة ولرؤية موحدة في بناء الدولة العراقية ".

وكان رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي دعا الاثنين الماضي القوى السياسية إلى تقديم برامجها السياسية لتشكيل وزارته ليتم الاتفاق على البرنامج العام للحكومة الجديدة، ويتم بعدها ترشيح اسماء الوزراء واشترط بأن تكون الشخصيات كفوءة ونزيهة.

وكلف الرئيس العراقي فؤاد معصوم في 11 من الشهر الحالي مرشح كتلة التحالف الوطني الشيعي حيدر العبادي بتشكيل الحكومة على وفق التوقيتات الدستورية على أن تعلن الحكومة الجديدة قبل التاسع من الشهر المقبل.