تمنح الكاميرات وأنظمة الانذار الحيطان آذانًا، لكن السجادات والأرضيات الذكية من معهد فراونهوفر الألماني تمنح الأرض ذكاءً وعيونًا.

ماجد الخطيب: يستخدم معهد فراونهوفر الألماني في دارمشتادت أرضيات ذكية في عدد من مستشفيات وبيوت رعاية المسنين، لاختبار كفاءتها في الاخبار عن المتاعب التي قد يتعرض لها المسنون، أو المصابون بمرض ألزهايمر. فقد زود علماء المعهد هذه الأرضيات، التي قد تكون سجادًا أو أرضيات خشبية أو بلاستيكية، بعيون وآذان تخبر العاملين في المستشفى بسقوط أحد المرضى أو اقتراب انسان غريب منه.

سجاد ذكي

يمكن لهذا الابتكار أن يستخدم أيضًا في بيوت المسنين الراغبين في الاقامة بمفردهم في بيوتهم، لأن الأرضية تخبر عن الإنسان الساقط عليها إذا عجز عن الحركة بعد فترة ما، وترسل بعض المعلومات عن حالته إلى المستشفى كي يتخذ المسؤولون ما يلزم.

وتطلق السجادة، أو الأرضية الذكية، جهاز الانذار في البيت أو لدى الشرطة، عند تسلل لص ما إلى البيت. فهي قادرة على التمييز بذكاء إلكتروني بين صاحب البيت والمتسلل، كما يمكنها أن تفرق بين حيوان أليف في البيت وبين الإنسان.

والمهم أيضًا أن التقنية جاهزة للسوق، بعد أن نال معهد فراونهوفر براءة اختراع فيها. وذكر مسؤولو المعهد أن السجادات الذكية ستكون في متناول المستهلك في العام المقبل وبأسعار مقبولة، تجعلها مناسبة لكل بيت ولكل مستشفى أو دار لرعاية المسنين.

ولن يقتصر الإنتاج على السجاد والأرضيات الخشبية السائدة هذه الايام، ويمكن أن تشمل البلاستيك والمواد الصناعية الأخرى.

تشعل النور أيضًا

ذكر الباحث راينر فيشرت، من معهد فراونهوفر، أن الأرضية الذكية لا تطلق انذارًا فحسب، بل تشعل النور في الحال بوجه المتسلل. كما تخبر الوالدين إذا سقط أحد الأطفال من فراشه على الأرض، أو إذا غادر أحد الأطفال البيت، وهذا يعني انها قد تنقذ حياة انسان إذا تعرض لجلطة قلبية أو لأزمة ما.

أطلق العلماء على الأرضية الذكية اسم "كاب فلور" وزوّدوها بأجهزة استشعار للاحتكاك والوزن والحرارة، ما يؤهلها لتخبر عن درجة حرارة الجسم الواقف عليها ووزنه وربما نبضه.

وثمة إمكانية كبيرة لتطوير وتنويع مهمات كاب فلور، بحسب فيشرت، كي تقوم بمهمات إضافية مثل تشغيل المدفأة حال دخول صاحب البيت إلى المنزل. والمهم أيضًا أنه من الممكن تحميل المعلومات الإضافية للسجادة بواسطة سمارتفون، كما يمكنها أن ترسل رسائل الكترونية قصيرة وأن تتلقاها أيضًا.

فولتان يكفيان

شبّه فيشرت عمل السجادة الذكية "كاب فلوور" بعمل شاشات اللمس السائدة، والتي تعمل أيضًا في سمارتفون، إذ تعمل أقدام الإنسان الذي يطأ السجادة مثل لمسة اصبع اليد على شاشات الكومبيوتر، وتعمل السجادة بواسطة تيار غير محسوس لا يزيد عن 2 فولت، لكنه يكفي لتشغيل أجهزة الاستشعار المبثوثة في الأرضية.

وللمقارنة، فإن شاشة اللابتوب العاملة باللمس تستخدم تيارًا يرتفع إلى 20 فولت، في حين تستخدم السجادة الذكية 2 فولت فقط. وعلى هذا الأساس لا توجد أية مخاطر من استخدام السجادة في البيت، كما لا تحتاج إلى رعاية وتنظيف، لأنها تطرد الأوساخ عنها.

ومن ذكاء السجادة أنها تحذر أصحاب البيت، أو غرف الطوارئ أو الشرطة، وفق درجات انذار مختلفة. تكتفي أولًا باشعال النور لتحذير أصحاب البيت، أو لإخافة اللص. ثم تطلق جرسًا في غرف أصحاب البيت في درجة إنذار ثانية، وإذا لم تنفع هذه الإجراءات تنتقل السجادة إلى مرحلة قرع أجراس الحذر لدى الشرطة والطوارىء.

ويتوقع خبراء معهد فراونهوفر أن تكون لهذه السجادة سوق رائجة في قطاع البناء، وخصوصًا الخشب لتغطية أرضيات الغرف والصالونات، وفي تغطية الجدران أيضًا، لمن يرغب.

حمض نووي للأشياء الثمينة

يمكن للحمض النووي اليوم أن يكشف عن مجرم ارتكب جريمته قبل 30 سنة، إذا كان المحققون يحتفظون بما يشي بحمضه النووي. لكن شركة س أي س سيفتي تريد تزويد الأشياء بحمض نووي صناعي يمكن أن يستخدمه رجال الشرطة في ملاحقة مصير الحاجة الثمينة المسروقة. وسبق للشركة أن زودت البنوك بما اسمته "دش الحمض النووي"، وهي أحماض نووية صناعية ترش على الأوراق النقدية ويمكن لاحقًا كشفها بالأشعة فوق البنفسجية.

وبعد رشاش الحمض النووي، توصلت الشركة إلى صبغة حمض نووي تصلح لمختلف الحاجات الثمينة الممتدة بين ساعات روليكس والمجوهرات والكومبيوترات. وهي أحماض نووية غير مرئية يمكن دهن المجوهرات بها، ويمكن للشرطة، بعد سرقتها، أن تميزها عن المجوهرات المماثلة بالكشف عن هذا الحمض النووي باستخدام الأشعة فوق البنفسجية.

وتعتبر مجموعة معاهد فراونهوفر من أكبر المؤسسات العلمية في ألمانيا، ونالت معاهدها المختلفة 603 براءات اختراع في العام 2013. وترتفع مخصصات المعهد إلى 20 مليار يورو، يرده القسم الأعظم منها من خلال أبحاثه لصالح مختلف المؤسسات الاقتصادية. كما تساهم الحكومة الألمانية الاتحادية، وحكومات الولايات، بقسطها من تمويل أسرة فراونهوفر المؤلفة من 67 معهدًا تشغل 23 ألف انسان.