هاجمت صحيفة بارزة، السياسات السائدة بوزارة الأوقاف الكويتية "التي تتخبط بصراع السلف والإخوان، بلا بوصلة للتعامل مع المستجدات الإقليمية والدولية".


نصر المجالي: قالت صحيفة (القبس) في مقال لافت تحت عنوان (شيلني وأشيلك)، إن هذه هي السياسة السائدة في وزارة الأوقاف، التي تعاني الإهمال واللامبالاة، ويهيمن عليها عادة وزير سلفي أو إخواني، وفق تحالف حكومي وقوى سياسية، جعلها تغرق في دوامة الشعارات، وتقبع خلف خطوط اللاإنجاز.

وقال كاتب المقال حمد السلامة إن وزارة الأوقاف تحولت إلى ساحة للتدخلات النيابية، خاصة أنها تعاني خللاً في جملة قضايا لعل من أبرزها:
- التعاون مفقود بين الشباب والوزارة
- الوسطية.. ضحك على الذقون
-& قياديو ربع القرن خدمة.. مكانك راوح
- حملات الرصيف.. مسلسل مكسيكي
- المؤتمرات "جليب التنفيع"
- الدراسات الإسلامية بؤرة تجاوزات
- سد التخلف يبقي المرأة خارج حدود المناصب القيادية
- هيئة الفتوى في وادٍ.. وقضايا المجتمع في آخر
- لا احترام لتقارير "المحاسبة"

شيلني واشيلك

وأوجز المقال غير المسبوق بعض محطات الاهمال واللامبالاة، وهي تتمثل بـ"سياسة شيلني واشيلك" في الاوقاف، وهي الوزارة التي عادة ما يتولاها وزير سلفي أو اخواني، ويكون هذا الوزير هو حصيلة تحالف ما بين الحكومة والقوى السياسية، ولذلك فإنها لا تزال في دوامة الشعارات وخلف خطوط اللاإنجاز.

وأضاف كاتب المقال: الوزارة التي تتخبط بصراع السلف والاخوان فقدت بوصلة التعامل مع المستجدات الاقليمية والدولية. وكم نحن بحاجة ماسة، في ظل هذه الظروف، الى أن تكون منابرنا منابر اصلاح وتسامح ومحاربة لأفكار التطرف التي تتمدد يومًا بعد يوم.

قياديو "ربع القرن"

وأشار المقال إلى أن بعض قياديي وزارة الأوقاف مضى على وجودهم في مناصبهم نحو ربع قرن، وشكّلوا ما يشبه السد المنيع أمام وصول القيادات الشبابية إلى مواقع القرار. واللافت أن هؤلاء القياديين يحرصون على إعداد وحضور مؤتمرات تقييم الإنتاجية ووضع الخطط، بينما هم ومنذ نحو 25 عاماً "مكانك سر".

والمشكلة الأساسية هي عدم اعتراف مثل هؤلاء بفشلهم في وضع حلول جذرية لمشاكل الوزارة، ومنها تكويت الإمامة والخطابة، وإبراز دور هيئة الفتوى وتواصلها مع المجتمع، وتحويل مراكز دور القرآن إلى مكان علمي ديني توعوي وأسري وليس فقط لتحفيظ القرآن وتجويده، لأن كتاب الله تعالى عندما يتم العمل على تنشئة الشباب بمفاهيمه العلمية والأدبية والأسرية وليس الشرعية فقط، فإنه يكون لدينا جيل واعٍ بعيد عن القبلية والتعصب والطائفية والعنف.

"الوسطية"& ضحك على العقول

وقال الكاتب حمد السلامة: حين أقرت ميزانية اللجنة العليا لتعزيز الوسطية بتكلفة تجاوزت الــ9 ملايين دينار كان الهدف منها حماية الشباب من التطرف والأفكار الإرهابية ودعم نظريات تقبل الرأي الآخر، ونشر التسامح والفكر المعتدل، وتوعية المجتمع بكل فئاته، إلا أن ما يدعو للأسف أن المركز شبه غائب عملياً، ولو سألت أحداً من المواطنين أو المقيمين عن دور المركز، أجاب: لا أعلم.

ولوحظ أن القائمين على المركز حرصوا على عقد مؤتمرات الوسطية في دول أوروبية، بينما أبناؤنا أحق بنشر ما يمكن أن ينشر من أفكار معتدلة، رغم أن البعض يقول إن المؤتمرات "الوسطية" دائماً ما تعقد خلال فصل الصيف.

واضاف كاتب المقال: وحين يتم الإعلان عن وجود أكثر من 300 متطرف فكرياً في البلاد، فهذا يعني أن هناك جهوداً وأدواراً يجب أن تكثف من هذا المركز، إلا أننا لم نرَ أي إعلان عن انخفاض هذا الرقم منذ سنوات عدة. كما لم نلمس أي تحرك إيجابي لمواجهة الفكر المتطرف.

ومما لا شك فيه أن "الوسطية" تحتاج إلى تقييم شامل لأهم وأبرز إنجازاتها، ناهيك عن العمل على إبراز هذا المركز وأدواره إعلامياً ومجتمعياً وأسرياً، بدلاً من التفاخر بوجوده فقط، فحين يتم استثمار الميزانية المخصصة لهذا المركز وتحديد جميع الأهداف التي أنشئ من أجلها فسيكون مركزاً كالدرع الواقي لفئات عدة في المجتمع. وأخيراً، اللجنة العليا لتعزيز الوسطية بحاجة إلى نسف في الشكل والمضمون كي لا تبقى في دائرة الضحك على العقول.

"الدراسات الإسلامية" بؤرة تجاوزات

وأشار المقال الى أنه رغم وجود الكثير من مراكز تحفيظ القرآن التابعة لقطاع الدراسات الاسلامية، فإن هذه المراكز تحتاج الى اعادة هيكلة لتحقيق الاستفادة المرجوة منها. وحسب مصادر مسؤولة، فإن قطاع الدراسات الاسلامية أضحى بؤرة تجاوزات ومخالفات، وهو ما كشفته تقارير ديوان المحاسبة.

فوضى

وتساءل الكاتب: هل يعقل أن تصبح هيئة القرآن الكريم وعلومه مكاناً يعج بالفوضى والتجاوزات؟، سؤال يطرح نفسه بعد أن تزايدت التجاوزات والتخبط الذي بدأ منذ انشائها، فضلاً عن الشبهات والاتهامات التي لا تليق بهيئة معنية بنشر كتاب الله.

وهنا، قال أيضًا: إن بعض المؤذنين يطلبون من الفراشين إلقاء الاذان في حال تأخر في مشواره!

"السلف" و"الإخوان"

واشار الكاتب الى أن الصراعات في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مشكلة ضاربة بجذورها في أعماق العمل، وقد تحوّلت بعض إدارات الوزارة إلى ما يشبه صراعاً بين "الإخوان" و"السلف" وغيرهما، للظفر بأكبر عدد من الوظائف القيادية والإشرافية، نظراً الى ما يشكله المنصب من قوة ودافع لأصحاب الأجندة السياسية.

وليس غريباً أن نرى تحوّل الأوقاف الى ساحة للتدخلات النيابية، حيث أن عقدة عقد النائب هي المضي في خدمات التوظيف، وهل هناك أفضل من "الأوقاف" وإداراتها مرتعاً للعمل؟! وما يزيد خطورة الأمر هو تقاسم المناصب القيادية بين "الإخوان" و"السلف" بعيداً عن الكفاءات، ويقول أحد القياديين إن المقياس هو مدى نفوذك خارجياً بين "الإخوان" و"السلف".

حملات الرصيف.. مسلسل مكسيكي

وقال السلامة إن حملات الرصيف اصبحت صداعاً في رأس وزارة الاوقاف، فهي ظاهرة غير قانونية تتكرر كل عام بلا رادع، حتى تحولت الى ما يشبه "المسلسل المكسيكي"!. وحسب مصادر مسؤولة في الوزارة، فإن هذه الحملات التي تتكسب من وراء الفريضة المقدسة تحتاج الى اجراءات رادعة وعقوبات تمنع كل من تسول له نفسه امتهان هذا التلاعب بفريضة الحج.

وخلال مواسم الحج الماضية، تزايدت حملات الرصيف، وذاق الملتحقون بها الامرين جراء تركهم بلا خدمات، فضلاً عن عدم وجود أي جهة تستمع الى شكواهم وتردع القائمين على الحملات غير القانونية.


المؤتمرات.. "جليب التنفيع"

ونبه الكاتب الى أن كثيرًا من المؤتمرات التي ترصد ميزانيات كبيرة من دون أية نتائج تذكر، ونجد أن شعارات كبيرة تطلق في صالات ضخمة والنتيجة.. وجوه مكررة وكأن بعض رجال الدين هم أنفسهم الذين يجولون في الكويت والخليج والعالم العربي، فأين الأفكار الشبابية السمحة؟

نرى أيضًا أن الموظف "المستقل" يحرم من المشاركة في المؤتمرات والمهمات، ويدفع بالتالي فاتورة عدم انتمائه إلى تيار ذي ثقل في الوزارة. ومثل هؤلاء بحاجة إلى&اسماع&صوتهم وآرائهم!، وخلاصة القول إن المؤتمرات والمهمات الرسمية هي "جليب التنفيع".

رغبة الخالد في الإصلاح

وقال السلامة ان نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية وزير الأوقاف بالوكالة الشيخ محمد الخالد، يعمل على متابعة أمور الأوقاف أولاً بأول، رغم انشغالاته الأمنية الكبيرة. وتقول مصادر مطلعة إن الخالد لن يقبل ان يكون شاهد زور على ما يجري في الوزارة، حتى ولو كان بالتكليف، وانه دائماً ما يصرح في مجالسه بأن المهنة مسؤولية، والمسؤولية أمانة.

الثقافة الإسلامية والروتين

ودعا الكاتب الى "نفضة" بقطاع الثقافة الإسلامية وتفعيل لأدواره المنوطة به لنشر الثقافة الإسلامية بين الجاليات وغيرها، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يتم حصر دور قطاع الثقافة الإسلامية في إلقاء دروس وأنشطة في المساجد فقط؟

فمن المفروض أن نرى دور الثقافة الإسلامية وقد امتدت أنشطتها في الأسواق والأماكن العامة والتربية والعديد من الوزارات، ووضع حلول لبعض الظواهر العديدة في المجتمع، ووقوفها كقطاع يختص بوضع حلول للمجتمع.

احترموا تقارير المحاسبة

وأشار&الكاتب الى أن تقارير سنوية من قبل ديوان المحاسبة ترصد المخالفات والتجاوزات المالية في بعض القطاعات، إلا أن قياديي الأوقاف لم يعيروا المخالفات اهتماماً، والدليل أننا لم نرَ أي احالة الى النيابة!، كما أن هناك بعض لجان التحقيق التي شكلت من قبل وزراء سابقين لم نرَ نتائج لها، وكان مصيرها الأدراج والحفظ.

هيئة الفتوى

وقال الكاتب السلامة إن هيئة الفتوى رغم دورها المحوري في إصــدار الفتــاوى ذات الصــلة بحيــاة الناس، فإنها في وادٍ وقــضايا المجتمع في آخر!

وواقع هيئة الفتوى يؤكد أن مواكبتها بعض الاحداث في البلاد تعتبر شبه غائبة، الأمر الذي يضع علامة استفهام، فمن الضروري وجود الفتاوى ضد الظواهر الدخيلة على المجتمع وتطوير الآليات التي تسير عليها هيئة الافتاء بكل السبل والوسائل، ليكون دورها واضحاً وسريعاً في الرد على الشبهات ومناهضة الأفكار الشاذة. ومن السلبيات عدم وضع أي مناهج جديدة في هيئة الافتاء أو اضافة اسماء جديدة، سوى اضافات تعتبر طفيفة منذ سنوات عدة.

الاتفاق الوحيد

ونقل الكاتب عن مصدر&في "الأوقاف" قوله:&إن "الإخوان" و"السلف" الذين يتقاسمون مواقع القرار اختلفوا على كثير من الأمور، لكنهم اتفقوا على تحجيم المرأة. ويلاحظ أن كلاً من "الاخوان" و"السلف" هم اول المستفيدين من أصوات المرأة في الانتخابات!

الأفكار المتطرفة

ويقول الكاتب: في ضوء الأفكار المتطرّفة التي تجتاح شبابنا، ثمة من يتساءل: لماذا لا يكون هناك تعاون وثيق وحقيقي على أرض الواقع، لا محاضر الاجتماعات فقط بين وزارة الشباب ووزارة الأوقاف؟!
فاولئك الذين يغرر بهم هم شباب في بعض المساجد والساحات الترابية وبعض المخيمات الربيعية التي تطلق العنان للأفكار المتطرّفة.

ان إنشاء وزارة الشباب جاء تماشياً مع متطلبات العصر، وسبر أغوار تفكير الشباب، وإيجاد حلول ناجعة لمشاكلهم، وتلمس الأخطار المحدقة بهم قبل أن تصل إليهم. ولكن، هل تقوم وزارتا الشباب والأوقاف من خلال منابرهما بهذا الدور؟

انه سؤال برسم المسؤولين والمعنيين، ولكنا نرى كيف أن رياح التطرف تضرب المجتمعات القريبة منا، والشباب أول الضحايا. والخطير في الأمر أن وزارة الأوقاف تعترف بوجود 300 متطرف فكرياً، فمن الذي سمع عن خطة عملية إجرائية بعيدًا عن محاضر الاجتماعات والكتب الرسمية والتصريحات لمعالجة هذه المشكلة؟!

ثم، ما مصير المتطرفين الــ 300؟ أين هم؟ هل دمجوا في المجتمع، وهل ارتفع عددهم في ظل التطورات الإقليمية، أم تراجعوا؟!

خريطة طريق

ويخلص المقال الى وضع خريطة طريق تشكل بداية كل المشاكل المزمنة في وزارة الأوقاف، ومنها:

1- على كل وزير أصيل يتولى مهام وزارة الأوقاف أن يستمر في عمله لإصلاح الوزارة، فنلاحظ أن معظم الوزراء يتعهدون بعد تولي عملهم الوزاري بالإصلاح، ثم ما يلبثون أن يقفوا أو تتجمد خطط الإصلاح، فالمطلوب هو استمرار وتنفيذ خطط الإصلاح.

2- العمل على القضاء على فكرة أن هذه الوزارة حكر على قياديي السلف والإخوان، والعمل بمبدأ أنها وزارة تهم كل الكويتيين، وتحديداً فئة الشباب منهم. ولماذا لا يكون للأوقاف وزير مستقل؟

3- تعاون وثيق وفعّال بين وزارة الشباب ووزارة الأوقاف، وتلمس هموم الشباب والعمل على حلها، وعلى المعنيين التأكد من ملامسة هموم الشباب وتطلعاتهم قبل أن تجرفهم فوضى التطرف.

4- مراقبة شديدة لمنابرنا، وإنزال عقوبات رادعة بحق كل من يخالف ميثاق المسجد.

5- فتح تحقيق سريع في الأموال التي تصرف بغير وجه حق، لا سيما "مكافآت التنفيع"، والتأكد من إحالة المتورطين، أياً كانوا، إلى التحقيق، ومن ثم المحاسبة لا الاكتفاء بالإجراءات الروتينية.

6-& وضع خطة استراتيجية جديدة تتواءم والمرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في إعداد هذه الخطة، كما يجب مواكبة الحدث من خلال إصدار الفتاوى التي تحصن المجتمع ودولة المؤسسات.

7-& يجب التعاون مع وزارة الإعلام لإطلاق خطاب تسامحي توعوي واضح.