تحدثت مصادر دبلوماسية أميركية عن أهداف جولة الرئيس أوباما الراهنة، ومشاركته في قمة حلف الأطلسي، التي تبدأ الخميس في ويلز، مؤكدة مساعيه إلى تمتين قوة الشراكة بين دول ضفتي الأطلسي والأمن العالمي.


نصر المجالي: حسب كيتلن هايدن، المتحدثة الرسمية باسم مجلس الأمن القومي، فإن أوباما، الذي وصل إلى تالين عاصمة أستونيا، الثلاثاء، سيمضي يومًا كاملًا وحافلًا بالفاعليات اليوم الأربعاء، بما في ذلك اجتماعات صباحية مع الرئيس توماس هندريك ورئيس الوزراء تافي رويفاس، لمناقشة الروابط الثنائية، والتعاون الاستراتيجي والإقليمي، والشراكة على ضفتي المحيط الأطلسي.

كما سيزور الرئيس الأميركي متحف كادريورغ للفنون، حيث يجتمع برؤساء جميع دول البلطيق الثلاث، وهم: الرئيس الأستوني، ورئيس لاتفيا آندريش برجينيش، ورئيسة ليثيوانيا، داليا غريبوسكايتي. وفي المساء، سيخاطب أوباما الطلاب، والمهنيين الشبّان، وشخصيات المجتمع المدني، والزعماء السياسيين، في قاعة نورديا للموسيقى الأوركسترية الأستونية.

في ويلز
أضافت هايدن أنه في يوم 4 أيلول/سبتمبر، يبدأ الرئيس أوباما يومه في مقاطعة ويلز بزيارة مدرسة بصحبة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. أما بعد الظهر، فسوف يقف لالتقاط صورة تذكارية مع الزعماء الآخرين للمجموعة التقليدية، الذين يحضرون قمة حلف الناتو في منتجع كيلتك مانر في ضواحي بلدة نيوبورت.

بعد ذلك، يستهلّ زعماء دول الحلف جلسة العمل الأولى للقمة، التي ستركّز على أفغانستان، يعقبها اجتماع للجنة ناتو-أوكرانيا؛ ثم يختتم الزعماء يومهم الأول من الاجتماعات بعشاء عمل يتناول التحديات الأمنية. وفي اليوم التالي، يشارك الرئيس الأميركي في جلستي عمل مقرّرتين، تناقش إحداهما مستقبل حلف الأطلسي، بينما تركّز الأخرى على الروابط بين دول ضفتي المحيط الأطلسي. أخيرًا يعقد الرئيس مؤتمرًا صحافيًا قبل مغادرته ويلز عائدًا إلى واشنطن.

وقالت المتحدثة الرسمية باسم مجلس الأمن القومي إنها تتوقع أن يعقد أوباما عددًا من الاجتماعات الثنائية على هامش القمة، غير أنه لم يُحدّد بعد جدول لهذه الاجتماعات. الجدير بالتنويه بأن وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل سيحضران قمة الناتو بمعيّة الرئيس.

أهداف القمة
أما بالنسبة إلى الأهداف الرئيسة التي يضعها أوباما لقمة حلف شمال الأطلسي في ويلز، فقد صرّح تشارلز كوبكن، المدير الرفيع المستوى للشؤون الأوروبية في البيت الأبيض، للصحافيين بأن هناك ثلاث قضايا موسعة يتضمنها جدول الأعمال، وتشكل رحلة الرئيس الراهنة، وهي:
- الرد على الأفعال الروسية في أوكرانيا بتقديم مساعدة سياسية وأمنية إلى أوكرانيا، وبدعم مساعي الطمأنة الإجمالية لحلف الأطلسي، سواء داخل أراضي دول الحلف، أو خارج تلك الأراضي.
- التحول بفعالية من مهمة قوة المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان (إيساف) إلى مهمة الدعم الحازم في أفغانستان، حيث تتحرك القوات الأميركية وشركاؤها من قيادة القتال في العمليات الحربية إلى دور يركّز أكثر بكثير على تقديم المشورة والتدريب.
- الدفع قدمًا بدور حلف الناتو كمحور للأمن العالمي، وذلك بتعزيز الشراكات التي تأسست في أفغانستان، واستخدام طرق جديدة لتوطيد الأمن على أسس واسعة النطاق للغاية.

أوكرانيا
وبالنسبة إلى المساعدة الأمنية إلى أوكرانيا، قال كوبكن: "من الواضح أننا الآن في لحظة أصبح فيها الوضع الميداني في أوكرانيا معقدًا؛ وبالتالي فإننا نتدارس منظومة كاملة من الخيارات التي يمكن بها لحلف الأطلسي، سواء جماعيًا أو انفراديًا من جانب أي من أعضائه، أن يعزز أمن أوكرانيا".

ونوّه المسؤول في البيت الأبيض بأن الزعماء المجتمعين في قمة ويلز سيتدارسون سبل "توطيد مسعى الطمأنة" وتزاوج خطة العمل السريع للدول الأعضاء في الحلف مع الخطة الجماعية للحلف لزيادة التأهب.

وقال كوبكن: "إن ذلك سيتضمن التدريب وإجراء المناورات العسكرية، والبتّ في أي نوع من البنى التحتية سنحتاجه في دول البلطيق... وفي بولندا وفي رومانيا ودول أخرى على الحدود الشرقية، للتعاطي مع عالم تواجه فيه هذه الدول دواعي قلق متجدد من النوايا الروسية". وأضاف أن "مسعى الطمأنة سيؤكد مجددًا أيضًا أهمية الباب المفتوح لحلف الأطلسي، واحتمال انضمام دول أخرى إلى عضوية الحلف".

ثم خلص المدير الرفيع المستوى للشؤون الأوروبية في البيت الأبيض إلى القول: "صحيح أن قمة الحلف لهذا العام لن تنظر في أمر توسيع عضويته، ولكنها ستمضي قدمًا في توفير صفقات من المساعدات إلى جورجيا، وستمضي قدمًا أيضًا بالنسبة إلى إمكانية انضمام دولة الجبل الأسود إلى عضوية الحلف".

أفغانستان
تطرّق كوبكن إلى المسألة الأفغانية بقوله إن القضايا الرئيسة التي سيعالجها زعماء دول الناتو بالنسبة إلى أفغانستان هي توفير الموارد اللازمة لأداء المهمة، وضمان توفير مستويات القوة المطلوبة لتدريب الأفغان وإسداء المشورة لهم، على أن يتأتّى ذلك بمساهمات من الدول الأعضاء في الناتو فضلاً عن الشركاء.

كما إن الجلسة المخصصة لمهمة إيساف ستناقش أيضًا المضي قدمًا بالشراكات. وبهذا الخصوص، قال كوبكن: "إننا ندخل عالمًا يصبح فيه الناتو أقل بروزًا في أفغانستان، ولكننا في الوقت عينه نوّد أن نتّعظ من العبر التي تعلمناها، وأن نستفيد من الشراكات التي بنيناها - ما نسمّيه محفل التكافل الذي نشأ حينما تعلّم أعضاء الناتو أن يتعاملوا مع مجموعة كبيرة من الدول عبر العالم. ولذا فنحن سنقوم بتطوير برنامج من الشراكة للتيقن من أن علاقاتنا مع هؤلاء الشركاء تمضي قدمًا".

والتركيز الثالث لحكومة أوباما في القمة الحالية سيكون على شرح ما يفعله الحلف للنهوض بدوره كمحور للأمن العالمي، سواء من حيث الحفاظ على الشراكات وتوسيع نطاقها، أو من حيث بناء الطاقة الدفاعية. وقال المسؤول الأميركي إن المجموعة ستستخدم موارد الحلف وقدراته وخبرته لمساعدة الدول والمناطق الأخرى على أن تنجز لنفسها ما أنجزه حلف الأطلسي للمجتمع الأوروبي-الأطلسي. ومن المتوقع أن يناقش الزعماء مكان ونطاق هذه التوسعات.

ومضى كوبكن إلى القول: "في اعتقادي أن الرئيس يميل إلى إقناع الناتو بالانخراط أكثر فأكثر في الشرق الأوسط، ولا سيما التعامل مع الخطر الآتي من داعش، والتعاطي مع وكالات العمل الإنساني في المنطقة".

وفي الختام، يرى كوبكن أن الرئيس أوباما يريد أن يتأكد من أن "هذه القمة تبيّن استعداد جميع أعضاء الحلف للمساهمة في المساعي الجماعية، ويتوقع أن "يكون هناك تعهد من نوع ما في القمة التي نأمل في أن تحمل كلّ أعضائها على التحرك في اتجاه زيادة مواردنا الدفاعية، والمساهمة بنصيب عادل ومتناسب في المجهود الرامي إلى تعزيز الدفاع الجماعي وتوطيد دور الحلف كمحور للأمن العالمي".

&