تضرب موجة التطرف عمق لبنان مع احتجاز عناصر لقوى الأمن والجيش من قبل النصرة وداعش، والتهديد بذبح المزيد من العسكريين، كيف يمكن مواجهتها وأي دور لقوى الاعتدال في مواجهة كل التطرّف الذي يأتينا من تنظيمات إرهابية كتلك؟.


ريما زهار من بيروت: تصل أخبار تنظيم داعش والنصرة من خلال نموذج تطرّفي من قطع رؤوس محتجزين وتهديد بقطع رؤوس أخرى، فكيف يمكن تفسير موجة التطرّف أو& الهمجية إذا صح التعبير التي تضرب المنطقة وتهدّد لبنان أيضًا؟.

خطأ مكلف
يقول النائب باسم الشاب (المستقبل) لـ"إيلاف" إن التطرّف الديني لا يعادله سوى الاعتدال، ويخفف منه، وهذه هي مكونات الشرق، ونتمنى أن يكون الإعتدال هو الأقوى& خصوصًا في لبنان، والمعتدلون من كل الطوائف يجب أن يتعاونوا من أجل أرضية مشتركة، فالاعتدال الثقافي والحضاري والديني يجب أن يكون مساحة تلتقي فيها جميع الطوائف.

يلفت الشاب إلى أن تصويب الأمور يحتاج وقتًا، لأن ما نشهده هو نتيجة قرون من التطرّف والجهل، ويجب وقف النزف بالنسبة إلى المسيحيين في الموصل، والأهم يبقى التعاطي مع المجتمعات المسيحية، حيث التطرّف الديني. ويؤكد الشاب أن صوت الاعتدال كان موجودًا عندما هدد المسيحيون في الموصل، لكن الناس لم تكن تريد سماع هذا الصوت، ورأينا في لبنان كيف كان أكبر خطأ عندما اتهم حزب الله تيار المستقبل المعتدل بأنه بيئة حاضنة للإرهاب والتكفيريين.

أسباب داعش والنصرة
بدوره يعتبر الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه لـ"إيلاف" أن أحد الأسئلة المسكوت عنها حتى الآن هو مسألة بروز تنظيم داعش والنصرة، والسؤال ما هي الأسباب التي أدت إلى نشوء مثل هذه التنظيمات المتطرّفة، أين كانت وكالات الاستخبارات الإقليمية والدولية؟، كيف أنها لم تكتشف تنامي مخاطر بروز مثل هذا التنظيم، حتى بلغ المقاتلون المنضوون تحت الشعارات المتطرّفة هذه الأرقام الكبيرة، فهذا التنظيم هو عدو جديد للجميع، ولاحظنا أنه للمرة الأولى تلتقي مجموعة أضداد بينها خلافات كثيرة ضد تنظيم داعش والنصرة، وللمرة الاولى نلاحظ جهودًا مشتركة بين دول مختلفة في ما بينها، لأن خطر الإرهاب هو داهم، وهو خطر كبير، وإذا لم تكن لدى دوائر معينة معلومات عن كيفية نشوء هذه العناصر فهي مشكلة، وإذا كانت لديها معلومات ولم تعالجها، فهنا المشكلة أكبر.

ويلفت مالك إلى أننا في بداية مواجهة تطرّف جديد يحتاج معالجات استثنائية، والسؤال هل التحالف الجديد التي دعت إليه أميركا بمواجهة النصرة وداعش سيكون فاعلاً؟، السؤال يملك الكثير من الاحتمالات برأي مالك.

تهديد للبنان
أي تهديد للبنان اليوم في وجه هذا التطرّف الناشىء؟، يجيب مالك أن لبنان طبعًا يواجه إشكالية كبيرة في قضية التعاطي مع تنظيم داعش والنصرة، خصوصًا أن مشكلة احتجاز هذا العدد الكبير من رجال الأمن والجيش مشكلة بالغة التعقيد ومرشحة للتعقيد أكثر فكأكثر، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية معينة، وحتى لو انتهى إشكال داعش في منطقة عرسال حاليًا فلبنان لن يكون بمأمن من الإرهاب، لأنه على اللبنانيين رغم كل المطبات الداخلية من فراغ وشغور والسلطات التشريعية، أن يتوحدوا، كل هذه الأمور لن تنفع إلا إذا توحّد الداخل في سبيل مواجهة الإرهاب، اللبنانيون منهمكون في خلافات مختلفة، لكن خطر داعش يجب أن يجمعهم لتوحيد قراراتهم.

جذور التطرّف
وردًا على سؤال ما هي جذور التطرّف في المنطقة، والتي باتت تهدّد لبنان، يجيب مالك: "الموضوع ليس جديدًا، ولكن منذ البداية منذ حقبة التسعينات من القرن الماضي، ومنذ أفغانستان، كل هذه المؤشرات كان على السلطات أن تتنبه لمخاطرها، وقد تنامى الخطر الإرهابي مستغلاً الدين بأبشع مظاهره، وليس من نضال هذا الذي يقطع رؤوس المخطوفين ويصدرهم إلى أهاليهم، فهذه همجية، حتى في العصر الجاهلي لم يعرف العالم العربي مثل تلك الجرائم الوحشية، وهي ظواهر بالغة الخطورة، ويجب الإعداد لاستراتيجية خاصة ضد الإرهاب.

الاعتدال
ويلفت مالك إلى أن الاعتدال سمة تميز لبنان، ويجب أن يتمسك بها، لكنها لا تكفي في هذه الفترة، لأن الوضع إستثنائي بكل ما للكلمة من معنى، ولكن هذا لا يعني مقاومة التطرّف بالتطرّف، لكن يمكن توظيف الاعتدال لعدم انتشار المزيد من التطرّف الإرهابي الحاصل حاليًا، من خلال إقناع أطراف إقليمية ومحلية بأن التطرّف لا يمكن أن يعالج بتطرّف آخر، خصوصًا الإرهاب الطائفي والمذهبي، ويجب تسليح الجيش اللبناني والقوى الأمنية بعتيد وعتاد لمواجهة مخاطر تنظيم داعش والنصرة.
&