في اليوم الرابع والأخير من زيارته الفرنسية، التقى الأمير سلمان رئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي، ثم ألقى كلمةً في منظمة اليونسكو، مختتمًا زيارة وصفت بالتاريخية.

الرياض: التقى الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الخميس، في مقر إقامته في باريس، الدكتور دليل أبو بكر، رئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي وعميد مسجد باريس الكبير، وعددًا من أعضاء المجلس. وقال الأمير سلمان خلال اللقاء: "السعودية بصفتها مهبط الوحي وخادمة للحرمين الشريفين تقدم كل دعم ومساعدة للجمعيات الإسلامية، في مختلف دول العالم، وهي تتشرف برعايتها واهتمامها بالحجاج والمعتمرين، وتقدم لهم كل التسهيلات".

ثم زار الأمير سلمان مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو"، وكان في استقباله مدير عام المنظمة أرينا بوكوفا، ورئيس المجلس التنفيذي في المنظمة الدكتور محمد سامح، ومساعد مدير عام المنظمة للعلاقات الخارجية اريك فالت، ومندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس، ومساعدو مدير المنظمة وكبار المسؤولين فيها، وسط ترحيب بولي العهد السعودي، أديت خلاله العرضة السعودية، بتنظيم من وزارة الثقافة والإعلام.

قبلة الملايين

ألقى مندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو كلمة استعرض فيها دور المنظمة، "حيث تلتقي الثقافات واللغات والانتماءات الدينية والقومية والوطنية تحت سقف واحد، في نموذج مصغّر للعالم الذي نتمناه وننشده"، مشيرًا إلى السلام الذي تنشده المنظمة في كل أنحاء العالم.

إشادة بدعوة الأمير سلمان إلى الحوار بين الأديان
اليونسكو: السعودية أنشط المساهمين في برامجنا

وأكد تنوع البرامج السعودية في يونسكو بكافة تخصصاتها، ليبني الشريكان علاقة حضارية تنسجم مع مبادئ وقيم الطرفين، "فهنا أصبحت فلسطين للمرة الاولى&دولة كاملة العضوية في منظمة دولية قبل ثلاثة أعوام، بإسهام كبير من هذه السيدة النبيلة، ولا عجب، فإذا لم يعترف الضمير بحق شعب في أن تكون له دولة، فهل سيفعل ذلك غيره".

أضاف: "هنا السعودية قبلة العالم، حيث مكة المكرمة القبلة التعبّدية لملايين المسلمين، والقبلة الحضارية لملايين البشر الذين عرفوا الإسلام وآمنوا بقيمه وتأثروا بثقافته، وأسهموا في حضارته حتى وهم من غير المسلمين، أتحدث عن الإسلام الحقيقي النقي، لا الإسلام الذي تسمعون عنه في نشرات الأخبار، الإسلام الذي جاء ليحيي الإنسان لا ليقتله، ولأجل هذه الرسالة قامت السعودية، التي يمثلها هذا الأمير الكبير، على مهبط الإسلام لتخدم مبادئ السلام".

ارتياح مشترك

وصدر بيان مشترك في ختام الزيارة، أكد ارتياح الجانبين لمتانة العلاقات السعودية الفرنسية المتميزة وتطورها في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والتجارية والصناعية والتعليمية والثقافية، ونوّه&الطرفان&في هذا الخصوص بالتعاون الدفاعي بين البلدين، وأكدا أهمية المضي في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بينهما، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما.

وأكد الجانبان أهمية الاستمرار في تنفيذ هذه الشراكة في ما يخص جميع جوانب التعاون الاقتصادي، ولا سيّما في المجالات المالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارات المشتركة.

وتضمن البيان إشادة المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية بجودة التعاون القائم بين البلدين في مجال الدفاع. وشدّد البلدان على أهمية الاستمرار في تطوير هذا التعاون خصوصًا عن طريق تكثيف التعاون بين القوّات المسلحة للبلدين.

وأعرب البلدان عن رغبتهما في تكثيف تعاونهما العملياتي والخاص بالقدرات وبخاصة في مجال البحرية. وفي هذا الإطار، أبدت فرنسا استعدادها لدعم مشروع القوّات البحرية السعودية بقدرات زوارق سريعة من أجل تعزيز قدراتها البحرية، والعمل على تزويد قدرات القوّات الجوّية الملكية السعودية بطائرات النقل والتزود بالوقود من طراز MRTT. واتفق البلدان على مواصلة تعاونهما المثمر في مجال الدفاع الجوّي وتطوير قدرات جديدة في مجال الأقمار الصناعية.

قلق من الوضع السوري

وقال البيان: "تم بحث تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والعالم ذات الاهتمام المشترك وموقف البلدين الصديقين حيالها، ولأهمية دورهما في استتباب الأمن والاستقرار والسلام في العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة وسعيهما لتحقيق ذلك، فقد عبّر الجانبان عن قلقهما الشديد إزاء الأحداث الجارية في المنطقة بما في ذلك تعاظم خطر ظاهرة الإرهاب والتطرف، منوّهين في هذا الشأن بالدعوة التي وجّهها مؤخرًا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى زعماء العالم للإسراع في محاربة الإرهاب قبل أن يستشري أكثر مما هو عليه، وأهمية دعم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة ومؤكدين أن الإرهاب ظاهرة عالمية تهدّد كافة المجتمعات ولا ترتبط بأي عرق أو معتقد، واتفقا على تعزيز تعاونهما الأمني في هذا الصدد".

وبالنسبة إلى القضية الفلسطينية والأزمة في غزة، ندّد الجانبان بشدة بأعمال العنف، وأعربا عن قلقهما العميق إزاء خطورة الوضع في سوريا واستمرار سفك دماء الأبرياء، وأكدا أن النظام السوري الذي فقد شرعيته يتحمل مسؤولية هذا الوضع، وضرورة البحث عن تسوية سياسية سلمية عاجلة للمسألة السورية من خلال التطبيق الكامل لبيان جنيف، وتشكيل هيئة حكم انتقالية تملك صلاحيات تنفيذية، مشدّدين على أهمية الدفع بالجهود الدولية لتحقيق تطلعات الشعب السوري.

وحدة لبنان والعراق

وفي الشأن اليمني، أعرب الجانبان عن تأييدهما للبيان الصادر عن مجلس الأمن، المتضمن الإعراب عن القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن في ضوء الأعمال التي نفّذها الحوثيون ومن يدعمونهم لتقويض عملية الانتقال السياسي والأمني في اليمن، وتصعيد حملة الحوثيين لممارسة الضغط غير المقبول على السلطات اليمنية، وتهديد عملية الانتقال السياسي.

وأكّد الجانبان دعمهما لوحدة لبنان وأمنه واستقراره من خلال مؤسساته الرسمية، بما في ذلك القوات المسلحة، وشدّدا على ضرورة انتخاب رئيس على وجه السرعة يجمع كافة الفرقاء ليتجاوز لبنان أزمته الحالية.
ورحّب الجانبان بالتوافق العراقي وتعيين رئيس الوزراء وتقلّد رئيس الجمهورية الجديد منصبه ورئيس مجلس النوّاب الجديد،&وطالبا&بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كافة أبناء الشعب العراقي، ومشدّدين على أن ذلك هو الطريق الوحيد لخروج العراق من أزمته ونهوضه نهضة دائمة، وعلى أهمية صون وحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه. كما طالب الجانبان إيران بالتعاون الكامل مع مجموعة الخمسة + واحد، بشأن الملف النووي الإيراني، الذي يضمن حله الطابع السلمي حصرًا للبرنامج.

غادر باريس

وغادر الأمير سلمان بن عبدالعزيز باريس، اليوم الخميس، وكان في وداعه في مطار أورلي الدولي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، وممثل الحاكم العسكري لمنطقة أورلي الجنرال هنري بازان، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا الدكتور محمد آل الشيخ، وقائد القوات البحرية الفريق ركن عبدالله السلطان، واللواء حسين العساف، والأمير العميد طيار ركن تركي بن خالد بن عبدالله، الملحق العسكري السعودي لدى فرنسا وسويسرا.