أجرى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني محادثات واسعة على هامش مشاركته في قمة الناتو، التي تختم أعمالها الجمعة في منتجع سيلتيك مانور في نيوبورت جنوب ويلز.


نصر المجالي: تركزت محادثات الملك عبدالله الثاني مع الزعماء المشاركين في قمة الناتو، وخصوصاً الرئيس الأميركي بارك أوباما ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، على موضوع بناء "التحالف الدولي" لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فضلاً عن القضايا الساخنة الأخرى في إقليم الشرق الأوسط.

ويرتبط الأردن، الذي يتمتع بموقع شراكة متقدم مع حلف الناتو، بعدد من الاتفاقات مع الحلف، وينظر إليه كشريك في تعزيز السلم والأمن والاستقرار العالمي. كما أن الأردن شريك مهم وأبدى فعالية عالية من خلال دوره في قوة (ايساف) لدحر الإرهاب في أفغانستان، رغم أنه غير عضو في الناتو.

والتقى أوباما مع العاهل الأردني على هامش قمة ويلز في اجتماع مغلق لبحث التطورات في العراق وسوريا والتحالف الدولي، الذي تسعى واشنطن لبنائه لمواجهة (داعش)، وحضرت الاجتماع مستشارة الأمن القومي الأميركية سوزان رايس، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، والمنسق في البيت الأبيض لقضايا الشرق الأوسط والخليج فيل غوردون.

وتشكل القمة، التي يحضرها هذا العام ما يقارب 60 رئيس دولة على مستوى العالم، فرصة دورية لرؤساء الدول الأعضاء في الحلف وشركائهم للالتقاء والتشاور حول مختلف التحديات العالمية.

كما التقى العاهل الهاشمي أيضاً رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ورئيس وزراء كندا ستيفن هاربر، ورئيس وزراء هولندا مارك روت، ورئيس الوزراء البلجيكي ايليو دي روبو، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حاليًا، ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي.

والتقى الملك عبدالله الثاني كذلك، الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، حيث جرى بحث العلاقات بين البلدين الصديقين، وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكذلك بحث المبادرات التنموية التي تقوم بها مؤسسة الأمير تشارلز في الأردن لدعم قضايا الشباب والتشغيل.

وأكد قادة الدول، الذين التقاهم العاهل الهاشمي، حرصهم على إدامة علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية القوية والمتينة مع الأردن، مثمنين دوره ومساعيه لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ولافتين في ذات الوقت إلى تميّز النموذج الأردني في التسامح والتعايش والتعددية.

وأشاروا إلى حرصهم على العمل مع الأردن للتعامل مع مختلف التحديات التي تواجه الشرق الأوسط وشعوب المنطقة. وحسب معلومات توفرت لدى (إيلاف)، فإنه سيكون للأردن دور محوري في بناء أي& تحالف دولي وإقليمي لمواجهة الإرهاب، حيث هذه الفكرة تراود بعض أعضاء حلف الناتو الكبار.

ولفت أمين عام الحلف أندرس فوغ راسموسن إلى أن (الناتو) بنى أكبر تحالف في التاريخ الحديث، حيث إن نحو ربع دول العالم اجتمعت من أجل هدف واحد، لمنع الإرهاب الدولي من التمتع بملاذ آمن، في إشارة إلى الحرب في أفغانستان.

وقال راسموسن: "ربع دول العالم انضمت إلى تحالف لدحر الإرهاب الدولي (في أفغانستان).. ولم تنتهِ جهودنا بعد". ويركز الناتو على الشركاء خارج الحلف، وما أنجزته تلك الشراكات في قوات «إيساف» في أفغانستان، ومن بين هذه الدول الأردن.

وقال راسموسن: "نريد أن نواصل عملنا مع الشركاء الذين اعتمدنا عليهم في هذه المهمة ذات التحدي، وسنواصل هذه الجهود من خلال مبادرات شراكة تُطلق هنا في ويلز".

عملية السلام

وإلى ذلك، فإن محادثات العاهل الأردني في ويلز تركزت على التطورات الراهنة في الشرق الأوسط، حيث أكد ضرورة التعامل مع التحديات الماثلة في المنطقة، وفق تصور يأخذ في الاعتبار حاجات دولها وتطلعات شعوبها بمستقبل أكثر أمنًا واستقراراً.

وحث الملك عبدالله الثاني المجتمع الدولي على تكثيف الجهود من جديد لإعادة الزخم إلى عملية السلام بعد التوصل إلى وقف دائم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودون أي تباطؤ، والمساعدة في تهيئة الظروف الملائمة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، والتي تبحث في جميع قضايا الوضع النهائي وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما دعا الى حشد التأييد الدولي لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، مستعرضاً الجهود الموصولة التي يبذلها الأردن لإغاثة القطاع وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية والطبية هناك.

وجدد العاهل الهاشمي التحذير من أن بقاء الأزمات في الشرق الأوسط دون حلول جذرية سيغذي نزعات التطرف والتعصب والغلو ونمو الحركات المتطرفة والإرهابية، ما يتطلب تعاونًا دوليًا فاعلاً يضع حدًا لتنامي هذه النزعات والحركات التي تستهدف الجميع دون تمييز، وتشكل خطراً حقيقيًا للأمن والاستقرار على صعيد المنطقة والعالم.

العراق وسوريا

وأشار العاهل الأردني، خلال اللقاءات، إلى الوضع في العراق مؤكدًا على أنه يجب أن يبقى موحدًا ومتماسكًا، وأن يكون التوافق الوطني هو الأساس لحل مختلف التحديات التي تواجه العراق، معربًا عن أمله في أن يتمكن العراقيون من تشكيل حكومة وطنية ممثلة لجميع المكونات السياسية العراقية.

كما حذر من تداعيات استمرار الأزمة في سوريا، والتي طال أمدها، خصوصاً على دول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين، حيث يتحمل الأردن أعباء هائلة وضخمة كدولة مضيفة لأعداد كبيرة منهم، وبما يفوق طاقات المملكة وإمكاناتها المحدودة، ما يستدعي زيادة وتكثيف الدعم الدولي للأردن في هذا المجال.

وفي الختام، أوضح الملك عبدالله الثاني أن تردد المجتمع الدولي في حل مشاكل الشرق الأوسط سيعمقها ويزيد من تعقيداتها مع مرور الوقت، مما يعاظم خطرها على شعوب المنطقة والعالم.