فيما هدد تحالف سنة العراق بالانسحاب من مفاوضات تشكيل الحكومة، وحذر العبادي من أنه سيفضح معرقلي تشكيلته الحكومية، دعا المرجع الشيعي الاعلى السيستاني الكتل السياسية إلى تجاوز خلافاتها وتشكيل حكومة قوية تعالج أخطاء الماضي، وطالب بالاسراع في تطويق تداعيات جريمة قاعدة سبايكر التي قتل فيها 1700 عسكري.


لندن: شدد معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، أحمد الصافي، خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، على ضرورة تشكيل حكومة وطنية تستطيع إدارة البلاد وتلافي مشاكلها، وأن يكون خطابها موحدًا لصفوف العراقيين. وقال: "نأمل أن تشهد الايام القليلة المقبلة تشكيل حكومة وطنية قوية تتمكن من إدارة البلاد بطريقة تتلافى فيها المشاكل الحالية والمستقبلية ومن خلال فريق منسجم كفوء ونزيه وحازم".

وحثّ الصافي الكيانات السياسية على الترفع عن اثارة المشاكل الجانبية، التي قال إنها تعمق الخلافات بين ابناء الشعب، ودعاها لأن تكون مدركة لجميع الظروف التي يمر بها البلد الداخلية أو الخارجية. وأشار إلى أنّه تقع على عاتق هذه الحكومة مسؤوليات كبيرة اهمها أن يشعر المواطنون بالحماية في ظلها سواء أكانت حماية أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية.

وأكد ضرورة الاتفاق على البرنامج الحكومي القادر على تغذية الروح الوطنية في المسؤول، وتعزيزها في مفاصل وامتدادات الدولة المختلفة والاهتمام بتهيئة ناشئة تحمل الحس الوطني وتجعله هو الجامع بين افراد الشعب. وأشار الى أنه يمكن للحكومة الجديدة الاستفادة من التجربة السابقة كثيرًا اذا ما احسنت قراءة& التجارب السابقة وتشخيص الاخطاء فيها بشكل جيد، ومن هذا المنطلق لابد من برنامج حكومي فاعل لتعزيز المسؤولية في مفاصل وامتدادات الدولة المختلفة والنهوض بها.

وطالب الحكومة الجديدة بتعزيز الحس الوطني بين افراد الشعب مع غض النظر عن طائفتهم وعرقيتهم،& ممهدة بذلك للقضاء على الفساد الاداري والمالي المستشري بشكل لا مثيل له، وأن تقدم مصلحة البلد على المصلحة الشخصية.. وحذر من أن تناسي هذا المبدأ قد يجر لتجاذبات سياسية ليس من ورائها طائل، ولذلك لابد أن تكون مصلحة البلد هي الراجحة في الازمات السياسية.

كما طالب معتمد السيستاني إلى الاسراع بإنجاز التحقيق في جريمة قاعدة سبايكر التي قتل فيها 1700 عسكري عراقي من قبل مسلحين عراقيين، بالاشتراك مع مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، وأكد ضرورة العمل على عدم التأخر في بيان واقع وحقيقة ما حصل. وناشد عائلات الضحايا بمزيد من الصبر والحكمة بالرغم مما قال إنها شدة وقساوة ما فيها من معاناة لمعرفة مصير ابنائها.&

وقال "نأمل من مجلس النواب وهو في بدايات عمله أن يوفق للوصول إلى حقيقة ما جرى في قاعدة سبايكر "من جريمة وحشية.. مؤكداً على ضرورة تطويق الازمة وبحيث لا تتعدى المقصرين ومرتكبيها بعد تشخيصهم لينالوا جزاءَهم العادل.

وعن الدور المنوط بمجلس النواب، شدد الصافي على أن من المهمات الاساسية للمجلس هي الرقابة على أداء السلطة التنفيذية (الحكومة) وتشكيل اللجان الدائمة أو الموقتة، بحسب ما تقتضيه الحالة المعروضة امامه.

وكان مجلس النواب عقد الأربعاء الماضي جلسة طارئة خاصة لمناقشة جريمة سبايكر التي ارتكبت في 12 حزيران (يونيو) الماضي بحضور وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي والقادة الأمنيين، واعلن خلالها أن الجهات الرسمية قد سجلت فقدان 11 الف عسكري بين قتيل ومختطف وهارب.

معوقات الساعات الاخيرة قبل إعلان الحكومة

وفي وقت سابق اليوم، اعلن مصدر مطلع في تحالف القوى العراقية السني، عقب الاجتماع الذي عقده قادته المخولون بالتفاوض مع رئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي، أن الامور تسير باتجاه عدم المشاركة في الحكومة المقبلة بعد سلسلة من الاجتماعات مع التحالف الوطني الشيعي.

وقال المصدر إن الأجواء التي سادت الاجتماع الأخير كانت غير إيجابية ولم ترتقِ إلى حالة التغيير التي سعى اليها السياسيون، بل إن الإصرار على النهج السابق في التعامل مع العراقيين بمكيالين مازال سائدًا، فالتحالف الوطني مازال يسوف المطالب ويراوغ، وعدد من مطالب المحافظات المنتفضة الست عليها خطوط حمراء من قبل بعض اعضاء التحالف الوطني ومن هنا لايمكن التوصل إلى حلول في خضم هذه المماطلة، لذا فإن تحالف القوى العراقية وقادته سائرون نحو عدم المشاركة في الحكومة المقبلة.

وأضاف المصدر أن الساعات المقبلة ستشهد اجتماعًا لتحالف القوى العراقية وائتلاف الوطنية لاتخاذ قرار يذهب باتجاه عدم المشاركة في حكومة العبادي، باعتبار أن هناك إجماعاً يؤيد هذا القرار لإعطاء رسالة إلى المجتمع الدولي بأننا غير راضين عن الممارسات التي يتعرض لها مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي، كما نقلت عنه الوكالة الوطنية العراقية للانباء.

وكان التحالف أشار الليلة الماضية إلى أنّه لم يتم الاتفاق على ورقته التي طرحها على التحالف الشيعي في ما يخص مطالب المحافظات الست "المنتفضة"، التي بدأت تظاهرات واعتصامات منذ اواخر عام 2012، وهي الأنبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى ومناطق في بغداد مطالبة بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة "منتهكي أعراض" السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانون المساءلة والعدالة والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الاقصاء والتهميش للسنة.&&&&&

وقال مصدر في التحالف السني إن العبادي لم يبدِ أية مرونة في تعاطيه مع حقوق ومطالب المكون السني، والتي تعد اساسًا لمشاركته في الحكومة المقبلة. وقال بيان عن التحالف إن الاجتماعات لاتزال مستمرة حول تطورات تشكيل الحكومة.

وأشار إلى أنّه تم تشكيل هيئة عليا مسؤولة عن حسم القرار النهائي في ما يتعلق بأمور التفاوض وفوضت من قبل التحالف باتخاذ القرارات المناسبة وتضم: أسامة النجيفي وسليم الجبوري وصالح المطلك وجمال الكربولي.

وأضاف البيان أن الهيئة قد لاحظت أن هناك تلكؤًا وعدم جدية بتناول المطالب والحقوق من قبل رئيس الوزراء المكلف وبخاصة في ما يتعلق بوزن المكون السني، مما دعا الهيئة إلى التحفظ&مع تقديم طلبات محددة تهم جماهير المحافظات الست، "وما زالت الاجتماعات متواصلة بهدف متابعة المستجدات والتعامل معها بما يحفظ حقوق وطلبات ووزن المكون الذي تمثله".

ومن جهته، كشف مصدر مقرب من العبادي أنه يعتزم فضح الكتل التي تريد اعاقة تشكيل الحكومة بالوثائق. وقال إن "هناك ادلة ووثائق تدين شخصيات من كتل سياسية بمحاولة اعاقة تشكيل الحكومة من خلال ضغوط ورفع مستوى سقف المطالب إلى حدود غير معقولة وبعيدة عن المنطق لتحقيق مصالحها الخاصة".

وأشار إلى أنّ شخصيات من كتل تشارك بالحوارات والمفاوضات حاولت بكل ما تملك وضع تعقيدات ومشاكل هدفها إيقاف عجلة المفاوضات التي تجاوزنا فيها كل الاطر الضيقة التي حاول البعض وضعها لأهداف ونوايا.

وأكد أنّ "العبادي سيضطر إلى كشف كل الخيوط من خلال كشف هذه الشخصيات والوثائق التي بحوزته ليطلع عليها الشعب العراقي كونه المتضرر من تلك التصرفات ويفقد دماء زكية طاهرة بسبب الارهاب".
وأضاف أن "من يحاول افشال تشكيل الحكومة هو نفسه من يدعم الارهاب ويقف امام عجلة التقدم في مفاوضات تشكيل حكومة التوافق الوطني التي نحاول من خلالها بناء الوحدة الوطنية والقضاء على الارهاب المجرم".

وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم كلف في 11 من الشهر الماضي مرشح كتلة التحالف الوطني الشيعي حيدر العبادي بتشكيل الحكومة، وفق التوقيتات الدستورية، على أن تعلن الحكومة الجديدة قبل الثلاثاء المقبل التاسع من الشهر الحالي.