أثارت الإعانات القطرية للمغرب الكثير من علامات الاستفهام حول الغاية من تغيير الدوحة موقفها تجاه الرباط، بعد توتر أشعله وقف المملكة المغربية بث قناة الجزيرة من استوديوهاتها بالرباط. ووصل حجم المنح المالية المقدمة من دولة قطر للمغرب خلال أسابيع& أكثر من 13.8 مليار درهم.


أيمن بن التهامي من الرباط: تزايد بشكل لافت حجم الدعم المالي الذي منحته الدوحة للرباط. فبعد التوقيع على اتفاقية التفاهم المرتبطة بالمنحة القطرية للمغرب بقيمة 12.5 مليار درهم، عادت الدولة نفسها لكي تقدم منحة جديدة للمملكة بقيمة 1.3 مليار درهم كدعم لمخطط المغرب الأخضر. وفتح هذا التدفق الكبير للإعانات القطرية في اتجاه المغرب باب التكهنات والتأويلات حول غرض الدوحة من هذا التوجه.

صفحة جديدة

وفيما كشفت تقارير إعلامية مغربية أن قطر تريد فتح صفحة جديدة مع المغرب، وتحييد الرباط في الصراع الخليجي القائم بين الدوحة من جهة والرياض وأبوظبي والمنامة من جهة أخرى، وتعزيز حضورها في المملكة، قدم عمر الكتاني، الأستاذ الجامعي والباحث في الاقتصاد، لـ "إيلاف" مجموعة من التفسيرات لهذا التحول في موقف الدوحة تجاه الرباط.

قال الكتاني: "هناك عدة دلالات على هذه الإعانات، ومنها أن لدى دول الخليج تعاطفاً كبيراً مع الملكيات، وتريد المحافظة عليها وعلى استقرارها السياسي".

وأضاف: "دول الخليج تنظر للمغرب بنظرة أنه أفلت من تبعات الربيع العربي وسلبياته وكلفته الاجتماعية والإنسانية، كما هو الشأن في ليبيا، ومصر، والعراق"، مشيراً إلى أن هذا ما جعل تلك الدول تبدي استعدادها لدعم النهضة الاقتصادية في المغرب خدمة للاستقرار السياسي والاجتماعي.

توجهات مختلفة

يعد فتح صفحة جديدة مع الرباط أحد أهم الأهداف التي تسعى الدوحة لتحقيقها من خلال رفع قيمة الإعانات المادية.

وأكد عمر الكتاني أن المغرب حافظ على علاقته مع قطر من جهة ودول الخليج من جهة أخرى، مبرزًا أن التوجهات السياسية لقطر كانت مختلفة عن توجهات دول الخليج الأخرى، "فهذا الدعم نوع من التصالح بين قطر والمغرب بعدما منع الرباط قناة الجزيرة من الاستمرار في المملكة، وهذا بلا شك أثر على موقف المغرب الصارم، وقطر تتوق إلى استعادة العلاقات الطيبة بينها وبين المغرب".

كما أن المملكة، يضيف الباحث الاقتصادي، تعد أبرز وجهة سياحية لسكان دول الخليج، الذين يرون في المملكة المغربية الدولة التي يرتاحون فيها في عطلهم لأنهم يجدون فيها الاستقرار وحسن الضيافة.

استمرارية الإصلاحات

تمنى الكتاني أن يستمر المغرب في الإصلاحات الكبيرة، "فالاستقرار الاجتماعي والسياسي ليس ضمانة مطلقة، فإذا لم تكن الإصلاحات كبيرة فكل الاحتمالات تبقى مفتوحة مستقبلًا. ولدول الخليج نفس القراءة، لهذا من مصلحتها أن تدعم المغرب لكي يحافظ على الاستقرار في منطقة من مناطق المغرب العربي، علمًا أن دول الخليج ليست لديها علاقات جيدة مع الجزائر، كما هو الشأن بالنسبة للمملكة".

وأضاف: "هناك سبب آخر لا يذكر كثيرًا، هو أن الوضع السياسي في الخليج غير مستقر، وعدم الاستقرار هذا يجعل المغرب مستقبلًا ملجأ لرؤوس الأموال الخليجية، لهذا نقول للمسؤولين في المغرب افتحوا الباب للمالية الإسلامية التي ستجلب لنا أموالًا كبيرة".