تشهد مدينة الفلوجة العراقية الغربية المضطربة هدوءًا غير مسبوق، ولم تتعرض لأي قصف خلال الساعات الأخيرة تنفيذًا لقرار العبادي بوقف قصف المدن، حيث بدأت عائلاتها تعود إلى منازلها وسط ترحيب شعبي ومطالب محتجي الحراك الشعبي بتنفيذ بقية مطالبهم.. فيما شهدت بغداد تظاهرة تطالب بمحاكمة المالكي.


لندن: بدأت مئات العوائل النازحة من مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار العراقية الغربية، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" ومسلحون من العشائر مناوئون للحكومة منذ مطلع العام الحالي، بدأت تعود إلى منازلها وسط هدوء تشهده المدينة التي يقطنها حوالي نصف مليون نسمة، اثر القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بوقف قصف المدن التي يتواجد فيها مسلحون بين السكان.

كما أكد اطباء في مستشفى الفلوجة العام أنها لم تتلقَ خلال اليومين الماضيين وللمرة الاولى منذ تسعة اشهر أي قتلى أو مصابين بالقصف الذي كان يودي يوميًا بعدد من ابناء المدينة.

وبالاضافة إلى ترحيب مجلس محافظة الانبار بقرار العبادي فإن هيئة الحراك الشعبي التي تمثل المحتجين الذين بدأوا تظاهرات واعتصامات منذ اواخر عام 2012 في ست محافظات سنية، قد اشادت بتعهدات العبادي في بدء مرحلة جديدة من عملية لم شمل العراقيين، فقد طالبت بتنفيذ بقية مطالب المحتجين.

وكان العبادي أعلن امس السبت اصداره قراراً قبل يومين بايقاف القصف على جميع المدن التي يتواجد فيها المدنيون. وقال في كلمة له بالمؤتمر الوطني للنازحين قسراً إن "هذا القرار تم اتخاذه حتى لا يسقط أي مدني حتى في المناطق التي يسيطر عليها الداعشيون، ولن نتوانَ عن ملاحقتهم وهم الذين يتخذون من المدنيين كمتاريس". لكنه أوضح ان الحكومة لن توقف جهدها في حماية المدنيين وإن تعرضت القوات الأمنية لأي خطر فسنرد لحمايتها والمدنيين.

وأكد الحراك الشعبي في بيان اليوم ترحيبه بما أسماه "الرسائل الإيجابية وخطوات رئيس الحكومة حيدر العبادي بإيقاف القصف على محافظاتنا وتعهده بإعادة النازحين". وطالب بتنفيذ بقية التعهدات بتنفيذ مطالب المحافظات الست.

يذكر أن محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى بدأت منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) عام 2012 تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة "منتهكي أعراض" السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الاقصاء والتهميش لمكونات عراقية.

ومن جانبه، اعتبر مجلس محافظة الانبار قرار العبادي بوقف القصف على المدن بأنه خطوة ايجابية نحو عودة النازحين الى ديارهم والتمكن من مطاردة عناصر تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" الذين يتخذون من المواطنين والمنازل دروعاً لهم .

وأشار في تصريح اليوم إلى أنّ مئات العائلات النازحة والمهجرة من مدينة الفلوجة إلى داخل المحافظة قد بدأت بالعودة إلى منازلها بعد ساعات من اعلان قرار العبادي . وتوقع عودة جميع الأسر النازحة والمهجرة، التي نزحت إلى خارج المحافظة وخاصة إلى محافظات اقليم كردستان الشمالي، والتي زاد عددها على 50 الف عائلة.

أما نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي فقد وصف قرار العبادي بوقف قصف المدن بالبادرة الطيبة لعودة المهجرين والنازحين إلى ديارهم. وقال إنه تلقى القرار بالتقدير معتبراً اياه قرارًا ينم عن بادرة طيبة وحسن نية في تجنيب المواطنين الآثار المدمرة التي قد تنشأ من هذا القصف.

وأضاف أن القرار "بداية حسنة في توفير الأجواء المناسبة في عودة المهجرين والنازحين إلى ديارهم مع تعويضهم ومساعدتهم في بناء ما دمرته ظروف القتال والمواجهة مع عصابات داعش".

&كما ثمن الممثل&الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف قرار وقف القصف على الأحياء المدنية، فيما أكد انه تم تقديم المساعدة لنحو مليون و800 ألف نازح هجروا قسراً من ديارهم.
وقال ملادينوف إن "تنظيم داعش يمثل تهديداً للجميع وأن تقديم المساعدات الإنسانية لن يحل المشكلة دون أن يبسط العراق سيادته على أراضيه".

وأشاد ملادينوف بـ"جهود الحكومة العراقية وإصرارها على وصول الدعم للنازحين"، معرباً عن شكره "لحكومة إقليم كردستان على ما تقدمه للنازحين رغم المصاعب التي تواجهها". وأضاف أن "العراق ليس بمفرده ولا يتعين على أبنائه أن يتحملوا هذه الكارثة الإنسانية الضخمة بمفردهم"، لافتاً إلى "أننا نقف مع الشعب العراقي وقدمنا المساعدة لنحو مليون و800 ألف نازح هجروا قسراً من ديارهم".

وقد ادت الاحداث الاخيرة في الفلوجة والرمادي إلى نزوح مئات الآلاف من هاتين المدينتين نحو محافظات أخرى في البلاد. وتشكل سيطرة داعش على مدينة الفلوجة خصوصًا حدثاً استثنائيًا نظرًا إلى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت حربين شرستين مع القوات الاميركية في عام 2004 .

متظاهرون في بغداد يطالبون بمحاكمة المالكي

إلى ذلك، شهدت بغداد تظاهر المئات من العراقيين مطالبين بمحاكمة دولية لرئيس الوزراء السابق نائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي. وتظاهر انصار رجل الدين محمود الصرخي الشيعي اليوم في منطقة الحارثية، وسط بغداد، قادمين من مختلف المحافظات، لاطلاق سراح المعتقلين من اتباع الصرخي واجراء محاكمة دولية للمالكي بسبب تسببه بدخول تنظيم داعش الارهابي إلى عدد من المناطق واعتقال عدد من انصار الصرخي دون وجه حق على حد وقولهم.

كما اتهم المتظاهرون المالكي بالمسؤولية الكاملة عن قصف المدنيين وحادثة اقتحام ساحة التظاهرات في مدينة الحويجة الشمالية، بصفته القائد العام للقوات المسلحة وقتل اكثر من خمسين شخصاً واصابة حوالي 150 منهم.

ورفع المتظاهرون عدداً من الشعارات كان ابرزها : سفاح سفاح نوري المالكي .. ونطالب بمحاكمة نوري المالكي بسبب دخول داعش إلى ارض العراق .. فيما شهدت التظاهرات حرق صور لرئيس الوزراء السابق.

وقد أعلن احد منظمي التظاهرة عن"توجه وفد من المتظاهرين إلى مبنى مجلس القضاء الاعلى لإقامة دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقائد عمليات الفرات الاوسط الفريق الركن عثمان الغانمي ومحافظ كربلاء عقيل الطريحي.

وابلغ عمار الاعرجي، وهو أحد منظمي التظاهرة، الوكالة الوطنية العراقية للانباء "أن تقديم هذه الدعوى القضائية جاء لتسبب المالكي والغانمي والطريحي بالمجزرة التي وقعت في كربلاء ضد انصار الصرخي في شهر تموز الماضي". وقد طوقت قوات مكافحة الشغب تظاهرات أنصار الصرخي الجارية حاليًا في منطقة الحارثية وسط بغداد.

وكانت محافظة كربلاء قد شهدت مطلع شهر تموز (يوليو) الماضي صدامات بين انصار رجل الدين محمود الصرخي والقوات الأمنية بسبب توجهات الصرخي المناهضة للحكومة، ما ادى إلى اعتقال وقتل العشرات من انصار الصرخي ومقتل عدد من عناصر القوات الأمنية.

يذكر أن منصب نائب رئيس الجمهورية لا يكفل لشاغله حصانة قانونية أو دستورية، حيث أنه ليس منصوصًا عليه في الدستور العراقي وانما اتفقت عليه القوى السياسية لإسناده الى شخصيات نافذة ترضية لها وللكتل التي تمثلها.
&