بينما تحضر أميركا لحرب عالمية جديدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا "داعش"، فوجئت برفض مصر الاشتراك في تلك الحرب عسكرياً، وجاءت الصدمة الجديدة، لتضاف إلى صدمات أخرى تلقتها واشنطن برفض تركيا ودول عربية أخرى الإشتراك في الحرب عسكرياً، ما يضع واشنطن وحلفاءها الأوروبيين في أزمة حقيقية.


القاهرة: يرى خبراء عسكريون أن إشتراك الجيش المصري في الحرب ضد الإرهاب خارج حدود أراضيه، أمر مرفوض، لاسيما أنه يخوض بالفعل حرباً ضد الإرهاب في سيناء، ومختلف أنحاء البلاد، وتوقع الخبراء تقديم مصر دعماً لوجيستياً واستخباراتياً للتحالف المزمع إطلاقه ضد "داعش"، ودعوا أميركا إلى أن تخوض وحدها الحرب ضد التنظيمات التي صنعتها.
&
فوجئ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، برفض مصر الاشتراك عسكرياً في الحرب ضد داعش، وذلك أثناء وجوده في مؤتمر الحرب على الإرهاب الذي عقد في مدينة جدة السعودية.&
&
وفي محاولة منه لإقناع السلطات المصرية بضرورة الإشتراك مباشرة في الحرب، توجه إلى القاهرة، وعقد لقاءات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، إلا أنها لم تثمر عن نتائج ملموسة، وأصرت القاهرة على رفض الإشتراك العسكري، ووعدت بدعم لوجستي ومعلوماتي.
&
ويبدو أن كيري اقتنع بوجهة النظر المصرية، وقال في مؤتمر صحافي: "مصر تقف على الخطوط الأمامية في القتال ضد الإرهاب، خاصة ضد الجماعات المتطرفة في سيناء"، وأعلن دعم أميركا للجيش المصري في حربه ضد الإرهاب، وقال إن "بلاده ستسلم مصر عشر طائرات من نوع أباتشي".
&
مشيراً إلى أن "الإرهاب صار خطراً يهدد الجميع"، وتابع: "مصر تمثل ربع السكان العرب، وبإمكان مصر لعب دور حاسم من خلال رفض الأفكار التي تروج لها التنظيمات المتطرفة". وأردف قائلاً: "محاربة داعش لن تتم بالأعمال العسكرية وحدها، وإنما من خلال الإجراءات الأخرى مثل إيقاف تدفق المقاتلين الأجانب للعراق".
&
لا فائض بالقوات
&
ووفقاً للواء حسام سويلم، الخبير العسكري، فإن مصر تخوض حرباً حقيقية ضد الإرهاب على أراضيها، ولا يمكن للجيش الاشتراك في حروب خارجية، وقال لـ"إيلاف" إن "مصر معنية بالقضاء على الإرهاب في مختلف مناطق العالم، لكنها ليس لديها فائض في القوات لتحقيق هذه المهمة".
&
مشيراً إلى أن مصر قد تشارك في الحرب ضد "داعش" بدعم لوجستي، فتسمح بعبور حاملات الطائرات أو السفن الحربية، أو تزويدها بالوقود، أو تقديم دعم معلوماتي. وأشار إلى أن أميركا تريد إشراك الدول العربية في الحرب، ولاسيما الدول ذات الأغلبية السنية، ومنها مصر والسعودية وتركيا، حتى لا تبدو أنها حرب طائفية ضد تنظيم سني، فضلاً عن أن أميركا تريد أن تستخدم التكنولوجيا والطائرات في الحرب، من دون أن تطأ أقدام جنودها الأرض، وتضع القوات العربية في المواجهة المباشرة مع الإرهابيين، وهو ما ترفضه تلك الدول، على حد قوله.
&
مرفوض عقائديًا
&
وقال اللواء محمود شريف، الخبير العسكري، إن الحرب خارج الحدود مرفوضة في عقيدة الجيش المصري. وأضاف لـ"إيلاف" أن أميركا مارست ضغوطاً كبيرة على مصر أثناء الحرب على الإرهاب في افغانستان، من أجل مشاركة الجيش المصري في تلك الحرب، إلا أن قيادات الجيش متمثلة في المشير محمد حسين طنطاوي رفضت ذلك، وصمدت أمام تلك الضغوط.
&
ولفت إلى أن أميركا تحاول إعادة السيناريو مرة أخرى في إختبار واضح للقيادة المصرية الجديدة، منوهاً بأن القيادة السياسية والعسكرية رفضت الطلب الأميركي، لاسيما أن مصر تخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب بالداخل.
&
وتوقع أن تشارك مصر بالحرب من خلال تدريب القوات العراقية، وتعزيز التعاون مع التحالف في ما&يتعلق بتبادل المعلومات بشأن المقاتلين الأجانب، أو منع تدفق المصريين على التنظيمات الإرهابية.
&
حرب صعبة
&
ولفت إلى أن الحرب ضد داعش صعبة، ولن تنجح الضربات الجوية، لاسيما أن التنظيم يمتلك ترسانة الأسلحة الحديثة التي حصل عليها من الجيشين السوري والعراقي، بالإضافة إلى أنه يمتلك قوة بشرية ضخمة تقدر بنحو 30 ألف شخص، ولديه موارد إقتصادية ومالية، بعد أن حصل على مئات الملايين من الدولارات من بنوك المدن التي سيطر عليها بالعراق.
&
أسلحة روسية
&
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطانية، فإن "داعش" تمتلك أسلحة روسية متقدمة، منها الصواريخ المضادة للطائرات "أس إي- 24 غرينتش" المحمولة على الكتف.
&
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا السلاح ظلت المعارضة السورية المسلحة التي توصف بالمعتدلة تطلبه من الولايات المتحدة والدول الغربية، وأخيرًا حصل عليه داعش، بالإضافة إلى صواريخ زيد يو 23-2 المضادة للطائرات، وصواريخ ذات المدى القصير أف أم 92 ستينغر المحمولة على الكتف، والرشاشات الثقيلة "جي أس أتش س" المضادة للطائرات".
&
وأضافت أن "داعش" لديه "أسلحة أميركية متقدمة غنمها المقاتلون من مخازن القواعد العراقية، التي سقطت بأيديهم في الموصل وتكريت ودول أخرى، بما فيها دبابات وعربات همفي ومصفحات وعدد من دبابات أم1 أم1 "أبرامز" التي تستخدم في المعارك. &
&
ولفتت الصحيفة إلى أن "أهم ما حصل عليه داعش هو سلاح "أس إي-24" المعدل، وذو التقنية العالية والسهل الاستخدام، وبحسب مواصفات صناعته فقد "صمم &للاستخدام ضد أهداف واضحة مثل مقاتلات &ومروحيات وطائرات بدون طيار، وصواريخ كروز. ويتميز بالفعالية والمدى الواسع ويمكنه إصابة الهدف أثناء الليل".
&
عباءة القاعدة
&
الحرب ضد جماعة إرهابية خرجت من عباءة تنظيم القاعدة الذي صنعته أميركا، لن يشترك فيها الجيش المصري، فلديه ما يكفيه من هذا الهم. وقال اللواء عبد المنعم سعيد، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" إن الحرب التي تحضر لها أميركا غير واضحة المعالم، فضلاً عن أنها تخدم مصالحها فقط.&
&
وأضاف أن أميركا تحاول جر الجيش المصري إلى مواجهات خاسرة مع قوى الإرهاب التي ساهمت أميركا في صناعتها، منوهاً بأن مصر متيقظة جيدة لهذه المخططات، ولن يضع الجيش المصري نفسه في مستنقع خارجي. ولفت إلى أن مصر لديها ما يكفيها من الهموم، وتواجه الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عام.
&
وأبلغ وزير الخارجية المصري سامح شكري، نظيره الأميركي خلال المؤتمر الذي عقد في مدينة جدة السعودية، أن "مصر لن تشارك بأي قوات عسكرية في تلك الحرب"، وأعلن "رفض مصر استخدام أراضيها مصدراً لأي هجمات على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وطالب شكري "بوضع أهداف واضحة لتلك الحرب وجدول زمني ونطاق جغرافي حتى لا تكون حرباً مفتوحة أو ذات زمن طويل".
&

&