بغداد: لم تكتمل فرحة رغدة يعقوب بخطوبتها التي لم يمض عليها سوى ايام معدودة، فقد اختطف التفجير الدامي في احد شوراع بغداد الشابة المسيحية بينما كانت منهمكة في التحضير لزفافها وشراء ثوب الزفاف الذي رافقها الى مثواها الاخير.

وتمت خطوبة رغدة عادل يعقوب ذات الاربع والعشرين ربيعا قبل ستة ايام من مقتلها الاربعاء الماضي بتفجير ثلاث سيارات مفخخة استهدفت منطقة تجارية مكتظة في حي الغدير في شرق بغداد. يشار الى ان غالبية مسيحية كانت تسكن الحي قبل ان يغادروا بفعل اعمال العنف التي تضرب العراق منذ اكثر من عقد من الزمن.

ولقي العشرات مصرعهم واصيب اكثر من مئة شخص، بالتفجيرات الدامية، وبين القتلى الى جانب رغدة والدة خطيبها وحفيدها ابن الخمسة اعوام، فيما اصيب خطيبها بجروح خطرة. ويروي والد رغدة، وهو يبكي بحرقة على ابنته الوحيدة، كيف خرجت من المنزل للمرة الاولى بعد خطوبتها بصحبة خطيبها، قائلا "خرجوا مع والدته وابن شقيقه وهو طفل طغير، لشراء حلويات الى اسواق العذرا".

اضاف "قلت لخطيبها +يا ابني لا تدع الناس يغمزون من قناة سمعتي، لا تتاخروا+، فرد قائلا لن نستغرق اكثر من خمس دقائق". واضاف "اخذوا ابنتي (...) وبعد ربع ساعة وصلوا الى اسواق العذراء حيث دخلت امه وابنتي والطفل لكن بعد مرور دقيقة ونصف انفجرت السيارة الاولى".

وانفجرت بعد ذلك سيارات مفخخة في المنقطة، ما ادى الى احتراق براميل وقود المولدات ونشوب حريق هائل التهم ثلاثة مراكز تجارية مجاورة في منطقة مكتظة. ويقول الاب بحرقة، "لو كان هناك مدخل خلفي للمركز لكانت ابنتي نجت، او لو كان هناك نظام اطفاء الحرائق لنجا كثيرون، فقد توفيت اختناقا".

ويروي بهذا الصدد "جلست القرفصاء في احدى الزوايا لم تصب بحروق لكنها ماتت بفعل الاختناق". وتابع ان المتسوقين "الذين كانوا قرب المدخل الامامي احترقوا وتقطعوا اشلاء". بدورها، قالت الام وهي تبكي "اي دين يقبل بهذه الجرائم؟ الخميس الماضي كانت خطوبتها وهذا الخميس كان دفنها".

وصرخت بغضب "من يتحمل ذنب اختها الحامل بشهرها التاسع؟ كيف ستلد؟" وانتقدت بحدة اصحاب "المركز التجاري فقد قتلهم الجشع (...) لو كان هناك مدخل خلفي لنجا الكثير من الناس". واضافت باسى ولوعة "من يرجع لي ابنتي التي تربت بدموع العين (...) ما الذي سافعله وحدي الان".

ولدى العائلة ابنة اخرى متزوجة لكنها تسكن في مدينة اربيل بسبب الاوضاع الامنية في بغداد. وتقول اختها رهى الحامل في شهرها التاسع، "جئت لاحضر حفل خطوبتها، لكنني دفنتها بيدي". واضافت وهي تحمل صورة اختها الصغرى رغدة "انزلوها في القبر بثوب الزفاف، الشيء الوحيد الذي اخذته معها".

ووقع الانفجار الثامنة مساء لكن رجال الدفاع المدني عثروا على جثتها الساعة 3,30 صباح اليوم التالي. وتقول رهى، "اختي لم تصب بخدش او جرح او شظية، هاتفها كان ما يزال بيدها وكذلك خاتم الخطبة".

وانتقدت بدورها بشدة رجال الاطفاء، قائلة " لو كانوا هناك لتمكنوا من اخراج هؤلاء الابرياء". كما قال الاب، وهو مهندس عمل اكثر من عشرين عاما في وزارة النفط، "اقترحا فتح قبرها علنا نجدها على قيد الحياة وانا على استعداد ان ارقد مكانها، لقد تجاوزت الستين، وهي لم ترى شيئا بعد".

واضاف "لدى غسل جثمانها كان وجهها احمر وجسدها ابيض، وتحركت عيونها مرتين، ابنتي لم تترك صلاتها يوما". وتابع ان "امرأة شيعية واخرى سنية اشرفتا على غسلها (...) ليس هناك فرق بيننا". واضاف "لا اقارب لدي هنا لكن الالاف من السنة والشيعة قدموا للتعزية".

وختم الاب قائلا "فهمت من طبيعة التفجير ان من يفعل ذلك يستهدف الشباب والاطفال وليس كبار السن، عندما كنت في ثلاجة الموتى، رايت ان الضحايا من الشباب، يريدون قطع نسل ابناء هذا البلد". واحالت التفجيرات هذه المنطقة التي تعج بالحياة والتسوق اثرا بعد عين، مع احتراق جميع المباني المجاورة.
&