عملية السلام مهددة في أوكرانيا غداة اليوم الاكثر دموية في شرق البلاد منذ اعلان وقف إطلاق النار الهش، فيما اتهم رئيس وزراء أوكرانيا الرئيس الروسي بالسعي إلى إلغاء أوكرانيا كدولة مستقلة.

كييف: قتل ستة مدنيين بينهم امرأة على الاقل في قصف في دونيتسك، معقل المتمردين الأوكرانيين الموالين لروسيا، الاحد بحسب ما اعلنت السلطات المحلية ومراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا.

ويأتي سقوط هؤلاء الضحايا في النزاع الأوكراني، الذي اوقع اكثر من 2700 قتيل خلال خمسة اشهر بحسب الامم المتحدة، فيما اجتمع وزراء خارجية فرنسا والمانيا وروسيا في باريس لبحث الازمة الأوكرانية على هامش المؤتمر الدولي حول أمن العراق.

مناورات غربية

في موازاة ذلك، وفي فصل جديد من صراع القوة بين الغرب والكرملين منذ عدة أشهر، بدأت في غرب أوكرانيا تمارين عسكرية بقيادة اميركية. وتضامنًا مع القيادة الموالية للغرب في كييف، بدأ جنود 15 دولة بينها الولايات المتحدة تمارين "ترايدنت السريع 14" العسكرية، قرب مدينة لفيف الغربية، الاثنين على بعد ألف كيلومتر من دونيتسك.

ومن المقرر أن ترسل الولايات المتحدة 200 جندي، في انتشار هو الاول من نوعه منذ اندلاع التمرد الموالي لروسيا في شرق أوكرانيا، في نيسان (أبريل) الماضي. وقبل ايام من زيارة الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو إلى واشنطن، اتهمت روسيا الولايات المتحدة بتأجيج النزاع في شرق أوكرانيا لأهداف استراتيجية، فيما نددت كييف بمحاولة روسية إلغاء أوكرانيا.

تبادل الاتهامات

جرت عمليات القصف الاحد في حي بشمال غرب دونيتسك. واعلن مساعد رئيس بلدية المدينة كونستاينتين سافينوف أن ستة مدنيين قضوا في الاعمال الحربية. وقتل خمسة أشخاص في المكان جراء عمليات القصف، في حين توفي السادس في المستشفى متاثرًا بجراح خطرة اصيب بها، كما اوضح سافينوف.

واكدت منظمة الامن والتعاون في اوروبا، التي رعت ابرام الاتفاق، أن مراقبيها شهدوا قصفًا في دونيتسك الاحد، حيث قتل عدد من الاشخاص.

وكانت كييف اتهمت المتمردين بتهديد عملية السلام عبر تكثيف عمليات القصف. والاثنين، اتهم الكسندر زاخارتشنكو، رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، الجيش الأوكراني بانتهاك وقف اطلاق النار والاستفزاز.

وقال زاخارتشنكو: "تستخدم حكومة كييف وقف اطلاق النار هذا لكي تعيد تجميع قواتها ومهاجمتنا مجددا". وأضاف: "سنحدد مصدر هذه النيران وسنسكتها".

لاحترام الهدنة

ينتهك وقف اطلاق النار بشكل شبه يومي منذ دخوله حيز التنفيذ في 5 ايلول (سبتمبر)، بعدما أبرم في مينسك بين السفير الروسي في أوكرانيا ميخائيل زورابوف والرئيس الأوكراني السابق ليونيد كوتشما وممثلين عن الانفصاليين احدهما زاخارتشنكو.

وشكك هذا الاخير في جدوى مواصلة مفاوضات السلام مع كييف، فيما يرتقب عقد اجتماع جديد هذا الاسبوع في مينسك. وقال: "ماذا ينفع الاجتماع مجددًا هذا الاسبوع؟ وماذا سنبحث؟ يجب اولا احترام الهدنة". واعرب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل في اتصال هاتفي في وقت متاخر الاحد عن قلقهما حيال هذه الانتهاكات، على ما اعلن مكتبه.

واكد أن ميركل ايدت خطط بوروشنكو لاقرار تشريعات في البرلمان تمنح حكمًا ذاتيًا محدودًا للمناطق الشرقية، التي تعتبر سندًا اقتصاديًا لأوكرانيا، وهي نقطة اساسية في اتفاق وقف اطلاق النار. ويعتبر الغربيون أن هذه الهدنة غير كافية لضمان سلام دائم. كما يشككون في التزام الكرملين في ايجاد حل سلمي للازمة التي اثارت اسوأ ازمة بين الغرب وروسيا منذ الحرب الباردة.

خطوة أولى

اعتبر اتفاق وقف اطلاق النار خطوة أولى للتوصل إلى اتفاق سلام طويل المدى لانهاء نزاع أدى إلى مقتل اكثر من 2700 شخص ونزوح نصف مليون على الاقل من المدن والبلدات المدمرة شرق أوكرانيا. وأدت الهدنة إلى تجميد هجوم انفصالي في جنوب شرق البلاد الشهر الفائت بدعم مفترض من مظليين في الجيش الروسي وبالاسلحة الثقيلة، الامر الذي رجح ميزان القوة ضد الجيش الأوكراني.

واكد الحلف الاطلسي وكييف أن ألف جندي روسيا على الاقل ما زالوا على الاراضي الأوكرانية، الامر الذي ينفيه الكرملين. غير انه افاد أن جنودًا اسروا في أوكرانيا كانوا قد اضاعوا طريقهم على الحدود، فيما اكد مسؤول انفصالي أن جنودًا اخرين في الجيش الروسي وصلوا لتمضية "العطلة".

إلغاء أوكرانيا

كرر رئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك ارتياب الغرب العميق حيال طموحات موسكو التوسعية، عندما اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت بالسعي إلى "إلغاء" أوكرانيا كدولة مستقلة. ويتوجه بوروشنكو هذا الاسبوع إلى واشنطن للقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما، من اجل الاتفاق على "وضع خاص" لبلاده مع الولايات المتحدة، في اطار إبعادها المستمر عن الفلك الروسي.

واستبعد اوباما أي تدخل عسكري، لكنه كشف عن تشديد العقوبات الاقتصادية على موسكو، إلى جانب اجراءات مشابهة للاتحاد الاوروبي، ستؤدي إلى استبعاد موسكو من الاسواق المالية الغربية، وإلى تقييد قطاعها النفطي الحيوي.

واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واشنطن باستغلال الازمة لقطع العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الاوروبي وروسيا.