أكدت قمة أردنية ـ فرنسية عقدت في باريس على تحقيق السلام استنادًا إلى حل الدولتين ودعمهما للجهود الدولية لمكافحة خطر المنظمات الإرهابية.


نصر المجالي: تحادث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في قصر الإليزيه في باريس، مساء الأربعاء، حول العلاقات بين البلدين والتطورات السياسية في الشرق الأوسط، وجهود تحقيق السلام، وتطورات الأوضاع في سوريا والعراق.

ويتوجه الملك عبدالله الثاني بعد زيارته الحالية، التي بدأها الأربعاء في باريس، إلى نيويورك، للمشاركة في جانب من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال بيان أردني إن المباحثات تناولت آفاق التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، حيث أعرب الزعيمان عن تطلعهما إلى تعزيز العلاقات التاريخية بين الأردن وفرنسا في مختلف المجالات، وبما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.

تطرق اللقاء إلى جهود تحقيق السلام استنادًا إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وبما يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

كما جرى بحث تطورات الأوضاع على الساحتين السورية والعراقية، حيث أكد الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، وأهمية العمل على دعم كل ما يصب في تعزيز وحدة وتوافق الشعب العراقي.

بيان مشترك
وفي ختام مباحثات العاهل الهاشمي والرئيس الفرنسي، صدر بيان مشترك في ما يلي نصه، كما أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا):
- رحب الرئيس فرانسوا هولاند بصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني في باريس في 17 أيلول/سبتمبر. وبهذه المناسبة، أعرب الزعيمان عن التزامهما بتعزيز العلاقات الثنائية القوية والودية التي تربط المملكة الأردنية الهاشمية وفرنسا، وأكدا حرصهما على ترسيخ التعاون بين البلدين حيال القضايا الثنائية وذات الاهتمام المشترك.

- أكد الزعيمان على أهمية استمرار الحوار السياسي على مستوى رفيع بين البلدين، بما في ذلك التعاون المثمر في مجلس الأمن، وشددا على أن السعي إلى تحقيق السلام والأمن الإقليمي والعالمي هو أولوية بالنسبة إلى كل من الأردن وفرنسا.

الإرهاب
- أعرب الزعيمان عن دعمهما للجهود الدولية لمكافحة خطر المنظمات الإرهابية والجماعات المتطرفة على الأمن الإقليمي والعالمي.
- وحول الوضع في العراق، عبّر الزعيمان عن دعمهما للحكومة الجديدة، وأعربا عن أملهما في تحقق آمال وتطلعات جميع مكونات الشعب العراقي وإشراكهم في العملية السياسية الجارية. وكان المؤتمر الدولي للسلام والأمن في العراق، الذي عقد في باريس يوم 15 أيلول/سبتمبر، قد تمخض عن التزام جميع المشاركين بدعم الحكومة العراقية الجديدة في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بكل الوسائل الضرورية، بما في ذلك المساعدة العسكرية.

- ناقش جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس هولاند خلال المباحثات أولوية دعم عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية وضرورة استئناف المفاوضات التي تؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وقابلة للحياة، ضمن حدود 1967، لتعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل.

السلام
- أكد الطرفان التزامهما بتحقيق تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ومبادئ مدريد ومبادرة السلام العربية. وأكدا أيضًا أهمية دور الاتحاد الأوروبي في صنع السلام في الشرق الأوسط.

- أعرب جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس هولاند عن قلقهما البالغ إزاء تصاعد العنف في سوريا واستمرار معاناة الشعب السوري. وأدان الزعيمان بشدة انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي واستهداف المدنيين على أساس العرق أو الدين أو الانتماءات الطائفية من جانب السلطات السورية والجماعات المتطرفة. وشددا على الحاجة الملحّة إلى انتقال سياسي يؤدي إلى حل سياسي شامل لهذا الصراع المستمر، وأعربا عن تأييدهما لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في هذا الصدد.

وأعرب جلالة الملك عبدالله الثاني عن امتنان الأردن للدعم الذي تقدمه فرنسا إلى اللاجئين السوريين، وكذلك المجتمعات المحلية الأردنية المضيفة. وحثّ كلا الزعيمين، المجتمع الدولي على مواصلة دعم الأردن في جهوده لمواجهة الآثار الإنسانية للصراع السوري على المملكة.

الحوار بين الأديان
- أكد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس هولاند التزامهما المشترك بتعزيز السلام والتنمية والتعليم والحوار بين الأديان والتفاهم ومكافحة التعصب والتطرف والعنصرية والعنف ضد أتباع جميع الأديان، وذلك من خلال نشر رسائل التسامح والاعتدال.

- وخلال محادثاتهما، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس هولاند التزامهما بتعميق الشراكة الاقتصادية الأردنية الفرنسية. واستعرض الزعيمان سبل زيادة التجارة البينية والتبادلات الاقتصادية، مع التركيز بشكل خاص على المياه والبيئة، وكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة والنقل والصناعات الزراعية والتعليم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- أكد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس هولاند على المزايا الاقتصادية والاجتماعية المتبادلة والناتجة من استمرار التعاون بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين. ورحب الزعيمان بالتوقيع خلال الزيارة على اتفاقيات ومذكرات تفاهم عدة باعتباره خطوة إيجابية نحو تعميق العلاقات الثنائية الاستراتيجية في القطاعات الرئيسة مثل التنمية الاقتصادية والمحلية المستدامة "لا سيما في منطقة العقبة"، واستدامة المياه والطاقة المتجددة، وقطاع الإعلام. ويجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن مذكرة التفاهم بين مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية ومجموعة فرانس ميديا موند تسمح لقناة فرانس 24، وراديو فرنسا الدولي وإذاعة مونت كارلو الدولية البث في الأردن.

أزمة المياه
- ومن منطلق التزام الطرفين بمواجهة التحدي المتمثل في الندرة الحادة في المياه، شرع الأردن وفرنسا بالتعاون المثمر في هذا المجال، وتبلغ القيمة التراكمية للمشاريع التنموية في هذا القطاع 250 مليون يورو على مدى السنوات العشر الماضية. وقد منحت الشركات الفرنسية التي تساهم في تطوير البنى التحتية للمياه في الأردن أخيرًا خمسة عقود بمبلغ إجمالي قدره 82.2 مليون يورو، وبدعم مالي من الحكومة الفرنسية.

وقد جدد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس هولاند دعمها لتطوير هذه البنى التحتية. وشددا على أهمية مشروع ناقل مياه البحر الأحمر– البحر الميت الأردني لتأمين إمدادات المياه العذبة، وإنقاذ البحر الميت وتعزيز التعاون الإقليمي.

- أخيرًا، أعرب الزعيمان عن ارتياحهما لنتائج المحادثات الشاملة التي أجرياها، والقائمة على الثقة بين شريكين وصديقين. وأعرب جلالة الملك عبدالله الثاني عن تقديره للرئيس هولاند لما بذله من جهد لجعل الزيارة الملكية إلى فرنسا مثمرة وناجحة. وحضر المباحثات رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب جلالة الملك، والسفيران: الأردني في فرنسا والفرنسية في عمّان، وعدد من كبار المسؤولين الفرنسيين.

اتفاقيات
وشهد الملك عبدالله الثاني ومضيفه الرئيس هولاند، على هامش الزيارة، توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، والتي ستسهم في تعزيز آفاق التعاون وتوسيعها من خلال دعم وإقامة مشاريع تنموية مشتركة في مختلف المجالات. فقد وقع البلدان مذكرة تفاهم لدعم مشاريع استدامة المياه في الأردن، وقعها عن الحكومة الأردنية وزير المياه والري حازم الناصر، وعن الجانب الفرنسي وزير الخارجية لوران فابيوس.

كما وقعت الحكومة الأردنية والوكالة الفرنسية للتنمية مذكرة تفاهم في مجال الدعم المقدم للأردن للفترة ما بين 2014- 2016 لتمويل مشاريع في قطاعات المياه والطاقة والتنمية الحضرية، وقعها وزير المياه والري حازم الناصر، وعن الجانب الفرنسي المديرة التنفيذية للوكالة الفرنسية للتنمية آن بوجام. وجرى التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة الإذاعة والتلفزيون والمؤسسة الإعلامية الفرنسية، وقعها وزير المياه والري حازم الناصر، والمديرة العامة للمؤسسة الإعلامية الفرنسية ماري كريستين ساراغوس.
ووقعت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ووكالة البحر الأبيض المتوسط للمدن المستدامة مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات التنمية الحضرية والإقليمية.

وتسعى وكالة البحر الأبيض المتوسط للمدن المستدامة إلى تحقيق التعاون وتبادل الخبرات بين دول البحر الأبيض المتوسط من أجل تعزيز الأساليب المتكاملة والنموذجية للتنمية الحضرية والإقليمية بين الممثلين الفرنسيين ودول الإتحاد من أجل المتوسط. ووقع المذكرة رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، فيما وقعها عن وكالة البحر الأبيض المتوسط رئيسها سيرجي تيلي.

الطاقة المتجددة
على صعيد متصل، وقعت جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة الأردنية والجمعية الفرنسية للطاقة المتجددة مذكرة تفاهم مشتركة للتعاون في مجالات الطاقة المتجددة. وتهدف مذكرة التفاهم، التي وقعها رئيس مجلس إدارة "إدامة" الدكتور ماهر مطالقة، ورئيس مجلس إداراة الجمعية الفرنسية جان لويس بال، إلى تعزيز وإدامة التعاون بين الجانبين عبر التركيز على سبل دعم تبادل الخبرة والتدريب والمعلومات والممارسات التقنية والبيئية وتعميق التنسيق بين الشركات المعنية في كلا البلدين في قطاع الطاقة المتجددة.

يذكر أن الأردن يسعى إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 10 بالمئة من مزيج الطاقة بحلول عام 2020 من خلال 1200 ميغاوات من طاقة الرياح، و600 ميغاوات من الطاقة الشمسية، بين 30 و50 ميغاوات من النفايات الحيوية.

كما وقعت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ومجموعة الخط الملاحي الفرنسي "CMA CGM" مذكرة تفاهم مشتركة لإنشاء ميناء بري في مدينة العقبة. ووقع المذكرة، رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وعن المجموعة الفرنسية النائب الأول لرئيس المجموعة جين فيليب.

يشار إلى أن شركة "CMA CGM"، والتي يقع مقرها في مدينة مرسيليا، تعد الشركة الفرنسية الأولى في هذا المجال، وتصنف كثالث أكبر شركة إدارة ونقل حاويات على مستوى العالم.
&