إن حدث واستقلت إسكتلندا، ثمة أسئلة تحتاج إجابات شافية، تتناول مصير ديفيد كاميرون، وعملة إسكتلندا المستقلة، وعلاقتها بالاتحاد الأوروبي، ومصير الأسلحة النووية البريطانية.


مع توجه الإسكتلنديين الخميس إلى صناديق الاقتراع في الاستفتاء على استقلال إسكتلندا أو بقائها جزءًا من بريطانيا، تعجّ وسائل الإعلام بالتكهنات في حال تصويت الإسكتلنديين بنعم للانفصال وتداعيات مثل هذا القرار.

من الأسئلة التي تُثار في هذا الشأن ما يتعلق بمصير رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وما إذا كانت إسكتلندا المستقلة ستحتفظ بالجنيه الإسترليني عملة وطنية، وشكل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، ومصير الأسلحة النووية البريطانية في إسكتلندا.

هل تنضم إسكتلندا إلى الاتحاد الأوروبي؟
يرجح المحللون أن تُقبل إسكتلندا المستقلة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، لكنهم يؤكدون أن العضوية لن تكون سهلة كما يوحي رئيس الوزراء الإسكتلندي أليكس سالموند والمعسكر المؤيد للانفصال.

فليس في معاهدات الاتحاد الأوروبي نصوص تأخذ في الاعتبار تفكك دولة عضو وانضمام الجزء المنفصل إلى الاتحاد. وترجح بروكسل أن تتقدم إسكتلندا بطلب العضوية وتبدأ من الصفر. ونقلت صحيفة غارديان عن المحلل السياسي أيان تيلور قوله إن قبول إسكتلندا يتطلب موافقة الدول الثماني والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وستكون هناك اعتراضات من إسبانيا وبلجيكا وبلدان أخرى تواجه حركات انفصالية، ولكن السياسة ستنتصر في نهاية المطاف.

وسيكون من الصعب على بروكسل أن تتجاهل نتائج استفتاء ديمقراطي سلمي حر من دون أن تبدو هي نفسها معادية للديمقراطية، فضلًا عن أن قوانين الاتحاد الأوروبي وأنظمته أصلًا سارية في إسكتلندا.

هل تحتفظ اسكتلندا بالجنيه الإسترليني؟
يؤكد سالموند أن اسكتلندا المستقلة ستحتفظ بالجنيه الاسترليني. لكن الأحزاب الثلاثة الكبيرة في مجلس العموم أعلنت انها ستقف ضد الاتحاد النقدي. ويرى الخبراء الماليون اربعة احتمالات بعد الاستقلال، هي الاحتفاظ بالجنيه الاسترليني في اطار اتحاد نقدي، أو استخدامه من دون اتحاد رسمي، أو الانضمام إلى اليورو، أو اصدار عملة اسكتلندية جديدة.

ويقول الحزب القومي الاسكتلندي بشأن الاحتمال الأول إن الأحزاب الكبيرة الثلاثة تهدد بالوقوف ضد أي اتحاد نقدي لتخويف الناخبين، لكنها لا تعني ما تقول. وسيحتاج خيار اليورو بعض الوقت، في حين أن استخدام الجنيه الاسترليني من دون اتحاد نقدي رسمي يعني غياب صمامات الأمان ضد الصدمات المالية. وسيكون اصدار عملة وطنية عملية مكلفة، ولكنها تمنح اسكتلندا قدرًا اكبر من السيطرة على السياسة النقدية.

هل يستقيل ديفيد كاميرون؟
يقول رئيس الوزراء البريطاني انه لن يستقيل، وليس هناك ما يفرض عليه الاستقالة دستوريًا. لكنه سيكون رئيس حكومة أضعف في بلد أصغر، وسيتلقف منتقدوه الكثر في صفوف النواب المحافظين كل فرصة للفت انتباهه إلى وجودهم شوكة في خاصرته.

وبذلك يكون كاميرون تحت ضغط شديد، لا سيما أن حزب العمال سيحاول استثمار هذا الموقف لمصلحته. فكل شيء نسبي في السياسة، وخسارة قائد قد تكون كسبًا لقائد آخر.

هل يتمكن حزب العمال من تشكيل حكومة بعد استقلال اسكتلندا؟
كان النواب المحافظون الاسكتلنديون يُعدون على اصابع يد واحدة خلال السنوات العشرين الماضية، أو لم يكن لهم وجود أصلا في اسكتلندا. وعلى النقيض من ذلك، حصة حزب العمال من المقاعد الاسكتلندية في مجلس العموم تبلغ 41 من اصل 59 مقعدا. وخسارة هؤلاء باستقلال اسكتلندا ستغلق كل الطرق السهلة أمام زعيم الحزب ايد ميليباند للوصول إلى 10 داوننغ ستريت.

لكن غارديان تنقل عن المحلل السياسي توم كلارك قوله: "هذا لا يجعل فوز العمال في الانتخابات متعذرًا، فإن انتصارات توني بلير الكبيرة كانت كلها من دون الاعتماد على اصوات اسكتلندا وكذلك انتصارات قادة عماليين قبله مثل كليمنت أتلي وهارولد ولسن".
&
هل يحتاج الاسكتلندي جواز سفر لزيارة بريطانيا؟
يبدو الاتفاق على إبقاء اسكتلندا المستقلة ضمن منطقة السفر المشتركة على غرار جمهورية ايرلندا هو الحل المنطقي والعملي. لكن الخلافات السياسية بشأن الهجرة يمكن أن تشكل عقبة كبيرة. ومن الصعب تخيل حكومة في لندن، سواء أكانت محافظة أو عمالية، توافق على اتفاقية تُبقي الحدود مفتوحة مع اسكتلندا مستقلة، تتخذ موقفًا مغايرًا من المهاجرين.

وأعلن اليكس سالموند انه يتطلع إلى زيادة صافي عدد المهاجرين إلى اسكتلندا ليبلغ نحو 42 الف مهاجر سنويًا. وإذا تعين على اسكتلندا المستقلة أن تلتزم بحرية الحركة لجميع مواطني الاتحاد الاوروبي في حال انضمامها إلى الاتحاد، فان ما تبقى من بريطانيا سيكون حتى أكثر ميلًا إلى غلق ابوابه مع اسكتلندا. وإلى أن تتضح آفاق انضمام اسكتلندا إلى الاتحاد الاوروبي، فإن قضية الحاجة إلى استخدام جواز مرور لدخول بريطانيا ستبقى بلا حل.

ماذا سيحدث لقواعد الغواصات النووية البريطانية في اسكتلندا؟
ستكون لدى اسكتلندا واحدة من أصغر الميزانيات بين الدول الأعضاء في حلف الأطلسي إذا قُبلت عضوا فيه، لكن هذا قد ينسجم مع توجه اسكتلندا المستقلة على الساحة الدولية.
فان الحزب القومي الاسكتلندي يريد إزالة الأسلحة النووية، أي الغواصات النووية الأربع والصواريخ والرؤوس الحربية التي تشكل قوة الردع النووي البريطانية، من اراضي اسكتلندا خلال الدورة البرلمانية الأولى بعد الاستقلال.

وتقول لندن إن تكاليف نقل هذه الترسانة ومتاعب العثور على مكان بديل آخر مناسب تجعل المطلب الاسكتلندي مطلبًا تعجيزيًا، بل وحتى خطيرًا. ويمكن أن تستخدم اسكتلندا المستقلة صداع لندن هذا ورقة مساومة لانتزاع تنازلات منها بشأن قضايا أخرى.

هل تحتفظ اسكتلندا بعائداتها النفطية؟
كان نفط بحر الشمال دائمًا يتسم بأهمية حاسمة، ليس لتوفير فرص العمل وجباية ضرائب من شركات النفط فحسب، بل لبقاء اسكتلندا نفسها بوصفها دولة مستقلة مزدهرة.
ويذهب الافتراض العام على جانبي الحدود إلى أن 91 بالمئة من هذه الضرائب يمكن أن تؤول إلى اسكتلندا على اساس الخط البحري المعترف به دوليًا بين اسكتلندا وانكلترا.

وجادل سالموند الذي درس اقتصاد النفط في الجامعة بأن اسكتلندا المستقلة تستطيع أن تستثمر 54 مليار جنيه استرليني سنويًا من الضرائب التي ستجبيها من نفط بحر الشمال خلال السنوات الست الممتدة إلى 2016 و2017. وهو يقدر أن هناك 24 مليار برميل من مكافئات النفط التي تشمل الغاز.

لكن مثل هذه الأرقام كانت من نقاط الخلاف الكبيرة مع لندن التي تقدر حجم مكافآت النفط بنحو 10 مليارات برميل والايرادات الضربيبة بنحو 61 مليار جنيه استرليني بين الآن والعام 2040.

هل ستبقى اليزابيث ملكة اسكتلندا؟
ستبقى الملكة اليزابيث الثانية ملكة اسكتلندا المستقلة على المدى القريب على اقل تقدير. وستبدأ اسكتلندا المستقلة بإعداد دستور يغيِّر اللقب ويُبقي الملكة على رأس الدولة، كما تنقل صحيفة غارديان عن آدم تومكينز استاذ القانون الدستوري في جامعة غلاسكو.

فالتصويت لمصلحة استقلال اسكتلندا لا يعني اعلانها جمهورية، لأن الاستفتاء يتعلق بالاتحاد الذي أُقيم قبل 307 سنوات، ولا يشمل اتحاد العرشين الذي حدث في العام 1603 عندما اصبح ملك اسكتلندا جيمس السادس ملك انكلترا جيمس الأول.

وقال وزير العدل في الحكومة الاسكتلندية الحالية كيني ماكاسكل إن القرار بشأن الملكية يعود إلى الشعب الاسكتلندي، ويعني هذا أن القضية قد تُطرح لاستفتاء آخر.
&