أعرب عراقيون عن تخوفهم من تداعيات الأحداث في بلدهم وتشكيل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش، مؤكدين أنهم لا يطمئنون إلى السياسة الأميركية في المنطقة العربية، ومعتقدين أن وراء هذا التحالف أجندات تتوخى امتداد المعارك إلى المناطق الهادئة.


عبد الجبار العتابي من بغداد: عبّر مواطنون عراقيون عن مخاوفهم مما سينتج من التحالف الدولي، الذي وضعت استراتيجيته أميركا، مؤكدين أنها هي التي صنعت داعش، وأشرفت على تدريبه وتسليحه، مشيرين إلى أنها من خلال هذا التحالف ستصنع داعشًا جديدًا.

فيما رأى آخرون أن ما تقوم به أميركا من تحشيد دولي هو نفاق دولي واضح. وتستعد الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب تحالف دولي واسع، يضم أكثر من 30 بلدًا بينها دول عربية، لشن عملية عسكرية واسعة، تستهدف مسلحي داعش في العراق وسوريا.

تبرئة ذمة
فقد أكد حمدي طالب، طالب في كلية الإعلام، أن التحالف الدولي ما هو إلا محاولة لإعادة إنتاج داعش بنسخة جديدة، وقال: لا أعتقد أن أميركا حريصة على العراق كل هذا الحرص الذي يجعلها تعقد مؤتمرات وتعقد تحالفات ضد داعش، وهي على يقين أنها من أسّس داعش ومن وهبه الحياة والقدرة على القتل والتدمير، فالمخططات الأميركية معروفة، ولا يمكن أن تكون لمصلحة العرب أو العراق، وأعتقد أنها تحاول الآن بعدما انكشفت اللعبة أن تبرئ ذمتها من داعش.

وأضاف: في رأيي المتواضع أن الدول الغربية، وبعدما إنتفت الحاجة إلى "داعش"، سيتم إخراجه من العراق، وحصره في مناطق محددة في سوريا لإعادة إنتاج نسخة جديدة.
وتابع: أعتقد أن كل هذا الذي عملته أميركا ما كان ليكون لولا الدعم السريع الذي قدمته روسيا للعراق فور دخول داعش إلى الموصل، بينما أميركا لم تقدم شيئًا، ولهذا فالمؤتمر والحركات المكوكية التي أدت إلى إقامة التحالف الدولي لمحاربة داعش هو لمنع روسيا من بناء علاقات استراتيجية داخل المنطقة، وتحديدًا مع العراق وسوريا وإيران.

مصداقية أميركا&
أما نوري شهاب العبدلي، موظف حكومي، فقد أشار إلى شكوكه في ما تفعله أميركا، موضحًا أن التحالف يمثل عودتها إلى العراق. وقال: تسعدني الأخبار التي تؤكد وقوف العالم إلى جانب العراق لمحاربة أشرس هجمة من تنظيم داعش الإرهابي، لكن الغريب كيف أن أميركا التي مخابراتها وكاميراتها تملأ الأرض والسماء لا تعرف شيئًا عن داعش، وماذا يعمل في سوريا والعراق، ومن ثم لماذا تأخرت كل هذا الوقت لتعلن أنها ستنجد العراق، وقد راح ضحية داعش الآلاف من العراقيين في الموصل، إذن .. أنا أشك في أن أميركا ليست لها علاقة بداعش.
&
وأضاف: الخطر الذي أخشاه هو أن تقوم أميركا بأعمال خبيثة في العراق، من خلال استهداف المناطق الآمنة أو إدعاء أن هناك ميليشيات ستعمل على محاربتها، وبالتالي ستتسع رقعة المعارك.

ضرب المقاومة الشيعية
من جانبه، أعرب عبد السلام حسن، من عناصر عصائب أهل الحق، عن تخوفه من تشكيل التحالف الدولي وعدم اطمئنانه إلى نتائجه، وقال: لا أطمئن إلى مثل هذه المؤتمرات ولا التحالفات، وأرى أن وراءها مكائد كبيرة، ويمكنني القول إن نتائج هذا المؤتمر تؤكد على محاصرة ومتابعة وربما ضرب مقار ومعسكرات المقاومة الإسلامية "الشيعية" تحديدًا، لاسيما الكتائب التي لاتزال قدراتها المتطورة سبب قلق لدى أميركا وأذنابها، لأن نجاح المقاومة الإسلامية في العراق وسوريا، المتمثل في ضرب المخطط الغربي في المنطقة، سبب قلق للكيان الإسرائيلي وللغرب وحكام الخليج من إتحاد فصائل المقاومة في العراق ولبنان أو ما سمي بـ"منطقة الهلال الشيعي" لتشكيل جيش عقائدي مقاوم، ما يعني إفشال مشروع الشرق الأوسط الكبير، إضافة إلى قلق لدى الانظمة الدكتاتورية في المنطقة.

أضاف: سيعمل التحالف الدولي على إعادة هيكلية الجيش العراقي بالتعاون مع الضباط "الخونة" داخل الجيش لطمأنة دول الخليج التي إستشعرت بالخطر لتحسن أدائه بعد فتوى الجهاد للمرجعية الشيعية، ولا أعتقد أن أميركا مرتاحة لفتوى الجهاد الكفائي التي أصدرتها المرجعية، بل إنها لم تكن تتوقعها، أميركا تعمل على تأجيج نار الطائفية بين العراقيين من أجل مصالحها ومصالح إسرائيل. وتابع: أميركا تخبئ للعراق أشياء جديدة، لكننا سنكون لها بالمرصاد، وبعون الله سنجعلها تفشل في تحقيق أهدافها.

سياسة مفضوحة
أما حيدر الربيعي، كاتب، فقال: أميركا الشيطان الأكبر فعلًا، وهي تحارب داعش للاستهلاك الإعلامي فقط، بعد فضح تعاونهم مع داعش. وأضاف: توجهات أوباما من خلال التحالف الدولي هي في تحقيق مطلب داعشي للالتفات على فصائل المقاومة الشعبية الأبطال بحجة التوازن، وهي حجة باطلة، وسياسة أميركا أصبحت مفضوحة والله المستعان.

جعجعة أميركية
إلى ذلك أكد الدكتور سعيد مجيد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، أن الحشد الدولي الذي تقوده أميركا جعجعة واضحة. وقال: هذا نفاق دولي، فأميركا تقول إنها لا تريد القضاء على داعش، بل إضعافه، وعلى الرغم من كثرة الطلعات الجوية للطيران الأميركي في شمال العراق فلم يتم تنفيذ إلا عدد قليل من الضربات الجوية، فمدينة آمرلي لم تحررها القوات الأميركية ولا سد الموصل، بل إن القوات الأميركية لم تفعل أي شيء مؤثر على الساحة العراقية، وهذه حقيقة واضحة، وأعتقد أن تنظيمات داعش والنصرة كنز استراتيجي لأميركا لخلق الفوضى الخلاقة، التي هي إحدى أدواتها تنظيمات داعش والنصرة في المنطقة.

وأضاف: عندما نريد أن نحارب الإرهاب باعتباره منظومة متكاملة تبدأ من الفتوى إلى رجل الدين، الذي يحشد الشباب في تونس وليبيا والسعودية والمغرب وحتى في بريطانيا وفرنسا، ووصول الإرهابي إلى تركيا معززًا ومكرمًا، ليتدرب في ساحات معروفة وبقيادات معروفة من أجل إيصاله إلى سوريا أو العراق، هناك دعم لوجستي ودعم بالسلام، لذلك أنا أجد في الحشد الدولي الذي تقوده أميركا جعجعة واضحة ومحاولات تسليط كل الأضواء على الجهد الأميركي الموجود في العراق، وهو لا شيء في قياساتي.

وتابع: لدى أميركا أكثر من 52 مليار دولار لشراء السلاح، لكنهم لم يعطونا السلاح، في حين أن روسيا التي لم نسمع لها ضجيجًا فتحت مخازن أسلحتها، وقالت للعراق خذ ما تشاء، والفرق في الموقفين أن هناك اتفاقية بين العراق وأميركا، ولا توجد اتفاقية بين العراق وروسيا، وقد تجد في عبارات الرئيس بوتين دعمًا حقيقيًا أمام عبارات أوباما، والسلاح الذي يضرب داعش الآن هو سلاح روسي، وليس أميركيًا، وهذه مشكلة لا بد أن ننتبه إليها، لا يغرنا الجهد الدولي ولا أن تمرر السياسة الأميركية، فأخطر ما يمر على العراق في الوقت الحاضر هو من خلال السياسة الأميركية.

داعش جديد قريبًا&
أما النائب الشيخ جمال البطيخ فقد أشار إلى أن ما يحدث هو لضرب داعش بعد تمرده، لافتًا إلى أنها ستصنع داعشًا جديدًا، فقال: أدركت أميركا وحلفاؤها أن الدواعش قد تمردوا، وخالفوا سير الخطط المرسومة لهم ضمن الاستراتيجية المتفق عليها، ولكن الذي حدث هو أن هذا المارد فقد السيطرة عليه، وأصبح جامحًا ومفترسًا ويلتهم كل شيء أمامه، فتوجه نحو إقليم كردستان يفترسها، وكل من يقف أمامه، وهنا تبيّن (للأميركيين) أن السحر انقلب عليها.

وظهرت حوادث أخرى من (الدواعش) كقطع رأسي الصحافيين الأميركيين، حيث جن جنون الحكومة الأميركية بأن الدولة الاسلامية (الدواعش) خطر على العالم، ولا بد من محاربة هذا التنظيم بكل الوسائل. وأضاف: تم التحشيد الدولي برعاية أميركية أوروبية لضرب داعش، ومن خلال مباركة عربية ضئيلة وامتناع قطر والأردن وتركيا، ولكن ترقبوا داعش الجديد بعد القضاء على (الصنيع).

&