بدأت التحضيرات العملية للزيارة المرتقبة للعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى موسكو، في أكتوبر المقبل، بعقد مسؤولي روسيا والمغرب لقاءات للوقوف على جميع الترتيبات وأشكال التعاون التي ستجمع البلدين مستقبلا.


أيمن بن التهامي من الرباط: استضافت العاصمة المغربية الرباط، آخر لقاء بين مسؤولي المغرب وروسيا وجرى ذلك، الأربعاء الماضي، في إطار أشغال الدورة الخامسة للجنة الحكومية المشتركة المغربية - الروسية، التي تهدف إلى إعطاء دفعة جديدة للتعاون بين المغرب وجمهورية روسيا الاتحادية، وتوطيد العلاقات الثنائية أكثر على الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والاستراتيجية.

المغرب أكبر مستفيد

تحرز العلاقات الثنائية بين موسكو والرباط، في السنوات الأخيرة، تقدما ينتظر أن يكبر أكثر، نتيجة الأزمة بين روسيا والاتحاد الأوروبي، التي يتوقع أن يكون المغرب أكبر المستفيدين منها، خصوصا في قطاع تصدير المنتوجات الفلاحية والبحرية.

وتأتي جهة "سوس ماسة درعة" (وسط المغرب) على رأس المناطق المستفيدة من هذا التوتر، وهو ما بدأت تتضح ملامحه صيف هذه السنة، إذ كشفت مصادر مطلعة أن مجموعة من رجال الأعمال الروس قاموا، أخيرا، بزيارة إلى مدينة أكادير، حيث أبدوا رغبة في إبرام عدة صفقات لاستيراد منتوجات فلاحية من المنطقة.

نمو المبادلات التجارية

وشارك المغرب للمرة الأولى في ملتقى "وارد فود موسكو"، الذي انعقد من 15 إلى 18 أيلول/سبتمبر الجاري، في روسيا.

وسجلت المبادلات التجارية بين البلدين نموا بنسبتي 35 و40 في المائة، خلال سنة 2013 وعند متم يوليوز 2014، على التوالي.

وبلغت هذه المبادلات 18.3 مليار درهم سنة 2013، أي ما يعادل 3 في المائة من المبادلات المغربية، برسم السنة الفارطة.

ورغم ذلك، يظل العجز بالميزان التجاري للمبادلات بين المغرب وروسيا، لصالح روسيا، وانخفض هذا العجز من 12.4 مليار درهم سنة 2011، إلى 13.7 مليار درهم سنة 2013.

وتمثل الصادرات الروسية من المواد الغذائية حوالى 97 في المائة من القيمة الإجمالية للصادرات المغربية الموجهة نحو روسيا، بينما تشكل المحروقات 78 في المائة من الواردات المغربية من روسيا.

موقف إيجابي من الصحراء

رافق نمو المبادلات التجارية بين المغرب وروسيا إشارات سياسية إيجابية ستفتح الباب أمام التنسيق بشأن عدد من القضايا المهمة بالنسبة إلى البلدين.

فبعد الموقف الإيجابي الروسي من الوحدة الترابية للمملكة في مجلس الأمن الدولي، وما ورد في خطاب العرش لهذه السنة من إشادة واضحة بالعلاقات التاريخية المغربية الروسية، ينتظر أن يعرف ملف الصحراء انعطافة مهمة ستسهم في كسب الرباط المزيد من النقاط في سعيها لحل هذا الملف.

وفي هذا الإطار، أكد عبد اللطيف عبيد، الذي وشحه رئيس فيدرالية روسيا، فلاديمير بوتين، بداية السنة الجارية، بوسام الصداقة، أن الموقف الروسي الإيجابي من قضية الصحراء، والإشارات الإيجابية التي قدمتها الرباط، أخيرا، ستساهم بشكل كبير في فتح آفاق أرحب لتطوير العلاقات بين البلدين.

وأشار إلى أن "زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لروسيا الاتحادية، في سنة 2002، أعطت نفسا جديدا لهذا التعاون، قبل أن تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، في سنة 2006، التي عبدت الطريق لتوطيد العلاقات بشكل أكبر، عبر تشكيل مجلس الأعمال الروسي المغربي، وهو مجلس يجسد الشراكة الاستراتيجية الاقتصادية بين البلدين في مجال تصدير المنتوجات الفلاحية والصيد البحري والبحث العلمي وتكوين الأطر".

وكشف عبد اللطيف عبيد، القنصل الشرفي لجمهورية روسيا الاتحادية في مدينة أكادير، في تصريح لـ"إيلاف"، أن "المغرب، إلى جانب عدد من الدول، أضحى الأوفر حظا للاستفادة من الأزمة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، بعد قرار موسكو مقاطعة الاستيراد من هذه الدول"، مضيفا أن "هناك العديد من المنتوجات التي يمكن للمغرب تصديرها، خاصة الفلاحية والصيد البحري والخدمات السياحية"، مبرزا أن الاستعداد على قدم وساق لاتخاذ جميع الترتيبات للزيارة الملكية المرتقبة، نهاية الشهر المقبل.

أهم شريك للرباط

تعد روسيا شريكا مهما بالنسبة لقطاعي الفلاحية والصيد البحري في المغرب، حيث تشكل منتوجات الصناعة الغذائية نسبة 97 في المائة من القيمة الإجمالية للصادرات المغربية الموجهة لهذا البلد، الذي يمثل ثاني سوق لمنتوجات الصناعة الغذائية (بحصة تصل نسبتها إلى 6.3 في المائة) بعد الاتحاد الأوروبي (بنسبة 62.7 في المائة).

وتشكل الحوامض نسبة 71 في المائة من قيمة المنتوجات الفلاحية المصدرة إلى روسيا والطماطم بنسبة 12 في المائة، في حين تمثل المنتوجات البحرية نسبة 15 في المائة من المنتوجات التي يجري تصديرها، وتتشكل أساسا من دقيق السمك (10 في المائة) والأسماك المجمدة (4 في المائة).