أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مساء السبت التوصل إلى "اتفاق" لحل الأزمة الحادة في البلاد، التي أدت إلى معارك عنيفة بين التمرد الحوثي الشيعي ومقاتلين سنة مدعومين من الجيش، موضحًا أنه يجري التحضير لترتيبات توقيع الاتفاق.


صنعاء: أتى هذا الاعلان اثر فرض اللجنة الامنية العليا التي يرأسها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي حظر تجول ليلي في أربعة احياء شمال غرب صنعاء حيث تدور معارك بين مسلحين حوثيين شيعة ومقاتلين سنة مدعومين من الجيش. وقال المبعوث الاممي في بيان انه "بعد مشاورات مكثفة مع جميع الاطراف السياسية بما فيها انصار الله (الحوثيون) تم التوصل الى اتفاق لحل الازمة الحالية في اليمن (...) والتحضير جار لترتيبات التوقيع" على الاتفاق.

واوضح ان "الاتفاق سيشكل وثيقة وطنية تدفع بمسيرة التغيير السلمي، وترسّخ مبدأ الشراكة الوطنية والأمن والاستقرار في البلاد". واضاف ان "اليمنيين عانوا طويلا من العنف والاقتتال"، مبديا "أسفه لاستمرار إراقة الدماء، خصوصاً بعد التوافق على مخرجات تاريخية في مؤتمر الحوار الوطني".

وأكد بن عمر أن "الوقت حان الآن لتجاوز المصالح الضيقة وتغليب المصلحة العليا والعمل بمسؤولية على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبناء الدولة الجديدة التي توافق عليها اليمنيون". وعاد مبعوث الامم المتحدة جمال بن عمر مساء الجمعة من صعدة الى صنعاء بعد ثلاثة ايام من المفاوضات مع زعيم التمرد الشيعي عبد الملك الحوثي.

حظر تجول
ولجأت السلطات الى حظر التجول اثر اشتداد المعارك بين متمردي جماعة "انصار الله" الشيعية ومسلحي حزب الاصلاح السني، التي اوقعت عشرات القتلى منذ الخميس من الجانبين، اضافة الى 22 مدنيا على الاقل. وادت اعمال العنف ايضا الى تعليق الرحلات الجوية الدولية في مطار صنعاء وغلق المدارس واكبر اسواق العاصمة والى شبه شلل تام في صنعاء. وتوقف بث برامج القنوات العامة الثلاث التي يقع مقرها في منطقة المعارك في شمال صنعاء لاكثر من ساعة قبل ان تعود الى البث مساء السبت.

وخلال الايام العشرة الاخيرة اعلنت السلطات اليمنية عن التوصل لاتفاقين للخروج من الازمة الا انهما ظلا حبرا على ورق. والسبت بدت الحياة مشلولة في صنعاء حيث خلت الشوارع واغلقت الجامعات والمدارس والمتاجر وعلقت الرحلات الجوية الدولية، بسبب استمرار المعارك الدامية بين مسلحين شيعة وآخرين سنة مدعومين من الجيش رغم جهود الامم المتحدة للتوصل الى هدنة.

ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور وصفه هجوم المتمردين الحوثيين في صنعاء حيث خلفت المعارك مع حزب الاصلاح السني عشرات القتلى منذ الخميس ، بانه "محاولة انقلاب". ولدى استقباله سفراء البلدان الداعمة للاتفاق السياسي الذي تنحى بموجبه عن الحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وصف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الهجوم الذي يشنه المتمردون الشيعة انصار الله في العاصمة بأنه "محاولة انقلاب".

ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن الرئيس اليمني قوله السبت ان اطلاق النار على مقر التلفزيون اليمني الذي قطع الجمعة برامجه طوال ساعة وعلى منشآت رسمية اخرى، يؤكد هذا المسار الانقلابي. ومنذ اكثر من شهر يعتصم المتمردون الذين يسيطرون على محافظة صعدة (شمال) مع انصارهم في العاصمة صنعاء ومحيطها للمطالبة باقالة الحكومة المتهمة بالفساد والحق في المشاركة في تعيين الوزراء وبمنفذ على البحر.

استهداف التلفزيون
وتكثفت المعارك الخميس في منطقة المطار شمال العاصمة ما ادى تعليق رحلات الخطوط الاجنبية منذ الجمعة. واستهدف اطلاق النار السبت مبنى التلفزيون العام ما خلف جرحى بين موظفيه، بحسب ما اعلن التلفزيون. كما قتل ثلاثة مدنيين في قصف شمال غرب صنعاء على شارع الثلاثين الرئيس القريب من جامعة الامام التي يحاول مقاتلو انصار الله انتزاع السيطرة عليها من مقاتلي حزب الاصلاح السنة. واصابت قذيفة مستشفى في المنطقة ذاتها ما ادى الى مقتل مدني.

وقتل 22 مدنيا خلال ثلاثة ايام في هذه المنطقة، بحسب مصادر المستشفيات. ولازم سكان الاحياء القريبة من مناطق القتال منازلهم السبت، فيما كانت الحركة خفيفة في انحاء المدينة، وفقا لمراسل فرانس برس. وظهرا، سقطت على مقر القيادة السابق للواء الاول مدرع القريب من جامعة الإمام، قذائف اطلقها متمردون شيعة، فارتفعت في السماء سحب الدخان.

وطلبت جامعة صنعاء في القطاع نفسه من الطلاب اخذ اجازة الزامية حتى منتصف تشرين الاول/اكتوبر بعد سقوط عدد من القذائف في حرمها. وعلقت السلطات الدراسة في المدارس والمعاهد حتى اشعار آخر. وذكر سكان ان احدى اكبر اسواق العاصمة، سوق علي المحسن، في وسط منطقة المعارك، مغلق منذ ثلاثة ايام، مما بدأ يؤثر على تأمين الفواكه والخضر.

ويبدو الحوثيون الذين يشتبه في سعيهم الى توسيع مناطق نفوذهم استباقا للدولة الفدرالية المقبلة التي ستتشكل من ست مقاطعات، عازمين اكثر من اي وقت مضى حسم المعركة مع خصمهم حزب الاصلاح الذي يتهمونه بالسعي الى التمركز في معقلهم بمحافظة صعدة. كما يسعون الى استثمار نجاحهم العسكري للحصول على تلبية كاملة لمطالبهم من السلطة التي تبدو عاجزة، على الاقل حتى الان، عن احتواء هجومهم.

وقد رفض الحوثيون في الشهر الماضي اقتراحا للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتعيين رئيس وزراء جديد وخفض زيادة مثيرة للجدل لاسعار الوقود. وهذان مطلبان اساسيان من مطالبهم. وغرق اليمن في ازمة منذ رحيل الرئيس السابق علي عبد الله صالح في شباط/فبراير 2012 بعد 11 شهرا من الاحتجاجات ضد نظامه.

واليمن البلد الفقير في شبه الجزيرة العربية يواجه ايضا تمردا انفصاليا في الجنوب واعمال عنف يقف وراءها تنظيم القاعدة. والحوثيون الزيديون فرع من الشيعة ويشكلون غالبية في شمال اليمن، لكنهم اقلية في البلاد التي يسود في معظمها المذهب السني.
&