&وجّه مرصد عراقي يعنى بالحريات الصحافية اتهامات لهيئة الإعلام والاتصالات بوضع الإعلام تحت هيمنة السلطة الأمنية، وتقييد حركة طواقمه، ووقف بث وسائل إعلامية دولية، ودعا العبادي إلى قرارات تؤدي لتغيير نمط التعامل مع وسائل الإعلام وتحرير الفرق الإعلامية من سلطة الأجهزة الأمنية وإجراءاتها لأنها لم تعد تتناسب مع ضرورات المرحلة.

لندن: دعا مرصد الحريات الصحافية العراقي رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي إلى خطوات تصحح مسيرة التعاون بين الحكومة والمؤسسات والهيئات الإعلامية في العراق، على أساس إحترام مبادئ حرية التعبير والوصول إلى المعلومة وفق الدستور والمبادئ العامة.

وأضاف أن المرحلة الماضية شهدت تحديات جسيمة ومخاطر جمة على السلم الأهلي والديمقراطية الناشئة وحرية التعبير التي كفلها الدستور، سواء نتيجة الحوادث المؤلمة التي تعرض لها الصحافيون ووسائل الإعلام من قوى العنف والجريمة والإرهاب، أو من خلال الإجراءات والسلوكيات التي اتخذت بإسم القانون من قبل بعض الهيئات المرتبطة بالحكومة العراقية واستهدفت وسائل إعلام محلية وصحافيين عراقيين وأجانب، وكان من شأنها إحداث صدام بين السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام.

وأضاف المرصد في رسالة إلى العبادي، حصلت "إيلاف" على نصها، أنه من الطبيعي أمام مثل هذه المعطيات، أن يتشكل نوع من إنعدام الثقة المتبادل الذي أثر على مجمل الحراك الإعلامي وإنعكس على دور وسائل الإعلام.

واوضح له الإجراءات القاسية التي اتخذت من قبل الهيئة الوطنية للإعلام والإتصالات (وهي هيئة مسؤولة عن تنظيم الإعلام) ضد إذاعات وقنوات فضائية وصحف، ومكاتب لها في بغداد ومدن البلاد من خلال فرض غرامات غير مسبوقة، أو إغلاق لمكاتبها وتقييد حركة الطواقم الإعلامية، وكانت الهيئة في الغالب تلجأ إلى حجج ومبررات غير قانونية للقيام بتلك الاجراءات، التي فهمت على الدوام محليًا ودوليًا باعتبارها انعكاساً للمزاج الحكومي.

وأشار المرصد إلى أنّه كان عبّر مرارًا عن قلقه البالغ لما يمكن أن ينتج عن تلك الإجراءات من تقويض لحرية العمل الصحفي وحركة الطواقم الإعلامية من خلال بيانات ومخاطبات إلى البرلمان والحكومة.

وشدد بالقول: "انه ليس من المقبول أن يتوقف العمل الصحافي والتغطيات الصحافية على موافقات من جهات هي في الأساس تمارس جهدًا أمنيًا وعسكريًا كقيادات العمليات في بغداد والمحافظات، أو وزارتي الداخلية والدفاع، في حين أن هيئة الإعلام والإتصالات لم تقم بدورها التنظيمي، وكانت تمارس الضغط على وسائل الإعلام من خلال التنسيق مع المؤسسات الأمنية والعسكرية، وكان يجدر بها كهيئة مستقلة ممارسة ضغط معاكس لصالح وسائل الإعلام، بما يخفف من تلك الإجراءات.

وأضاف المرصد أن الصحافيين ووسائل الإعلام يجدون معوقات كبيرة في ممارسة عملهم، فهم مطالبون بالحصول على تصريحات بالتغطية والتنقل من مؤسسات عسكرية وأمنية، وفق إجراءات معقدة للغاية تحرمهم في مرات كثيرة من القيام بالتغطية الصحفية والوصول إلى أماكن الإحداث، وهذا ينسحب على الصحافيين الأجانب الذين يعانون في الحصول على سمة الدخول إلى البلاد، ويصدمون بإجراءات غير متوقعة وليست ضرورية، وهذا ما يثير المزيد من القلق، ويدفع إلى التساؤل عن إمكانية أن تستمر الهيئة في عملها دون أن تغيّر من سلوكها وطبيعة إجراءاتها المخالفة للدستور والقانون، بل وحتى ما تعتمده من نظام داخلي يحدد مهامها وصلاحياتها.

وأشار المرصد إلى أنّ الهيئة اقدمت على اصدار قرارات بوقف بث بعض وسائل الإعلام الدولية، كالبي بي سي الدولية والبي بي سي العربية، حيث أوقف بث هذه الإذاعات بحجة عدم إكمالها لإجراءات تعاقدية وتقنية، وهو أمر لم تثبت صحته على الإطلاق، عدا عن إغلاق مكاتب بعض القنوات الفضائية المحلية والعربية كالبغدادية والبابلية والعربية والعربية الحدث وقناة الجزيرة، وصحيفة الشرق الاوسط.

واعتبر المرصد ذلك يمثل خروجًا عن الأعراف الديمقراطية، سواء تلك التي ينتهجها العراق بعد التغيير، أو التي تعمل عليها معظم دول العالم ويمثل إساءة للديمقراطية الناشئة، ويعطل حركة العراق بإتجاه العالم ومحاولته التواصل مع المحيط الإقليمي والعربي، وهو بحاجة إلى إعادة نظر موضوعية تتطلب مراجعة جادة لتلك الإجراءات.

وكانت هيئة الإعلام والاتصالات قد اصدرت في حزيران (يونيو) عام 2012 قرارات بوقف عمل 44 وسيلة إعلام بينها محطات تلفزيون واذاعات بارزة محليًا مثل قناتي البغدادية والشرقية وأخرى معروفة على نطاق دولي مثل البي بي سي وراديو مونت كارلو وراديو سوا وإذاعة صوت أميركا.

ودعا مرصد& الحريات الصحافية رئيس الوزراء إلى إتخاذ خطوات فاعلة ومؤثرة في المرحلة الحالية، وفي المستقبل، من بينها وقف تلك الإجراءات التعسفية وإعادة هيكلة هيئة الإعلام والإتصالات وإدخال الإصلاحات الضرورية على نظامها الداخلي ليتناسب وطبيعة الممارسة الديمقراطية التي لا يمكن أن تنجح في ظل التقاطعات التي تحدثها الهيئة بتلك الممارسات.

وشدد المرصد الحريات على رئيس الوزراء ضرورة إتخاذ قرارات، تؤدي إلى تغيير في نمط التعامل مع وسائل الإعلام من قبل هيئة الإعلام والإتصالات، وتحرير الفرق الإعلامية من سلطة الأجهزة الأمنية وإجراءاتها وضرورات الحصول على موافقاتها، لأنها لم تعد تتناسب على الإطلاق مع ضرورات المرحلة الراهنة والتغييرات والتطورات الحاصلة وديناميكية العمل الضروري لدعم الديمقراطية وحرية التعبير والمشاركة والحصول على المعلومات.

وخاطب العبادي قائلاً "اذ نُعرب لكم عن شكرنا مسبقاً على ما ستولونه من إهتمام لرسالتنا هذه، والخطوات التي نعتقد بإيجابيتها نظرًا لعزمكم الذي بدا واضحاً إصراركم عليه من أجل إحداث التغيير الجدير بحجم التحديات وطبيعة المرحلة الراهنة، فإننا نؤكد لكم إن نهج العمل الديمقراطي سيظل هو الهدف الذي نعمل لأجله، فنحن جزء من البناء الديمقراطي، ولا يمكن أن نتخلى عن مسؤوليتنا في هذا الصدد".