من جانب الطريق المؤدية الى الحدود، يبدون كظلال تحت الاشجار. ولكن حين ينجلي الغبار يظهرون. إنهم مئات الاكراد السوريين الذين فروا من الجهاديين وينتظرون في الجانب التركي هدنة مأمولة تتيح لهم العودة الى أرضهم.


يستظل صهب بصراوي شجرة بعد وصوله الى مرشد بينار في جنوب تركيا، ويروي قصة نزوحه بحذر كأنه يخشى أن تتناهى الى مسمع أحد الاولاد الذين يجاورونه.
&
يقول: "حين هاجم مسلحو داعش (الدولة الاسلامية) مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) دب فينا الرعب. قالوا في المساجد إن من حقهم قتل جميع الاكراد بين سبعة و77 عامًا. فجمعنا حوائجنا وغادرنا المدينة فورًا".
&
يقر صهب بأنه لم يشهد ايًا من المعارك أو التجاوزات، التي اتهم الجهاديون بإرتكابها، لكنه يعلم سلفًا بما يقومون به. "إنهم يذبحون الرجال والاطفال. يحرقون منازلنا ويسرقون مواشينا. أما النساء فيعمدون الى اغتصابهن ثم يقتادونهن الى الرقة (المحافظة السورية التي تعتبر مقر التنظيم) حيث يعرضونهن للبيع".
&
وتروي هوديل بصراوي التي فرت من قرية تندار الصغيرة المجاورة لكوباني: "لقد غادرنا فورًا لكننا تمكنا من التواصل مع من بقوا في قريتنا. وقد ابلغونا الامر نفسه. صحيح أن داعش لم يمسونا لكن من بقوا في القرية نالوا نصيبهم".
&
هذه المجموعة الصغيرة عبرت الحدود التركية قبل ثلاثة ايام لتقيم هنا تحت الاشجار، على بعد مئات الامتار من السياج الشائك الذي يفصلها عن ارضها، عن مدينة كوباني التي يواصل الجهاديون محاصرتها.
&
وتقول هانا محمد علي بأسف: "لم نتلقَ أي مساعدة رسمية. اكراد تركيا يزودوننا بالمياه والفواكه والخبز وهذا كل شيء. هل ترون حالنا؟ نريد العودة الى ارضنا في اسرع وقت".
&
لكنّ لاجئين آخرين كانوا اوفر حظًا. فما إن عبروا الحدود حتى نقلوا في حافلات الى مركز صحي للهلال الاحمر يتولى جنود حمايته. غير أن الاقتراب منه مستحيل.
&
في اتجاه الشرق، وامام واحدة من النقاط الحدودية الثماني التي سارعت انقرة الى فتحها، غابت صفوف آلاف اللاجئين الذين كانوا محتشدين الجمعة.
&
وتقول المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة إن نحو سبعين الف كردي سوري دخلوا تركيا في ثلاثة ايام فقط. ولكن لم يبقَ من هؤلاء الاحد سوى بضع عشرات، ينتظرون تحت الشمس موافقة السلطات التركية على عبورهم.
&
يتطلع اسماعيل زيرافيك بإنفعال الى ثلة من الجنود الاتراك المسلحين، لقد عبر الحدود قبل يومين ويأمل اليوم في أن تنضم اليه زوجته واثنان من ابنائه الذين ينتظرون في الجانب الآخر. اما ابناؤه الثلاثة الآخرون فبقوا في سوريا لمقاتلة الجهاديين.
&
ينتظر بفارغ الصبر أن يعانق افراد اسرته ويصب جام غضبه على الجهاديين الذين اجبروه على النزوح. "منذ اشهر يقتل هؤلاء اخواننا ويغتصبون اخواتنا. كل ذلك على مرأى من العالم والمجتمع الدولي الذي لا يتحرك. لو قاموا بتسليحنا على الاقل لتمكنّا من الدفاع عن انفسنا".