بمناسبة وجوده في أميركا، يلتقي الرئيس المصري الرئيس الأميركي الخميس المقبل، في لقاء لم يكن ضمن أجندة السيسي قبل سفره إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.


القاهرة: يواصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والوفد المرافق له مباحثاته في الولايات المتحدة الأميركية، وقد عقد لقاءات مع رجال أعمال وسياسيين أميركيين لتوضيح مناخ الإستثمار في مصر، وحثهم على المشاركة في المشروعات الضخمة التي دشنتها مصر أخيرًا.

أبعاد تنموية

وقال علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، إن السيسي عقد لقاءات مع من وصفهم بـ"حكماء أميركا والشخصيات البارزة"، ومنهم الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ووزراء الخارجية السابقين هنري كسنجر، ومادلين أولبرايت، وهيلاري كلينتون، إضافة إلى شخصيات أخرى من مستشاري الأمن القومي السابقين.

وأضاف أن السيسي عرض في تلك اللقاءات وجهة النظر المصرية حيال الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط، ولا سيما الحرب على الإرهاب، مشيرًا إلى أن السيسي أوضح للشخصيات الأميركية أن استراتيجية الحرب على الإرهاب يجب أن لا تقتصر على الحل العسكري فقط، بل يجب أن تشمل الأبعاد التنموية والإقتصادية والإجتماعية أيضًا.

وقال يوسف إن السيسي عرض على رجال الأعمال المصريين المقيمين في الخارج فرص الإستثمار في مصر، وإمكانية مساهمتهم في النهضة الإقتصادية التي تنتظرها البلاد.

طلب أميركي

وقال يوسف إن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيعقد لقاءً مع السيسي، بناء على طلب البيت الأبيض. وأوضح أن الإجتماع يأتي في إطار العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، التي وصفها بـ"المهمة والممتدة على مدار 30 عامًا"، منوهًا بأن اللقاء سيعمل على رأب الصدع في تلك العلاقات. ولفت إلى أن العلاقات المصرية الأميركية تسمح بوجود نقاط إختلاف بين البلدين.

وقالت كايتلن هايدن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، إن أوباما سيجري مشاورات هذا الأسبوع مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مشيرة إلى أن أوباما سيجتمع برئيس الوزراء العراقي الأربعاء وبالرئيس المصري الخميس.

تراجع أميركي

ووفقًا لسياسيين مصريين، فإن طلب البيت الأبيض عقد لقاء مع السيسي تراجع في مواقف أميركا تجاه التغيير السياسي الذي حصل في 30 (حزيران) يونيو، وعزل الرئيس السابق محمد مرسي. وقال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، لـ"إيلاف" إن اللقاءات التي عقدها السيسي مع وزراء الخارجية السابقين والرئيس الأسبق بيل كلينتون لم تكن مرتبة قبل سفره لنيويورك، مشيرًا إلى أنها رتبت أثناء وجوده هناك.

ولفت إلى أن تلك اللقاءات تعكس رغبة الجانب الأميركي في التعرف إلى السيسي، ومعرفة توجهات مصر السياسية تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وأشار إلى أنه لا يأمل كثيرًا في تحول جذري بالموقف الأميركي.

وأوضح أن الموقف الأميركي ليس موقفًا يخص أوباما، بل هو موقف مؤسسي يقوم على مخططات استراتيجية طويلة الأمد لتقسيم الشرق الأوسط وإعادة رسم خريطته من جديد، منوهًا بأن أميركا لن تتخلى عن مخططها إلا إذا قوبل بموقف موحد من الجامعة العربية. وأضاف أن المؤشر المهم في اللقاء المرتقب، هو تراجع أوباما عن غطرسته، وطلب لقاء الرئيس السيسي.

لا رضوخ للضغوط

ولفت الشهابي إلى وجود تباين كبير في الموقفين المصري والأميركي بشأن العديد من القضايا، "فأميركا تحاول السيطرة على الشرق الأوسط من خلال تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، بينما ترى مصر أن الحرب التي يشنها التحالف الدولي ضد الإرهاب، يجب أن تطول داعش والجماعات التي خرجت داعش من رحمها، مثل جماعة الإخوان المسلمين".

وأكد الشهابي أن الموقف المصري يقف ضد محاولات تقسيم ليبيا أو سوريا أو العراق، ويدعو إلى مواجهة الجماعات الإرهابية في هذه البلدان، لافتًا إلى أن هذا الموقف يختلف كثيرًا عن موقف أميركا، متوقعًا أن يتم الوصول إلى مواقف متشابهة بين اميركا ومصر حول هذه القضايا.

وهو يستبعد تعرض مصر لضغوط أميركية للمشاركة بقوات برية في الحرب ضد داعش، "فهذه الضغوط لم تنجح في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وموقف مصر في هذا الصدد لا يحدده الرئيس وحده، بل يحدده مجلس الأمن القومي المصري، الذي يرفض تمامًا خروج الجيش المصري للحرب خارج الأراضي المصرية".

الوجه الحقيقي للثورة

أعتبر أمين عام حزب النور السلفي جلال مرة تواجد السيسي في أميركا فرصة لإعادة ترتيب العلاقات بين مصر وأميركا على أساس الاحترام المتبادل بين البلدين، "وإظهار الوجه الحقيقي لمصر ولثورة 30 يونيو، وتوضيح حقيقة ما يحدث في مصر، مع ضرورة تكاتف أبناء الشعب المصري في الداخل والخارج لمجابهة المخاطر التي تواجه الدولة المصرية، ولبدء مرحلة جديدة من البناء والتنمية، وإعادة مصر إلى مكانتها عربيًا وإقليميًا ودوليًا".

وبحسب وجهة نظر الدكتور سامح عباس، المختص في الشؤون الأميركية والإسرائيلية، ثمة قضايا مهمة وعالقة بين مصر وأميركا سيتم التباحث بشأنها بين السيسي وأوباما. وقال لـ"إيلاف" إن الحرب على داعش، ومواجهة الجماعات الإرهابية في كل من سوريا وليبيا ومصر، ستكون على رأس تلك القضايا، متوقعًا أن يحاول أوباما إقناع السيسي بضرورة المشاركة في الحرب على داعش بقوات برية.

الحقوق والحريات أيضًا

أضاف عباس أن الملف الفلسطيني سيكون حاضرًا في المباحثات، في ظل نجاح مصر في عقد إتفاق وقف إطلاق النار، وقيادتها للمفاوضات الحالية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في القاهرة، متوقعًا أن يطلب أوباما من السيسي العمل على عدم تكرار الحرب الأخيرة.

ولفت إلى أن ملف الحقوق والحريات في مصر من الملفات المهمة لدى الجانب الأميركي، مشيرًا إلى أن المنظمات الحقوقية الدولية والأميركية والكونغرس يمارسون ضغوطًا على ادارة أوباما من أجل الضغط على مصر لتعزيز حقوق الإنسان التي شهدت تراجعًا حادًا في أعقاب ثورة 30 حزيران (يونيو).

وأشار إلى أنّ القمة الأميركية المصرية مهمة في هذا التوقيت وتؤكد وجود رغبة أميركية في تعزيز موقفها في الشرق الأوسط، والتواصل مع مختلف الأطراف الفاعلة، ومنها مصر والسعودية.