مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن استهداف الضربات الجوية، فجر الثلاثاء، لتنظيم (خراسان)، قالت مصادر إن محسن الفضلي، زعيم التنظيم المنشق عن "جبهة النصرة"، قتل& مع زوجته وابنته في القصف الأميركي.


نصر المجالي: تناقلت وسائل إعلام عديدة تصريحات لأقارب الفضلي أنه قتل خلال الغارات التي شنتها مقاتلات أميركية وحليفة على مواقع تابعة لمجموعته في ريف إدلب في سوريا، فجر الثلاثاء.

ويشار إلى أن محسن الفضلي هو كويتي الجنسية، وهو السني الوحيد من بين أفراد عائلته الشيعية، وكان المركز القومي الأميركي لمكافحة الإرهاب رصد مكافأة مالية قيمتها 7 ملايين دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات تقود لإلقاء القبض عليه.

وكان الفضلي يعتبر "وزير مالية تنظيم القاعدة الإرهابي والحارس الشخصي والمرافق الخاص لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن"، وهو متهم بالمشاركة في عمليات صنفتها الولايات المتحدة الأميركية بأنها إرهاب يهدف إلى الاعتداء على مواطنيها ومصالحها في داخل البلاد وخارجها.

استهداف مسبق

وقالت مصادر خبيرة في شؤون الجماعات المتشددة إن واشنطن كانت تستهدف الفضلي منذ فترة"، مشيرة إلى أن الإعلام الأميركي ركّز عليه منذ عدة أيام، ووصف تنظيم "خراسان" الذي كان يتزعمه الفضلي بأنه أخطر من تنظيم "داعش".

وفي إطار البيانات التي اصدرها البنتاغون حول الضربات العسكرية، الثلاثاء، قال إن& القوات الأميركية استهدفت مجموعة "خراسان" في سوريا التابعة لتنظيم القاعدة التي كانت تخطط لتنفيذ "هجمات كبيرة" ضد الغرب.

وأكد بيان للبنتاغون بأنه تم القضاء على المجموعة باستخدام أكثر من 40 صاروخ توما هوك.

وقال البنتاغون إن هذه المجموعة كانت على وشك تنفيذ "هجمات كبيرة" ضد الغرب. وقصفت القوات الأميركية أهدافًا لجماعة "خراسان" في سوريا بصواريخ توماهوك للقضاء على التهديد المتزايد الذي تمثله الجماعة.

تنفيذ هجمات

وصرح وليام مايفيل، مدير العمليات لهيئة الأركان الأميركية المشتركة، للصحافيين، أن "التقارير الاستخباراتية أشارت إلى أن المجموعة كانت في المراحل الأخيرة من التخطيط لتنفيذ هجمات كبيرة ضد أهداف غربية وربما أراضي الولايات المتحدة".

وإضافة إلى الهجمات على جماعة خراسان، تم شن غارات أميركية وعربية على تنظيم الدولة الإسلامية. وفي وقت سابق أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الغارات الجوية قضت على مجموعة خراسان المؤلفة من مقاتلين من تنظيم القاعدة.

وأعلنت القيادة الأميركية الوسطى التي تشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أن القوات الأميركية شنت ثماني غارات جوية ضد أهداف جماعة خراسان غرب حلب. وقال مايفيل إنه تم إطلاق أكثر من 40 صاروخ توماهوك من سفن حربية في الخليج والبحر الأحمر، وإن "غالبية ضربات صواريخ توماهوك استهدفت جماعة خراسان".

وأكد القائد العسكري الأميركي أن جماعة خراسان لم تكن تركز على قتال النظام السوري أو مساعدة الشعب السوري، بل على "ترسيخ جذور لها في سوريا من اجل شن هجمات ضد الغرب وضد الوطن".

وبشأن الحملة الجوية الأوسع على الجهاديين في سوريا، والتي شاركت فيها دول عربية، صرح المتحدث باسم البنتاغون الأميرال جون كيربي للصحافيين، "مؤشراتنا الأولية تدل على أن هذه الضربات كانت ناجحة للغاية".

ويشار الى أن محسن الفضلي الذي يحظى بثقة كبيرة لدى قادة تنظيم (القاعدة) تم اختياره ليكون ممثلاً شخصيًا لزعيم التنظيم الحالي أيمن الظواهري بدلًا من أبي خالد السوري الذي اغتاله تنظيم الدولة الإسلامية بسبب انحيازه إلى أبي محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة.

سني من عائلة شيعية

وحسب تقرير لصحيفة (الرأي) الكويتية، فإن محسن فاضل أياد عاشور الفضلي الذي ولد لعائلة كويتية شيعية في 24/ 4/ 1981 قبل أن يعتنق هو المذهب السني تأثراً بأفكار تنظيم «القاعدة»، الذي أسسه أسامة بن لادن قبل أن يلتحق بالتنظيم الذي وثق به قادته ليتحول إلى حارس شخصي ومرافق لزعيم التنظيم أسامة بن لادن في العام 2000.

ومحسن الفضلي الذي اتهم بقضايا إرهابية عدة في الكويت وخارجها كان يرتبط ومجموعة إسلامية كويتية، لها ميول متطرفة، بعلاقة يمكن وصفها بـ«الجيدة جدًا»، بالشيخ عذبي الفهد الذي كان يعمل ضابطاً في الجيش الكويتي قبل أن يصبح رئيسًا لجهاز أمن الدولة الكويتي، وتم إدراج اسم الفضلي على قائمة المطلوبين الـ 36 بالسعودية في يونيو (حزيران) من العام 2005، وذلك بعد أن تم إطلاق سراحه من سجنه السعودي الذي أودع فيه على خلفية ارتباطه بجماعات إرهابية في العام 2001 اثر التحقيق معه بالانضمام إلى ما كان يسمى قضية (الأفغان العرب).

ودانت محكمتا أول درجة والاستئناف الكويتيتان محسن الفضلي في تفجير المدمرة الأميركية (كول) التي تم الاعتداء عليها قبالة السواحل اليمنية في عام 2002، إلا أن محكمة التمييز قضت ببراءته من التهم المنسوبة إليه لعدم حصول الجريمة ضمن الحدود الإقليمية لدولة الكويت، وهو ما يعني عدم اختصاص المحاكم المحلية بجواز نظر مثل هذه القضايا.

الأخطر

وكان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ذكر اسم محسن الفضلي في خطاب له، كأحد أخطر المطلوبين لبلاده بتهم تتعلق بالإرهاب، والذي ترجمته السلطات الأمنية الأميركية بمذكرتين إحداهما في يناير (كانون الثاني) 2004 والأخرى في فبراير (شباط) 2005 طلبت فيهما من السلطات الكويتية تسليمها محسن الفضلي الذي اختفى عن الأنظار في تلك الفترة.

وكان محسن الفضلي الذي توارى عن الأنظار مختبئًا في شقة سكنية بمنطقة السالمية، تم تسجيل عقد إيجارها باسم صديق له يدعى ( سليمان. ك) وهو ابن نائب إسلامي سابق، وهما يحملان فكرًا جهاديًا واحدًا وأمضيا فترة زمنية من عمريهما في ضيافة أسامة بن لادن وكانا ينامان معه في خيمة واحدة في جبال أفغانستان قبل الهجوم الأميركي على تورا بورا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وأثار تواري محسن الفضلي عن الأنظار جدلًا في دوائر الاهتمام للجماعات الإسلامية والأجهزة الأمنية على حد سواء عمّا إذا كان الفضلي خارج الكويت في الفترة من 2002 لغاية العام 2005 أو ما زال في البلاد حتى بدد زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي هذه الشكوك، إثر خطاب صوتي له دعا في آخره الله تعالى أن يفرج كرب "الأخ المجاهد محسن الفضلي وأن يعينه على الخروج سالمًا من بلاده"، وهذا ما أكد وجوده في الكويت.

خلية عريفجان

ثم اعترف (سليمان. ك) إثر التحقيق معه بتشكيل خلية سداسية تضم بالإضافة إليه بعض أقربائه، كانت تستهدف القوات الأميركية في معسكر عريفجان في العام 2007، بأنه استأجر شقة في السالمية ليختبئ فيها محسن الفضلي الذي كانت أجهزة الأمن تطارده لاتهامه بارتكاب جرائم إرهابية داخل الكويت وخارجها، وأن الفضلي لم يكن يخرج منها طوال السنوات الخمس التي قضاها مختبئاً في الشقة، إلى أن تمكن من الهروب بحرًا إلى إيران التي استقر فيها سنوات عدة قبل أن ينتقل إلى العراق ثم سوريا في أواخر العام 2011 وينضم إلى «جبهة النصرة».

وارتبط اسم محسن الفضلي الذي كان يعاني من إعاقة بدنية بقدرته الفذة على التعاطي مع الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الحاسوب واختراق المواقع الإلكترونية وصناعة المفخخات والتفجير عبر استخدام أجهزة التقنية الحديثة، باسم خالد الدوسري الجهادي الذي تعرض للاعتقال في المملكة المغربية بتهم تتعلق بالإرهاب قبل أن يتم إطلاق سراحه ويعود إلى الكويت، ليتهم بارتباطه بحادثة (أسود الجزيرة) التي راح ضحيتها بعض رجال الأمن ومدنيون أبرياء، وكان مطلوبًا لأجهزة الأمن الكويتية ومدرجاً على قائمة الممنوعين من السفر إلا أنه تمكن من مغادرة البلاد إلى العراق حيث تردد حينها أن علاقته بالشيخ عذبي الفهد كانت السبيل لتسهيل خروجه دون أن يتم التأكد من مصدر هذه المعلومات.

وكان مصدر أمني كويتي اكد أن السلطات الأمنية الكويتية ستقدم كافة المعلومات التي تمتلكها في ما يخص قائمة الـ 36 مطلوباً التي أعلنتها وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية العام 2005 خصوصاً أنها تتضمن كويتياً ورد اسمه ضمن المطلوبين، وهو محسن الفضلي المطلوب أيضاً للسلطات الأمنية الكويتية.

أول ظهور

وكان اسم محسن الفضلي، والذي ادرج على قائمة المطلوبين الأخيرة قد برز للمرة الأولى كإرهابي عام 2000 عندما القت السلطات الأمنية الكويتية القبض عليه بتهمة محاولة تفجير مؤتمر التجارة العالمي الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة إسرائيلية، حيث بُرّئ من هذه التهمة فيما أدين زميلاه الآخران في القضية، وهما محمد الدوسري المعروف بأبي طلحة (سجن 7 سنوات) وبادي العجمي (سجن سنتين) وخلال الفترة التي سبقت انطلاق الحرب الأميركية الأخيرة على العراق، ألقت قوات الأمن الكويتية القبض عليه مجدداً مع آخرين بتهمة التورط في تفجير الناقلة الأميركية (كول) قبالة السواحل اليمنية من خلال دعم الشبكة التي نفذت العملية بالتمويل المالي.

وحكمت محكمة الجنايات الكويتية بسجنه خمس سنوات، وأيّدتها محكمة الاستئناف، لكن محكمة التمييز برّأته من التهمة الموجهة إليه لعدم اختصاص القضاء الكويتي في النظر في أحداث وقعت خارج أرض كويتية واطلق، لكنه اعتقل مرة أخرى بعد ورود تقارير استخباراتية تفيد بتورطه في مقتل عضو مجلس الحكم العراقي السابق عز الدين سليم، وكذلك تقديم دعم مادي لمنفذي عملية اغتيال محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، حيث قبض عليه ووجهت له تهمة التورط بدعم تنظيمات إرهابية خارجية عبر قضية أمن دولة حملت الرقم 5/2004، لكن القضاء الكويتي برّأه من جديد لعدم كفاية الأدلة في ما نسب إليه.