حذر الرئيس العراقي فؤاد معصوم من أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قد أصبح عابرًا للدول والقارات. وقال إن القضاء عليه لا يتم إلا بتحقيق جبهة عالمية موحدة متعاونة لاتخاذ التدابير الكفيلة بمحاربة نهجه التكفيري وتجفيف جميع منابعه المعرفية والمالية والتنظيمية والعسكرية. وشدد على أن العراقيين مصممون على تطهير أرضهم منه، ولا خيار لهم غير القضاء عليه، من أجل حماية المنطقة، وتخليص العالم من خطره.. فيما أكد في اجتماع مع روحاني أن إيران من أول الدول التي دعمت بلاده عسكريًا وإنسانيًا.


أسامة مهدي: قال معصوم في كلمة العراق،التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مساء اليوم، إن نجاح القوى السياسية في العراق قبل أسابيع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تُمثِل الجميع كان أمرًا في غاية الأهمية، فهي حكومة يشعر الكل بأنها تمثلهم، وأن برنامجها يلبّي طموحاتهم وأملهم في الانتقال بالدولة إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء والتقدم داخليًا، والتأسيس لعلاقات جيرة وتفاهم إقليمي يضمن السلم في المنطقة والتعايش لدولها على أسس المصالح المشتركة وحسن الجوار.

وأشار إلى أن تشكيل هذه الحكومة رد صارم لخطر حقيقي يحدق بالجميع، وهو خطر (داعش)، حيث حولت هذه المجموعة الشريرة العمل الإرهابي العالمي من هجمات متفرقة ضد المدنيين العزل إلى مستوى جديد ومرحلة جديدة، بعدما تمكنت من احتلال مساحات في أكثر من مدينة من مدن العراق والجارة سوريا، وأعلنت عن تأسيس دولة قائمة على الحقد والكراهية ورفض الآخر.

وقال معصوم مضيفًا "شهدنا في الأشهر الماضية كيف ارتكب هذا التنظيم الإرهابي أبشع الجرائم ضد الإنسانية من قتل وتهجير وإبادة جماعية وتطهير عرقي طالت جميع مكونات الشعب العراقي، من خلال المجازر المروعة، وخطف النساء وبيعهن كسبايا، وهدم المراقد الدينية ودور العبادة والصروح الثقافية والتاريخية، واضطهاد المكونات على أساس هويتها الإثنية كالتركمان والكورد واستهداف الأقليات الدينية والمذهبية من الإيزيدية والمسيحية والشبك".

وحذر من أن التنظيم الإرهابي يتمتع الآن بإمكانات مادية وعسكرية كبيرة وبإعلانه لدولة الخلافة الإسلامية المزعومة أصبح داعش بؤرة لجذب المتشددين والمتطرفين في الشرق الأوسط والعالم، وبات يعلن مبايعته لهذا النظام الظلامي تباعًا، والعمل تحت إمرته، ولعل من أخطر مؤشرات هذا التحول هو ظهور جيل جديد من الإرهابيين من حملة جنسيات أوروبية وأميركية ومناطق أخرى.

العراقيون أوقفوا تمدد داعش
وأضاف إن القوات المسلحة العراقية والبيشمركة ومتطوعو الحشد الشعبي قد نجحوا في إيقاف داعش من التوسع واحتلال مناطق جديدة، كما تمكنت من تحرير مدن كان قد احتلها إرهابيو هذه المنظمة الخطيرة، إضافة إلى فك الطوق عن مدن أخرى كانوا يحاصروها، وكان للدعم الإنساني الكبير والدعم العسكري الذي تلقاه العراق من منظمات الأمم المتحدة ومن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول صديقة أخرى دور حيوي في التصدي لهذه الزمرة الإرهابية الظلامية. وقال "هذا الدعم الذي لن ننساه، أكد لشعبنا أنه ليس وحده في حربه مع الإرهاب".
&
وأوضح أن مئات الآلاف من النازحين والمُهجّرين الذين اُجبِروا على ترك بيوتهم من دون أن يأخذوا معهم أبسط ممتلكاتهم يتطلعون إلى الأمم المتحدة، كما يتطلع الملايين من المدنيين العزل الذين أُرغموا على البقاء تحت جور وطغيان إرهابيي داعش.. وشدد بالقول على "أن حمايتهم وتخليصهم مسؤوليتنا جميعًا".

ودعا الرئيس العراقي المجتمع الدولي إلى الوقوف بجانب بلاده في هذه الحرب وإلى دعم جهودها وجهود المنظمات الدولية والدول الصديقة في تقليص معاناة اللاجئين، الذين ما زالوا يتطلعون بفارغ الصبر إلى العودة إلى ديارهم والخلاص من داعش.

وأشار إلى أن هذا التنظيم أصبح عابرًا للدول والقارات.. مؤكدًا أن القضاء عليه لا يتم إلا بتحقيق جبهة عالمية موحدة متعاونة لاتخاذ التدابير الكفيلة بمحاربة النهج التكفيري وتجفيف جميع منابعه المعرفية والمالية والتنظيمية والعسكرية. وقال "نحن في العراق مصممون على تطهير أرضنا منهم، ونؤكد أن القضاء على الإرهاب في العراق سيكون خطوة مهمة من أجل حماية المنطقة وتخليص العالم من هذا الخطر".

وأضاف أنه في سياق هذا الموقف الدولي المتنامي ضد الإرهاب "وفيما نؤكد على أهمية تعزيز قيم وثقافة السلام والتعايش في البلدان والمجتمعات متعددة الإثنيات والمذاهب، فإننا في العراق ندعو إلى أن يأخذ هذا الموقف المسؤول ضد الإرهاب في كل العالم إطارًا مؤسساتيًا مرتبطًا بالأمم المتحدة، وتكون مهمته تفعيل وتطوير التضامن الدولي بكل السبل المتاحة من أجل محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وتخليص العالم من شروره". وقال إن الوقت مناسب للعمل المشترك بين بلدان المنطقة في نزع فتيل الأزمات الأمنية والوصول إلى تفاهمات وطنية تساهم في تضييق المساحة أمام الإرهاب الذي يعتاش على الأزمات والخلافات. ثم تحدث الرئيس العراقي عن معاناة الشعبين الفلسطيني والسوري والقلق من الوضع في أوكرانيا، والتصعيد الخطير هناك.&&

معصوم: إيران من أولى الدول التي دعمت العراق
من جهة أخرى بحث الرئيس العراقي فؤاد معصوم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك مع الرئيس الإيراني حسن روحاني علاقات بلديهما والحرب التي يخوضها العراق ضد الإرهاب. وخلال الاجتماع عبّر الرئيس روحاني عن الارتياح لتشكيل الحكومة العراقية، متمنيًا للعراق الاستقرار والتقدم وبما يضمن وحدة الأراضي العراقية، وأكد وقوف إيران مع العراق ودعمها العملية السياسية والاستعداد لمواصلة تقديم المساعدات في مختلف المجالات.

من جهته أعرب معصوم عن الشكر للرئيس روحاني على الدعم الإنساني والعسكري، الذي تلقاه العراق في مواجهته داعش، ونقل له تقدير العراقيين لموقف إيران التي كانت من أولى الدول التي بادرت إلى تقديم الدعم إلى العراق. وأشار الرئيس معصوم في حديثه مع الرئيس روحاني إلى أن العراق يتجه نحو الاستقرار السياسي، وذلك بفعل تعاون القوى السياسية وتنسيق العمل بين الرئاسات الثلاث. وأكد تقدير العراق لكل موقف إيجابي وداعم من أية جهة صديقة تحرص على تقديم المساعدة بما يعزز أمن واستقرار العراق والمنطقة والتخلص من خطر الإرهاب.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد اجتمع أمس مع روحاني، الذي أكد له أن إيران تدعم بلاده من دون إذن من أحد، وترفض تدخل أي جهة في العلاقات بين البلدين. وأوضح روحاني أن إيران تساعد العراق من منطلق شرعي وأخوي، وأنها لم ولن تطلب الإذن من أحد بهذا الشأن، كما أن طهران لن تسمح لأية دولة التدخل في العلاقات الثنائية بين البلدين، في إشارة على ما يبدو إلى الولايات المتحدة.

من جهته أكد العبادي أن العلاقات بين إيران والعراق مميزة وشاملة، معتبرًا أن الإرهاب لا يشكل الخطر على وجود العراق فحسب، بل إنه يهدد الإسلام وجميع الدول، مؤكدًا أن تقديم المساعدات والاستشارات الإيرانية أفضت إلى وقف زحف الإرهابيين في بلاده. وقال إن موقف إیران في تقدیم المشورة وإرسال مساعدات للشعب العراقي مكنا العراق من الوقوف أمام تقدم الإرهابیین.

يذكر أن قوات إيرانية غير معلنة قد شاركت في المعارك ضد مقاتلي داعش في العراق، وسقط عدد من أفرادها قتلى، كما دعمت قوات الجيش والمتطوعين في فك الحصار عن مدينة آمرلي التركمانية الشيعية في شمال العراق، بعدما حاصرها تنظيم داعش 82 يومًا.

&