تحدثت أوساط سياسية في بغداد لـ "إيلاف" عن تصاعد الخلافات بين رئيسي الوزراء العراقيين السابق المالكي والحالي العبادي، واتخاذها منحى علنيًا، وقالت إن الأول يهيئ لتظاهرات في محافظات عراقية عدة، خاصة الجنوبية منها، ضد الحكومة الجديدة، بذريعة تواصل الانتكاسات الأمنية واستغلال سقوط الأعداد الكبيرة من الجنود في معارك الأنبار الأخيرة، لكنه تنصل منها بعد التهديد بمواجهتها بالقوة.


أسامة مهدي: أشارت هذه الأوساط إلى أن نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية الحالي وجّه انصاره، ودفع مبالغ كبيرة لمجاميع مستعدة لتنفيذ رغباته في الخروج بتظاهرات ضد العبادي الثلاثاء المقبل، وكشفت عن استعداداته للدفع بالمئات الى شوارع المحافظات الجنوبية، اضافة الى بغداد خلال اليومين الماضيين، لرفع شعارات تندد بخطوات العبادي الامنية والسياسية، والمطالبة بعدم ارسال ابناء المحافظات الشيعية الى المناطق الغربية السنية لقتال تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" هناك ليقتلوا على اراضيها.. اضافة الى تحريض نوابه في البرلمان على عدم التصويت لمرشحي العبادي، الذين يقدمهم الى البرلمان لتولي حقيبتي الداخلية والدفاع الشاغرتين في حكومته بهدف ارباك عملها.

المالكي وأنصاره يشاكسون العبادي
وتؤكد هذه الاوساط أن المالكي وانصاره بدأوا يعارضون علنًا ما اسموه بسياسات يتبعها العبادي لوقف قصف المدن السنية على الرغم من وجود جماعات مسلحة فيها وانفتاحه على الدول العربية والاقليمية، وخاصة منها السعودية وتركيا، مدعين أن هاتين الدولتين تعملان ضد العراق وتشجّعان الإرهاب على اراضيه.

واضافت ان اكثر ما يثير المالكي وانصاره حاليًا هي الخطوات التي بدأ يتخذها العبادي لإصلاح المؤسسات العسكرية والامنية وفتح ملفات الفساد في الحكومة السابقة. وفي هذا الاطار، اشارت الى اجراءات العبادي في الاسبوع الماضي بإلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي كان شكله المالكي، وإحالة قادة عسكريين كبار الى التقاعد، واعتقال آخرين لتقصيرهم في معارك أفضت بسيطرة "داعش" على مناطق عدة، ووقوع جنود أسرى بيد التنظيم، الذي قام بتنفيذ عمليات إعدام جماعية ضدهم.

واوضحت أن المالكي قام خلال قيادته للقوات المسلحة، وخاصة خلال العامين الماضيين، بمنح رتب عالية لضباط واشخاص لم يكونوا مؤهلين لحملها.. وقالت إنه في الوقت الذي كان فيه عدد الضباط الذين يحملون رتبة فريق أول في الجيش العراقي قبل عامين لا يتعدى العشرة، فإن عددهم حاليًا يبلغ 100 فريق.. بينما بلغ عدد الضباط الذين يحملون درجة لواء 300 ضابط، بينما لم يتعدَّ عددهم قبل عامين العشرين لواء.&
&
وقالت هذه الاوساط ايضًا إن مقربين من المالكي ومستفيدين من فترة السنوات الثماني التي تولى فيها حكومة البلاد، وخاصة رجال الاعمال، الذين كان يغدق عليهم العقود التجارية التي تبلغ ارباحها ملايين الدولارات، قد بدأوا ايضًا يثيرون مشاكل للعبادي في محاولات استباقية لعدم فتحه لملفات الفساد التي تضرب اجهزة الدولة واركانها. وفي هذا الاطار اشارت الى أن العبادي يستعد للتحقيق في فقدان مبلغ 9 مليارات دولار كانت تحت تصرف المالكي، لكنه لم يعرف أين ذهبت وعلى أي مجالات أنفقت.

وتؤكد هذه الاوساط وقوع مشادة كلامية بين المالكي والعبادي قبل ايام، حيث طلب الاول منه قبل ايام الكفّ عن انتقادات& الحكومة السابقة، والإشارة إليها بسوء. واشارت الى أن الرجلين دخلا في مشادة كلامية حادة نتيجة ما يعتبره المالكي "إشارات سلبية" صدرت من العبادي بشأن أداء حكومته السابقة.

واوضحت أنه بينما قال المالكي للعبادي إن قراراته بوقف قصف المدن هي السبب في ما حصل من انتكاسات امنية اخيرة، فإن العبادي قد رد على سلفه بأن قراراته طوال السنوات الماضية هي التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم. واكدت أن "رد العبادي كان حاسمًا، ورفض تحمل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبتها حكومة المالكي". واشارت الى أن الإجراءات والممارسات التي يقوم بها العبادي حاليًا تؤكد بوضوح على تقاطعه وعدم رضاه عن الإجراءات التي اتبعتها حكومة المالكي السابقة.

المالكي يتنصل من التظاهرات بعد دفعه لتنظيمها
وتؤكد المصادر أن العبادي قد امر القادة العسكريين بالتصدي لتظاهرة المالكي التي ستدعو إلى اسقاط حكومته، لأنها "تهدد أمن الدولة"، الامر الذي دفع المالكي الامين العام لحزب الدعوة إلى توجيه مكاتب الحزب وانصاره بعدم المشاركة فيها، بعدما كان وجّه بتنظيمها من دون الظهور، وكأنها هي التي تقف وراء خروجها، كما القى كلمة اليوم الاحد رفض فيها هذه التظاهرات.

وفي كلمة له خلال زيارة اليوم إلى مدينة الحلة عاصمة محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) فقد دعا المالكي الى منح حكومة العبادي الفرصة للعمل وتنفيذ مهامها بشكل صحيح واصفًا "التظاهرات التي يدعو إليها البعض بغير الموفقة". واشار الى أنه لا توجد مشكلة في حل مكتب القائد العام للقوات المسلحة واحالة بعض الضباط إلى التقاعد. وبشأن تأخر تسمية الوزراء الامنيين، قال المالكي إن "هذ الامر طبيعي، وكنّا قد واجهنا الموقف نفسه في الحكومات الماضية لما للوزارات الامنية من اهمية، وبالتالي نجد أن تأخر تسمية الوزراء يأتي من هذا الجانب. واكد قائلاً "إن حزب الدعوة ضد إسقاط حكومة العبادي، ولا نعلم الجهات الداعية إلى التظاهرات".

واوضحت المصادر أن تنصل المالكي هذا من التظاهرات جاء اثر اتصال اجراه العبادي مع القادة الامنيين أمس وإبلاغهم بإتخاذ كل الاستعدادات لمنع هذه التظاهرة "المندسة" التي يدعو اليها بعض المستفيدين من حكومة المالكي السابقة.. حيث شدد العبادي على القادة الأمنيين على أنه "لا فوضى بعد اليوم، وسنقضي على كل من يحاول المساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي ومسار العملية الديمقراطية".

وقالت المصادر إن العبادي ومجلس الوزراء "متفقون بشكل كامل على أن ظهور مثل هذه التظاهرات التي تسعى إلى ارباك الوضع من اجل تحقيق غايات سياسية الغرض منها افشال الآخرين للتغطية على فشلهم السابق". وفعلًا قد اصدر جهاز مكافحة الارهاب بيانًا اعلن فيه أنه سيعتقل أي شخص يشارك في التظاهرة، لأنها تمس بأمن الدولة.

وكان المالكي قد اصدر مع قرب رحيله عن رئاسة الحكومة العراقية في الشهر الماضي قرارات هدفت الى إبقاء نفوذه السياسي والرسمي فعالًا، حيث واصل إصدار قرارات بمنح امتيازات ومكارم إلى أقاربه ومقربين وصل عددها إلى 370 قرارًا.

جاءت هذه القرارات تكريمًا من المالكي لعدد من المقربين له، وخشية من أن تقوم الادارة الحكومية الجديدة بإبعادهم عن المؤسسات الحكومية وإسناد وظائف هامشية إليهم، فاراد أن يبقيهم في إدارات لها تأثيرها للاستفادة منهم لمصلحته بعد رحيله من رئاسة الحكومة.

يضاف الى ذلك الهجوم الذي بات يتعرّض له العبادي على الإنترنت من قبل مدفوعين من المالكي على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي هذا الاطار، تقول النائبة هدى سجاد إن هناك جهات تدعم بالمال تنظيم مظاهرات ضد العبادي.. موضحة أن الدعوات إلى التظاهرات التي أطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مدسوسة تسعى إلى اسقاط الحكومة.


&


&