ترى غالبية قراء "إيلاف" أن الاستراتيجية العالمية لمواجهة الإرهاب ستتغير بعد هجمات باريس، التي جرت مطلع الشهر الجاري، وراح ضحيتها نحو عشرين قتيلًا.


عبد الرحمن الماجدي: تتجه طريقة تعاطي الغرب مع التهديدات الإرهابية، خصوصًا دول أوروبا، نحو منحى أكثر حزمًا بعد الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو في باريس في السابع من كانون الثاني (يناير) الجاري، الذي أدى إلى مقتل 12 شخصًا وإصابة 11 آخرين، بعد أن دخل مسلحون المبنى وبدأوا إطلاق النار من أسلحة كلاشنكوف بحوزتهم.

غالبية تجيب بـ "نعم"

فقراء "إيلاف" رأوا أن الاستراتيجية العالمية لمواجهة الإرهاب ستتغير بعد هجمات باريس التي ضربت العالم الغربي في عقر داره، بعد أن كانت التحليلات ترى أن نشاط القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) يقوى في المنطقة العربية سعيًا لاستعادة حكومة الخلافة الاسلامية، وفق الرؤية المتطرفة.

فقد طرحت "إيلاف" سؤالها الاسبوعي ويقول: هل تعتقد أن هجمات باريس ستغير من الاستراتيجية العالمية لمواجهة الإرهاب؟. بلغ عدد من شاركوا 2251 قارئًا، أجاب 1435 منهم، أي ما نسبته 64 بالمئة، بأن الاستراتيجية العالمية ستتغير، فيما رأى 816 قارئًا منهم، أي ما نسبته 36 بالمئة، أنها لن تتغير بعد هجمات باريس، التي يرى البعض فيها حالة استثنائية فرضتها رسوم الصحيفة الفرنسية شارلي إيبدو الساخرة من النبي محمد.

زادتها تصميمًا

تبنى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هجمات باريس، إذ ظهر تسجيل مصور تبنى فيه التنظيم العملية، وقال فيه المتحدث باسم التنظيم إن العملية تمّت بأمر زعيم التنظيم أيمن الظواهري. كان وقوف معظم دول العالم ضد هجمات باريس وضد التنظيمات الاسلامية المتطرفة لافتًا، وربما لم تتوقعه حتى هذه التنظيمات.

فقد انطلقت في فرنسا مسيرات تحت اسم مسيرة الجمهورية مدعومة بمسيرات في مدن أخرى في العالم، أصبحت الأكبر في تاريخ البلاد بمشاركة 3,7 ملايين متظاهر، مع مليونين في باريس وحدها. شارك في المسيرة المقامة في باريس حوالى 50 من قادة العالم، اطلقوا حملة اجراءات متشددة ضد كل تنظيمات وجمعيات الاسلام السياسي المتطرفة، خصوصًا التي تتخذ من دول أوروبا مقرات لها.

فالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قال إن هجمات الاسلاميين المتشددين الاسلاميين على فرنسا زادت تصميمها على التحرك على الساحة الدولية واستخدام ثقلها الدبلوماسي في المساعدة على حل الازمات.

تصميم لا يتزعزع

يوجد الاف الجنود الفرنسيين يلاحقون متشددين لهم صلة بتنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء الافريقية، وهي عضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي ينفذ ضربات جوية ضد مقاتلي داعش في العراق.

وأضاف هولاند الجمعة الماضي، في تجمع سنوي يضم نحو 200 سفير أجنبي وفرنسي: "فرنسا خرجت من هذه المحنة بتصميم لا يتزعزع على التحرك على الساحة الدولية، ويجب أن يكون ردنا حاسمًا وجماعيًا". ودعا إلى تعاون أكبر على الصعيد الدولي للتعامل مع المقاتلين الاجانب الذين يسافرون إلى سوريا والعراق ويعودون، كما دعا دول الاتحاد الاوروبي بوجه خاص لتعزيز أجهزة مكافحة الإرهاب في الاتحاد.

لا تعاون مع الأسد

على الرغم من سعي الرئيس السوري بشار الاسد للاستفادة من ردود الفعل على هجمات باريس، بتسويق نفسه محاربًا للإرهاب، إذ تخوض بلاده معارك ضارية منذ سنوات ضد عشرات الآلاف من المقاتلين الاسلاميين، الذين تسلقوا الثورة السلمية ثم المسلحة ضد نظام آل الأسد، إلا أن الرئيس الفرنسي رفض إعادة تأهيل نظام الأسد رغم نداءات بعض الدبلوماسيين السابقين والخصوم السياسيين وحلفاء فرنسا لإعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الاسد، خصوصًا في مجال المخابرات، معتبرًا أن الأسد وتنظيم الدولة الاسلامية عدو واحد.

وكلام الرئيس الفرنسي يعكس إصرار جميع القادة الغربيين في وضع حد للتطرف الاسلامي الذي استغل فترة التغيير في العالم العربي ليتكاثر ويزداد قوة داخل وخارج المنطقة العربية، بسبب الفوضى السياسية التي اجتاحت المنطقة منذ 2011.

العيون الخمسة

وفي كندا، تستعد الدول الخمس التي تشكل شبكة رائدة لتبادل معلومات المخابرات في العالم للاجتماع في لندن، للتشاور بشأن استراتيجيات مكافحة الإرهاب في أعقاب هجمات باريس. وقال وزير الأمن العام ستيفن بلاني إن تحالف العيون الخمسة الذي يضم الولايات المتحدة واستراليا وكندا وبريطانيا ونيوزيلندا قرر عقد الاجتماع يوم 22 كانون الثاني (يناير).

لكن مسؤولًا في الحكومة الكندية قال إن الدول الخمس ستجتمع بالفعل في لندن خلال شباط (فبراير). وقال بلاني في تصريح تلفزيوني: "سنعقد اجتماعا مع حلفاء العيون الخمسة في لندن، وسيكون الإرهاب على جدول الأعمال"، من دون أن يكشف اية تفاصيل عن الاجتماع الذي يحضره وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون.

تجنبًا للمفاجآت

في العالم العربي، تمضي المؤسسات الاستخبارية قدمًا في محاصرة النشاطات الإرهابية، ويجري التنسيق مع دول غربية بهذا الشأن، خصوصًا في دول الخليج والاردن ومصر والعراق، تجنبًا لأي مفاجأة يقوم بها داعش، المتمدد في الاراضي العراقية والسورية.

وتخوض القوات العراقية، بمساعدة دول غربية وعربية، معارك متواصلة مع مقاتلي التنظيم الذي احتل مناطق في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين منذ منتصف العام الماضي. ولا شك في أن هجمات باريس ستعزز أواصر العلاقات الاستخبارية بين الدول الغربية. ويرجو مراقبون أن تعتمد هذه الاستراتيجية على اعتبار كل عربي أو مسلم إرهابيًا متطرفًا.