قررت دول مجلس التعاون الخليجي تفعيل قرارات سابقة اتخذتها بترحيل لبنانيين مرتبطين بحزب الله أو مناصرين لسياسته عن أراضيها، بعد تصريحات لحسن نصرالله هاجم فيها البحرين، ووصفها بإسرائيل ثانية.


بيروت:&يستمر تفاعل وصف حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، للبحرين بإسرائيل ثانية، الذي اعتبرته دول مجلس التعاون الخليجي تدخلًا سافرًا في شؤونها، وتهديدًا مباشرًا لأمنها. وبناء عليه، اتخذت هذه الدول قرارًا بتفعيل قرارات سابقة، تقضي بترحيل لبنانيين مرتبطين بحزب الله أو مناصرين لسياسته عن أراضيها، نتيجة تمادي الحزب في التدخل بالشؤون الداخلية لدول المجلس، وفي مقدمها البحرين، خدمة لأجندة النظام الإيراني، وفقًا لما نقلته صحيفة "السياسة" الكويتية عن مصادر خليجية رفيعة المستوى.
&
افتراءات وأكاذيب
قالت هذه المصادر إن تصريحات نصرالله الأخيرة أثارت استياءً وغضبًا شديدين في دول مجلس التعاون، لما تضمنته من افتراءات وأكاذيب وتحريض على العنف في البحرين، مع ما تشكله من خطر على منظومة الأمن الاقليمي، ما دفع بهذه الدول إلى تفعيل قرارها السابق بإبعاد لبنانيين مرتبطين بحزب الله مباشرة أو غير مباشرة، والمؤيدين له والداعمين له ماليًا والمروجين لأفكاره التحريضية الإرهابية.
وقالت الصحيفة إن مجلس التعاون لم يتخذ قرارًا جديدًا في هذا الشأن، "إنما فعّل القرار المتخذ منذ منتصف العام 2013، الذي ينص على طرد جميع المرتبطين بحزب الله من دول الخليج، مؤكدة أن هذا الحزب ينفذ الأجندة الإيرانية على حساب مصالح لبنان واللبنانيين، وأخطأ بحق نفسه وبحق طائفته وبلده".
وإذ أوضحت هذه المصادر أن القرار يطال كل من يخالف الأنظمة والقوانين الخليجية لجهة الارتباط بتنظيمات إرهابية، على غرار حزب الله، أكدت أن اللبنانيين المقيمين في دول مجلس التعاون ويحترمون قوانينها سيُحترمون ولن تطالهم أي إجراءات.
&
ليست إنتقامية
وكشفت المصادر نفسها لـ"السياسة" عن أن دولًا عدة في مجلس التعاون الخليجي بدأت منذ أيام باستدعاء لبنانيين مقيمين على أراضيها، للتحقيق معهم في ظل تقارير عن تأييدهم الحزب أو دعمه ماليًا أو الترويج له ولأفكاره الطائفية والمذهبية، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم. فمن يثبت تورطه بأي أعمال أمنية أو إرهابية سيتم توقيفه، فيما سيتم إبعاد الذين يثبت ترويجهم للحزب، إذا كانوا غير متورطين في أي أعمال مخالفة للقانون.
&
وأكدت المصادر أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تستهدف طائفة أو مذهبًا معينًا، رغم أن مؤيدي حزب الله بغالبيتهم من الطائفة الشيعية، "فالإجراءات قد تطال لبنانيين من مختلف الطوائف، لأن المعيار ليس الديانة أو المذهب بل مدى التورط في أعمال عنف أو أفعال تحريضية، ودول مجلس التعاون لا تتخذ إجراءات انتقامية، إنما تهدف إلى الحفاظ على أمنها ومواجهة المخططات الإرهابية، فحزب الله يؤكد من خلال إصراره على تنفيذ أجندة اقليمية على حساب مصالح بلده، أنه غير عابئ بمصير نحو 350 إلى 400 ألف لبناني يقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي، ويحولون سنويًا نحو أربعة مليارات دولار إلى بلدهم، وهو مبلغ ضخم ساهم بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية في دعم الاقتصاد اللبناني ومنعه من التدهور في ظل الأزمات السياسية المتلاحقة في لبنان".
&
العودة إلى النأي بالنفس
ونقلت الصحيفة نفسها عن مصادر لبنانية قولها إن مسارعة المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ووزراء ونواب وشخصيات، إلى إدانة كلام نصر الله بحق البحرين والتأكيد أنه لا يعبر عن موقف لبنان الرسمي، مردها إلى تلقي بيروت معلومات عن توجه خليجي لإبعاد اللبنانيين المرتبطين بـحزب الله والمؤيدين له.
ولفتت هذه المصادر إلى أن نصر الله ليس مجرد صاحب رأي، "وإنما زعيم حزب مشارك في الحكومة اللبنانية، ما يفرض عليه الانضباط في إعلان مواقفه والالتزام بالموقف الرسمي للحكومة، ولا يستطيع التفرد باتخاذ مواقف أو القيام بأفعال تورط لبنان في أزمات هو بغنى عنها".
وأشارت المصادر نفسها إلى أن حزب الله يثبت مرة جديدة أن ولاءه لإيران يتقدم على لبنانيته في ظل إصراره على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية، محذرة من أن استمراره في تنفيذ السياسات الإيرانية سيجلب الويلات على لبنان، وسيلحق أضرارًا كبيرة وفادحة به.
وشددت المصادر على ضرورة العودة إلى إعلان بعبدا، الذي ينص على الالتزام بسياسة "النأي بالنفس"، داعية تيار المستقبل إلى طرحه بندًا أول على جدول أعمال الحوار القائم بينه وبين حزب الله.
&
سلام حريص
وكان سلام شدد على الحرص على العلاقات الأخوية بين الجمهورية اللبنانية ومملكة البحرين، "والكلام الذي يصدر عن أي جهة سياسية لبنانية في حق البحرين لا يعبر عن الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية"، في إشارة الى تصريحات نصر الله.
وأعرب سلام عن حرصه وغيرته على البحرين، وقال "أتمنى لها كل الخير والتقدم، وأنا متأكد من أنها قادرة على تخطي أي عثرة تواجهها بفضل حكمة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وإخوانه.
أضاف: "للبحرين مكانة خاصة في قلوب اللبنانيين، الذين ساهم الكثير منهم في نهضتها، ونعموا وما زالوا ينعمون بخيرها وبالأمن والأمان في ربوعها، وآمل ألا تؤدي أي غمامة صيف عابرة إلى تعكير أجواء الأخوة العميقة بين لبنان ودولة البحرين، أو بينه وبين أي دولة شقيقة من دول مجلس التعاون الخليجي، التي لها أفضال كثيرة على بلدنا وشعبنا".
&
دريان يحذر
وكان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان شدد من قطر، بعد لقائه بأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على احترام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول العربية، "خصوصًا دول مجلس التعاون الخليجي، فأي عمل من هذا النوع لا يعبر عن رأي دار الفتوى".
وتمنى دريان على الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء القطري، ألا يدفع اللبنانيون ثمن تصريحات يطلقها البعض وتؤثر على اعمالهم ونشاطاتهم في دول مجلس التعاون، غامزًا من قناة تصريحات نصرالله الأخيرة.
رد الشيخ عبد الله آل ثاني مشدداً على مبدأ ألا تزر وازرة وزر أخرى، "فاللبنانيون الذين يعملون في قطر هم جزء منّا ويقومون بأعمال ناجحة وموفقة ولا يمكن أن يكونوا عرضة للانتقام أو للإساءة، وهم يلقون منّا كل احترام وتشجيع".
&