تبدأ مساء اليوم الجمعة في قصر الحكم في الرياض مراسم بيعة المواطنين لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز، بحسب بيان الديوان الملكي، والذي أوضح أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز تلقى البيعة ملكًا على البلاد وفق النظام الأساسي للحكم، كما دعا إلى مبايعة الأمير مقرن بن عبد العزيز وليًا للعهد.


حسن حاميدوي: تجري العادة في مبايعة الملوك في السعودية، بأن يستقبل قصر الحكم جموعاً غفيرة من المواطنين الذين يمثلون جميع شرائح المجتمع لمبايعة الملك الجديد وولي عهده، وذلك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث يتوافد الأمراء والعلماء وزعماء القبائل ووفود المناطق والمواطنون بكل فئاتهم العمرية ومنسوبو القطاعات العسكرية ليقدموا البيعة للملك الجديد.

عقد مشترك
ويعرف أهل اللغة المبايعة بأنها عقد بين الحاكم والرعية، تتضمن التزام "الحاكم" بإقامة الدين وتطبيقه وسياسة الدولة، وعقدًا بالتزام "الرعية" بالسمع والطاعة، ولكل من الطرفين واجبات وحقوق كفلتها الشريعة الإسلامية، كما سبق وان عمل بنظام البيعة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، حيث كان رئيس القبيلة يولي اخاه او ابنه نائبا عنه، وإذا مات يقوم&أفراد القبيلة بمباركة هذا التنصيب، وهو يُعد من صور البيعة التي يعبر مدلولها اللغوي عن مضامين العهد، الميثاق، النصرة، التأييد، المعاقدة.

وللبيعة ثمار على الفرد والمجتمع - بحسب مروان الغامدي، الباحث في السياسة الشرعية - حيث إنها حق لزوم الجماعة في التزام البيعة وعدم مفارقتها والمحافظة على المصالح العامة والخاصة، مؤكدا في حديثه لـ "ايلاف" أن عقد البيعة فيه صلاح الناس والبلاد ووقاية المواطنين بأنفسهم من الفتن، ودخولهم في الأمان والنجاة من الوعد الشديد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".

كما أوضح الغامدي أن مفهوم البيعة في الفقه هو اتفاق تعاقدي على طاعة الخليفة ومعاهدته على التسليم له بالنظر في شؤون المسلمين، ويقوم على شقين ركن الإيجاب، ومعناه قيام أهل الحل والعقد من العلماء وأهل الرأي والتدبير، والوجهاء،& نيابة عن جمهور الأمة بمبايعة المرشح للخلافة، والثاني هو القبول، ويتمثل في المرشح لأمر الخلافة أو الإمامة، لما ارتآه أهل الاختيار أو أهل الحل والعقد وعلى هذا المفهوم، حدثت بيعات عدة في التاريخ الإسلامي على هذا المنوال.

نماذج تاريخية
وفي تاريخ البيعة في المملكة العربية السعودية، العديد من النماذج والمحطات المهمة التي شهدها التاريخ السعودي، حيث تعتبر اتفاقية الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب على تأسيس الدولة السعودية الأولى في العام 1744، بمثابة أول مبايعة في العهد السعودي، لا سيما أنها ارتكزت& بين الطرفين انطلاقاً من تجديد الدين وإقامة الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية.

وفي الدولة السعودية الحديثة، نماذج متعددة للبيعة كانت جزءا أصيلا&من استقرار وثبات الحكم السعودي وفقا للأصول الإسلامية والتقاليد العريقة، حيث جرت أول مبايعة في الدولة السعودية الجديدة في العام 1935، وذلك بمبايعة ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز ملكاً على المملكة، بعد وفاة المؤسس الراحل& الملك عبد العزيز& وبعد وفاة الملك سعود ثاني ملوك السعودية بويع مباشرة الأمير فيصل بن عبد العزيز ملكاً للمملكة، حيث تتابعت الوفود لمبايعة الملك الجديد، وهكذا توارث ملوك السعودية الراحلين الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله، العمق التاريخي لمسيرة البيعة وسلاستها في العهد السعودي عبر تاريخ يمتد لعقود، أكدت فيه البيعة حضورها كنموذج مثالي لأصول الملك السعودي القائمة على أسس وأركان ثابتة.
&