من التداعيات المباشرة لاستقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي تحلق الطائرات الأميركية بدون طيار في الأجواء اليمنية بموافقة شخصية منه، أنها قلبت الاستراتيجية الأميركية ضد تنظيم القاعدة في هذه المنطقة رأسًا على عقب، كما كشفت مصادر قريبة من البيت الأبيض.


عبدالاله مجيد: نقلت صحيفة واشنطن بوست عن المصادر إن المسؤولين الأميركيين يعكفون الآن على تحليل تقارير واردة من اليمن في محاولة لمعرفة من يمسك زمام الأمور إذا كان هناك أحد يمسك زمامها أصلًا.&

مستقر للقاعدة
وبحسب هذه المصادر فإن استمرار الفوضى يمكن أن يهدد سياسة إدارة أوباما لمكافحة الإرهاب، الذي أصبحت له معاقل قوية في اليمن، وما إذا كان لم يزل بمقدورها التعويل على دعم محلي ضد تنظيم القاعدة.&

وقال عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي آدم شيف "إن وضعًا خطيرًا تفاقم من سيئ إلى أسوأ مع ما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على جهودنا لمكافحة الإرهاب".&

أضاف شيف "إن علاقتنا مع الحكومة اليمنية كانت علاقة حيوية في مواجهة تنظيم القاعدة ومواصلة الضغط على قيادته". ودعا عضو لجنة الاستخبارات إلى "عمل كل ما بالوسع للحفاظ على هذه الشراكة".&

وكان أوباما حتى عهد قريب، وبالتحديد في أيلول/سبتمبر الماضي، وصف الاستراتيجية الأميركية في اليمن بأنها "نموذج لمواجهة التهديدات الجهادية في مناطق أخرى، بينها العراق وسوريا". فبدلًا من إرسال قوات كبيرة لمحاربة فرع القاعدة في اليمن، اكتفى البنتاغون بعدد محدود من الخبراء لتدريب قوى الأمن اليمنية وتسليحها.&

خسارة حليف
وكانت الركيزة الأخرى للاستراتيجية الأميركية الاعتماد على طائرات بدون طيار لمراقبة تحركات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وتوجيه ضربات جوية إلى عناصره.& وتنطلق الطائرات التابعة لوكالة المخابرات المركزية والقيادة المشتركة للعمليات الخاصة في الجيش الأميركي من قواعد خارج اليمن، ولكن المسؤولين الأميركيين اعتمدوا حتى الآن على موافقة حكومة الرئيس هادي لتنفيذ هذه المهمات.&

وحذر محللون من أنه إذا لم تتوقَف عربدة الحوثيين، ويعاد النظام إلى اليمن قريبًا، فإن البيت الأبيض سيواجه خيارين، أحلاهما مر، هما الاستمرار في إرسال طائرات بدون طيار للعمل في الأجواء اليمنية من دون موافقة من صنعاء، كما في السابق، وبذلك تنتهك سيادة اليمن، أو وقف هذه العمليات، وبذلك تخفيف الضغط على تنظيم القاعدة. وما يزيد هذا المأزق تعقيدًا حقيقة أن الأهداف التي تضربها الطائرات الأميركية بدون طيار تُحدَّد بالاعتماد على معلومات تقدمها الحكومة اليمنية من مصادر على الأرض.&

وقال ستيفن سيكي سفير واشنطن في صنعاء من 2007 إلى 2010 لصحيفة واشنطن بوست "أنا أشفق كثيرًا على كل من يحاول أن يرسم سياسة بشأن اليمن في الوقت الحاضر". واستبعد سيكي أن تتمكن الولايات المتحدة من الاستمرار في عملياتها كما فعلت طيلة السنوات السابقة إذا بقي الفراغ في السلطة أو لم يظهر شريك قوي يمسك مقاليد السلطة بيده.&

وكانت واشنطن تأخذ الضوء الأخضر بشأن عمليات الطائرات الأميركية بدون طيار في اليمن من الرئيس هادي الذي انتُخب عام 2012. وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست بعد أشهر على توليه الرئاسة، أكد هادي أنه شخصيًا يصدر موافقته قبل كل ضربة تنفذها الطائرات الأميركية بدون طيار. وقال في حينه "في كل عملية قبل أن تُنفذ يأخذون أذنًا من الرئيس". لكن هادي قدم استقالته يوم الخميس الماضي، ولم يعد هناك من يعطي الضوء الأخضر.&

استراتيجية على المحك
في واشنطن تهرب المسؤولون الأميركيون من الإجابة عما إذا كانت إدارة أوباما اتصلت بالرئيس هادي، وما هي تداعيات استقالته على استراتيجة مكافحة الإرهاب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي للصحافيين "من الواضح أننا لسنا في وضع... ولا أعتقد أن أيًا منكم في وضع يتيح له تقويم ما تعنيه الاستقالة في هذا الوقت".&

ولم يكشف البنتاغون عدد العسكريين الأميركيين الذين يتمركزون في اليمن لتدريب القوات اليمنية أو العمل كضباط ارتباط. ورفض المتحدث العسكري كورت كيلوغ أن يذكر عدد العسكريين الأميركيين الذين ما زالوا في اليمن، وما إذا خُفض بعد الأحداث الأخيرة.

لكن رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب ماك ثورنبري قال إن عمليات الاستطلاع فوق اليمن تناقصت خلال الأشهر الأخيرة بسبب زيادة الطلب على الطائرات بدون طيار وغيرها من الطائرات الأخرى لمحاربة جماعة جهادية أخرى هي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراق وسوريا. أضاف إن هذا التخفيض جرى "رغم أن اليمن هو المكان الذي انطلقت منه أخطر التهديدات ضد بلدنا".&

وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية إن سفارة واشنطن في صنعاء ستخفض عدد موظفيها الأميركيين بسبب "الوضع الأمني المتغير في اليمن". ولكنه أكد أن السفارة ستبقى مفتوحة.
&