دعا عبدربه منصور هادي كل القوى السياسية والشعبية في اليمن إلى ضبط النفس، والحفاظ على مكاسب الوطن، وعدم الانجرار خلف المخططات الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار. في وقت عمت التظاهرات معظم المحافظات اليمنية منديين بممارسات المسلحين الحوثيين وسيطرتهم على مقاليد الحكم عبر ما وصفه المتظاهرون بانقلاب.


حيان الهاجري: انطلقت السبت في ساحة التغيير في العاصمة اليمنية مظاهرات حاشدة هي الأكبر لشباب الانتفاضة الشعبية من مختلف التيارات، "للتنديد بممارسات الحوثيين" وسيطرتهم على دار الرئاسة ومحاصرة عدد من الوزراء في منازلهم، ووصول الأوضاع في البلاد لاستقالة الحكومة والرئيس عبد ربه منصور هادي.

تظاهرات احتجاج
انتفضت المدن اليمنية الجمعة في احتجاجات على توغل الحوثيين في مؤسسات الدولة، بعد استقالة الرئيس والحكومة. وانتفضت 4 مدن في تظاهرات حاشدة مناهضة للحوثيين، للمطالبة بتسليم مؤسسات الدولة وسحب مسلحيهم. وشهدت تعز وإب وصنعاء والحديدة مسيرات احتجاجية، معيدة بذلك أجواء الثورة الشبابية التي أطاحت بصالح في 2011.

في تعز وسط البلاد، خرج عشرات آلاف من اليمنيين الغاضبين في مسيرات بشوارع المدينة عقب صلاة الجمعة، نددوا فيها بممارسات الحوثي والرئيس السابق وسيطرتهم على مؤسسات الحكومة بقوة السلاح. ورفع المتظاهرون الذين طافوا بشوارع المدينة لافتات تدعو إلى ثورة شعبية لاستعادة الدولة، ورفضًا لما وصفوه بالثورة المضادة، مرددين شعار: "ثورة ثورة من جديد، لا أحمد ولا السيد"، مطالبين قيادة المحافظة برفض تنفيذ أي توجيهات من صنعاء.

وفي صنعاء، تظاهر بضع عشرات من الشباب في مسيرات رمزية ضد الحوثيين، في ساحة التغيير وسط صنعاء، وردد المتظاهرون هتافات نددت بالانقلاب على مؤسسات الدولة، ودعوا الشعب اليمني إلى استكمال الثورة المنهوبة.

وردد المتظاهرون هتافات تتعهد باستعادة "زخم الثورة الشعبية" التي أطاحت الرئيس السابق علي عبد الله صالح والتصدي لما وصفها المتظاهرون بـ"الثورة المضادة" التي يقودها التحالف القائم بين الحوثيين وعلي صالح بحسب منظمي التظاهرات، الذين طالبوا أيضا بتشكل "مجلس رئاسي ثوري" لإدارة البلاد.

وفي مدينة إب وسط اليمن، خرج عشرات الآلاف في تظاهرات ترفض ممارسات الحركة الحوثية المسلحة وتتعهد بمواصلة مسار الثورة الشعبية والتصدي لما وصفوها بالتحالفات الهادفة الى إفشال ثورة 11 فبراير الشعبية. كما خرج عشرات الآلاف في مدينة تعز للأهداف نفسها وأحرقوا صور زعيم الحركة الحوثية عبد الملك الحوثي.

وفي محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء تظاهر المئات استجابة لدعوة ائتلافات الثورة وحركة رفض مكوّنين سلسلة بشرية في الشارع الرئيس في المدينة. كما يستعد ناشطو الحراك التهامي في مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون لتنظيم مظاهرات كبيرة ترفض نشر المسلحين الحوثيين وتندد بمهاجمة دار الرئاسة ومحاصرة وزراء الحكومة في منازلهم بحسب قيادات في الحراك التهامي.

تأتي هذه المظاهرات بعد يومين من استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة الجديدة التي لم يمض على تشكيلها سوى ثلاثة أشهر، وقبل يوم واحد من جلسة طارئة سيعقدها مجلس النواب اليمني لاتخاذ قرار بشأن استقالة الرئيس هادي. ووفقا لأعضاء في المجلس فإن من المرجح رفض استقالة الرئيس على أن توضع خارطة طريق مجدولة للمرحلة المقبلة، بعد الحصول على ضمانات من الحوثيين بعدم التدخل في أعمال الرئاسة والحكومة والانسحاب من العاصمة صنعاء والتخلي عن نهج فرض المطالب بقوة السلاح، بحسب أعضاء قي مجلس النواب. ومن الخيارات المطروحة قبول المجلس استقالة الرئيس والبدء بمشاورات لتشكيل مجلس رئاسي يمثل أبرز القوى السياسية لإدارة البلاد.

وكان اقليم سبأ اليمني قد اعلن في وقت سابق انفصاله عن الدولة المركزية اليمنية وانضمامه لاقليمي عدن وحضرموت. وتفيد الانباء بتوجه اقليم الجند الى اتخاذ موقف مشابه.
يحدث هذا عقب اعلان قادة في الحراك الجنوبي انفصال اليمن الجنوبي ونشر قوات من اللجان الشعبية على الحدود السابقة بين شطري البلاد، احتجاجا على ممارسات الحركة الحوثية وسيطرتها على العاصمة صنعاء، الامر الذي ادى الى استقالة الحكومة والرئيس عبد ربه منصور هادي.

وكان القيادي في الحراك الجنوبي ناصر النوبه قد اعلن يوم امس الجمعة انفصال جنوب اليمن عن الدولة المركزية اليمنية في صنعاء ليشكلا إقليمين هما إقليم عدن وإقليم حضرموت. وجاءت هذه الخطوة احتجاجاً على ما وصفته قيادات في الحراك الجنوبي بانقلاب الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح على الرئيس عبد ربه منصور هادي ومحاصرة الحوثيين للوزراء ومسؤولي الدولة في صنعاء ووضعهم قيد الإقامة الجبرية.

وكان وزير الداخلية اليمني السابق اللواء عبده حسين الترب قد دعا محافظي محافظات إقليمي الجنَد وسبأ الى إعلان الانضمام الى إقليمي المحافظات الجنوبية. وإعتبر اللواء الترب أن إقليم آزال الذي يضم محافظات صعده وعمران وصنعاء وذمار يخضع حاليا لما وصفه "احتلال بقوة السلاح". كما دعا اللواء الترب لتشكيل مجلس عسكري خاص بأقاليم الجنوب وسبأ والجند برئاسة وزير الدفاع الحالي اللواء محمود الصبيحي.

واعتبر وزير الداخلية اليمنية السابق دعوته هذه بأنها اجراء يتناسب مع التطورات الحالية التي تمر بها اليمن. من جانب آخر، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاطراف اليمنية الى المحافظة على السلم والاستقرار في البلاد. وحض الامين العام للمنظمة الدولية كل الاطراف على التعاون مع مبعوثه الخاص الى اليمن جمال بن عمر الموجود حاليا في صنعاء الذي يجري اتصالات مع الاطراف "من اجل التوصل الى حل للازمة الراهنة."

وكان مجلس الامن الدولي قد عبر في وقت سابق من الاسبوع عن قلقه هو الآخر من التطورات في اليمن ودعا ايضا الاطراف الى التعاون مع المبعوث الدولي بن عمر.

بعد استقالته من رئاسة الجمهورية، دعا الرئيس عبدربه منصور هادي كل القوى والأحزاب والمكونات السياسية والشعبية في عموم المحافظات اليمنية إلى ضبط النفس، والحفاظ على مكاسب الوطن، وعدم الانجرار وراء المخططات الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار والسلم الأهلي.

سيطرة اللجان على عدن
وفي عدن، عقدت المكونات الحراكية والأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني اجتماعًا طارئًا، شكلت على أثره هيئة تنسيقية مؤقتة تنظم بقوامها ممثلين اثنين من كل فصيل تتحمل إدارة الأوضاع الراهنة في الجنوب وتحديد برنامج عملها للحفاظ على الأمن والاستقرار.

من جانب آخر، سيطرت اللجان الشعبية الجنوبية على محافظة عدن بالكامل، ورفعت أعلام الجنوب في الدوار الحكومية والأمنية والمطار، كما أقامت نقاط التفتيش في مداخل العاصمة عدن وشوارعها الرئيسة. وكانت أربع محافظات جنوبية أعلنت رفضها تلقي الأوامر والتعليمات من صنعاء بعد الإطاحة بهادي.

واشنطن قلقة
كانت الولايات المتحدة صرحت على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست أنها تريد مواصلة التعاون مع اليمن في مجال مكافحة الإرهاب، كما أبدت قلقها إزاء عدم الاستقرار السياسي في البلاد.

وضعت استقالة هادي اليمن في فراغ دستوري وقانوني لم يكن في حسبان الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي ساندهم بقوة للسيطرة على صنعاء والإطاحة بهادي. والسخط الشعبي الذي سيواجه الحوثي وصالح في الأيام المقبلة، والذي بدأت تلوح بوادره، يراه مراقبون محليون أنه سيشعل ثورة جديدة على غرار الثورة الشبابية التي أطاحت بصالح عام 2011.

توحيد الحراك
قالت مصادر مطلعة في الحراك الجنوبي في محافظة عدن أن قيادات الحراك عقدت مشاورات واجتماعات الجمعة لتوحيد الصف الجنوبي، وبلورة موقفها تجاه الأحداث التي شهدتها صنعاء واستقالة هادي وحكومة خالد بحاح، فيما سيطر مسلحو اللجان الشعبية التابعة للحراك على مؤسسات الحكومة في المدينة، التي شهدت انفجارات جراء استهداف مسلحين مجهولين مدرعة لقوات الأمن الخاصة مساء أول أمس.

في غضون ذلك، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست أمس إنه ليس واضحًا لإدارة الرئيس باراك أوباما ما إذا كانت إيران لها سيطرة على المتمردين الحوثيين في اليمن أم لا.

مسلحو القبائل الى العاصمة لاخلاء مسؤولين محاصرين

وصلت الى العاصمة اليمنية السبت قافلة مكونة من عشرات العربات التي تنقل مسلحين قبليين في مسعى لاخلاء مسؤولين محاصرين منذ عدة ايام في اقاماتهم من قبل مليشيا الحوثيين، بحسب مصادر قبلية وفي الدفاع.

وحتى الان يقف المعسكران اللذان دعا كل منهما الى تعزيزات، متقابلين. وتجري مفاوضات للتمكن من اخلاء المسؤولين وتفادي حدوث مواجهة.

ووصل ممثلون لقبائل سنية من محافظتي مارب والجوف قرب منزل وزير الدفاع محمود صبيحي المحاصر من الحوثيين.

وقال احدهم انه سيتم استخدام القوة اذا لم يفرج الحوثيون عن الوزير.

وتوجه مسلحون آخرون ناحية منزل قائد الاستخبارات اللواء علي الاحمدي المحاصر منذ الخميس من مليشيا الحوثيين.

وكان الحوثيون دخلوا في 21 ايلول/سبتمبر صنعاء واحكموا سيطرتهم على العاصمة حيث سيطروا على دار الرئاسة.

وازاء هذا الوضع استقال الرئيس عبد ربه منصور هادي مؤكدا الخميس انه لا يمكنه البقاء في الحكم بسبب "المازق التام" في هذا البلد الغارق في الفوضى.

&

&

&

&