مع انهيار الحكومة في اليمن، خسرت الولايات المتحدة شريكًا يعتمد عليه في حربها ضد تنظيم القاعدة في اليمن، مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من انعكاسات صعبة.

واشنطن: توقع مسؤولون وخبراء أميركيون أن ينجم عن انهيار الحكومة اليمنية تعاظم نفوذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي ستكون لديه حرية اكبر بالتحرك في الفوضى السياسية التي تشهدها البلاد، وبعيدا عن ضغوط الجيش الذي تلقى تدريبًا اميركيًا.

التهديد إلى ازدياد

قال دانيال بنجامين، المنسق السابق لمكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الاميركية: "المجموعات الارهابية تستفيد من الفوضى والتهديد ازاء الغرب يمكن أن يزداد".

ويعتبر اليمن الركن الاساسي في الحرب التي تشنها واشنطن ضد التنظيم، بالنظر إلى خطورة هذا التنظيم الذي تبنى الاعتداء الدامي في 7 كانون الثاني (يناير) على صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة في باريس، كما ارتبط بعدة محاولات لتفجير طائرات متوجهة إلى الولايات المتحدة.

وكانت الولايات المتحدة تعتمد حتى الآن على الحكومة اليمنية لتقاسم المعلومات الاستخباراتية حول الفرع اليمني للتنظيم، خصوصًا أن الحكومة اجازت لواشنطن شن غارات بواسطة طائرات من دون طيار ضد زعماء في التنظيم، بالاضافة إلى نشر عناصر من الوحدات الخاصة في البلاد.

كان شريكًا مهمًا

وأقر مسؤولون اميركيون بأنهم غير واثقين إلى ما ستؤول اليه حملة مكافحة الارهاب بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة وفي حال حصول مواجهات مع الحوثيين. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية لوكالة الصحافة الفرنسية: "لقد كان اليمن شريكًا مهمًا في مكافحة الارهاب".

وأضاف: "لم يعطوا ترخيصًا لتنفيذ عمليات اميركية بل يتولون الامور بانفسهم على الارض، لا احد يعلم ماذا سيحدث بعد ذلك". واذا شكلت حكومة جديدة وقررت الغاء تعاونها مع الولايات المتحدة فسيترتب على واشنطن اتخاذ اجراءات عسكرية "احادية الجانب" ضد القاعدة، بحسب المسؤول نفسه.

دور استشاري

ومع تدهور الوضع في اليمن، يدرس المسؤولون ضرورة اخلاء السفارة الاميركية في صنعاء، واجلاء قوات الوحدات الخاصة التي يفوق عددها 100 جندي، تقوم بدور استشاري للجيش اليمني.

واعلن المتحدث باسم البنتاغون الاميرال جون كيربي أن عمليات التدريب التي تقوم بها القوات الاميركية لم تتوقف رغم الازمة، مع اقراره بأن ذلك "قابل للتغيير". وقال: "ربما ستطرأ تعديلات في المستقبل، لكننا لم نبلغ تلك المرحلة بعد".

وقال ادم شيف، النائب الديموقراطي في لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب: "الازمة احدثت بلبلة في جهود مكافحة الارهاب في اليمن، وامكان حصول نزاع بين السن والحوثيين سيزيد من نفوذ وقدرة تنظيم القاعدة على العودة إلى البروز في اليمن".

غارات أكثر

واعتبر بروس ريدل، العنصر السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية والذي عمل مستشارًا لعدد من الرؤساء الاميركيين، انه سيكون صعبًا ابقاء السفارة الاميركية مفتوحة في حال حصول عنف في صنعاء، وهذا يعني ايضًا توقف المساعدات التي تقدمها القوات الاميركية إلى الجيش اليمني.

وقال ريدل من معهد بروكينغز: "اذا اغلقت السفارة فان القسم الاكبر من الوجود العسكري الاميركي على الارض سيزول، وفي تلك الحالة سيتعين على واشنطن الاعتماد فقط على غارات الطائرات من دون طيار، من دون مساعدة من القوات المحلية أو معلومات استخبارية يتم الحصول عليها من مقاتلين معتقلين".

اضاف أن توقف التعاون سيكون معناه غارات اكثر في المستقبل، بدون دعم او موافقة من صنعاء.

أعداء

نفذت القوات الاميركية ووكالة المخابرات المركزية اكثر من 100 غارة لطائرات من دون طيار في اليمن منذ 2009، بالاضافة إلى 15 هجوما بصواريخ كروز، بحسب تقديرات من مؤسسة نيو اميركا في واشنطن.

واشار بعض الخبراء إلى امكان أن يختار الحوثيون التعاون سرًا مع الاميركيين لمحاربة اعدائهم في تنظيم القاعدة. الا أن الحوثيين معادون للولايات المتحدة والغرب، وشكك بعض المسؤولين السابقين في امكان حصول مثل هذا الاتفاق.

وقال بنجامين: "نحن امام وضع غريب، الحوثيون اعداء اعدائنا القاعدة وليسوا اصدقاء لنا، وعلى الارجح سيعرقلون جهودنا لتعزيز الجيش اليمني والقوات المسلحة".

القاعدة مستفيد

قبل اشهر فقط، اشار اوباما إلى مقاربة واشنطن في اليمن على انها مثال على محاربة الاسلاميين من دون نشر قوات كبيرة على الارض. واعتبر ريدل انها استراتيجية جيدة، لكنها لم تنجح، والسبب هو التفكك في الشرق الاوسط، وهو ما لا يمكننا أن نوقفه.

وتابع: "الفرع اليمني لتنظيم القاعدة سيستفيد من أي فراغ في السلطة في اليمن، واي تراجع في الحملة العسكرية الاميركية ضده، ما يزيد من مخاطر أن يتمكن التنظيم من شن هجوم كبير ضد اهداف غربية".
وختم ريدل بالقول: "اعتقد أن تنظيم القاعدة سيكون احد اكبر المستفيدين من انهيار الوضع في اليمن".
&