احتج العراق على الولايات المتحدة لإيصالها مخطوطته النادرة للتوراة إلى تل أبيب، ودعا الانتربول والمنظمات الدولية إلى مساعدته في استرجاع هذه المخطوطة المنهوبة من إسرائيل.

لندن: قالت وزارة السياحة والآثار العراقية إن وسائل الإعلام تناولت خبر وصول مخطوطة التوراة العراقية إلى إسرائيل وإحتفال وزارة الخارجية الإسرائيلية بها.. وأكدت احتجاجها "على هذا الإستحواذ غير القانوني كجزء من الموروث العراقي بدلالة حمله أختاماً رسمية عراقية".

يذكر أن الاوساط الإسرائيلية تحتفل هذه الايام بوصول النسخة العراقية من مخطوطة التوراة إلى الدولة العبرية، فقد عبرت اوساط نيابية وثقافية عراقية عن غضبها من تسليم واشنطن هذه المخطوطة إلى تل أبيب بعد الاستيلاء عليها اثر احتلال العراق ربيع عام 2003.

وطالبت الوزارة مركز "نارا" الأميركي الذي يقوم بصيانة وترميم الأرشيف العبري العراقي بتقديم إجابات واضحة حول كيفية وصول هذه المخطوطة إلى إسرائيل. واكدت مطالبات سابقة كانت قدمتها إلى الولايات المتحدة "بضرورة إستعادة جميع مواد الأرشيف العبري إلى بلده العراق وإنهاء هذا الملف الذي كان من المقرر أن ينتهي عام 2005"، كما قالت في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" الاثنين.

ودعت وزارة السياحة والآثار العراقية المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ولا سيمّا اليونسكو والشرطة الدولية "الانتربول" إلى مساعدة العراق بإستعادة هذه المخطوطة المهمة وارجاعها اليه "كجزء من وقوف العالم المتحضر معنا لإسترجاع آثارنا وتراثنا المنهوب"، كما قالت.
&
إسرائيل تحتفل والعراق غاضب

وتشهد الدولة العبرية احتفالات منذ ثلاثة أيام بوصول مخطوطة التوراة العراقية إلى تل أبيب بعد نقل السلطات الأميركية لها من بغداد إلى الولايات المتحدة بذريعة ترميمها، حيث من المقرر أن تستخدم هذه المخطوطة في إسرائيل حاليًا للصلاة اليومية في القدس وسط حفاوة الاوساط السياسية والدينية والتراثية الإسرائيلية.

وقد أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية وصول مخطوطة التوراة العراقية إلى إسرائيل الخميس الماضي بعد ان عثرت عليها القوات الأميركية في بغداد عام 2003 موضحة أنه قد تم ترميمها خلال فترة سبعة أشهر، حيث اقامت وزارة الخارجية الإسرائيلية احتفالاً شارك فيه حاخامات يهود احتفاء بوصول المخطوطة إلى إسرائيل.

وقد جاء وصول المخطوطة العراقية إلى إسرائيل رغم وعود أميركية سابقة بإعادة الارشيف اليهودي الذي استولت عليه القوات الأميركية فور احتلالها لبغداد ربيع عام 2003 إلى العراق، حيث تتوقع مصادر عراقية مختصة عدم اعادة الارشيف اليهودي كاملاً إلى العراق رغم تلك الوعود، مشيرة إلى وجود خطة مدروسة بتسليم هذا الأرشيف كاملاً إلى الجانب الإسرائيلي.

وقالت لجنة السياحة والآثار في مجلس النواب العراقي إن تسرب الارشيف اليهودي إلى إسرائيل جاء نتيجة الأحداث التي شهدها العراق بعد عام 2003 من انفلات أمني.. وأشار رئيس اللجنة فالح حسن بهذا الصدد إلى قانون 1483 الصادر من قبل مجلس الأمن، والذي نص على أن أميركا وبريطانيا وحلفاءهما هي دول احتلال وعليها أن تلتزم بتطبيق التزامات قانونية تجاه البلد المحتل وهو العراق، ومن ضمنها ما يتعلق بتاريخه، والأرشيف اليهودي هو جزء من الإرث العراقي ويجب أن يسترد وفق الآليات القانونية.

ومن جهتها، طالبت لجنة الثقافة في مجلس النواب العراقي وزارة الخارجية والسفارة العراقية في الولايات المتحدة الأميركية والبرلمان بالاحتجاج على تسريب مخطوطة التوراة هذه إلى إسرائيل، وشددت على ان العراقيين يرفضون التعامل مع أملاكهم وآثارهم بصمت.

وقالت عضو لجنة الثقافة في مجلس النواب ميسون الدملوجي إن "تسريب مخطوطة من الارشيف اليهودي العراقي إلى إسرائيل يشكل قضية خطيرة لا يمكن السكوت عليها".. مطالبة "وزارة الخارجية وسفارة العراق في واشنطن بضرورة تقديم مذكرة احتجاج للسلطات الأميركية بشأن الموضوع".

ودعت الدملوجي مجلس النواب ووزارة السياحة والآثار إلى "الاحتجاج على تسريب مواد ذلك الأرشيف إلى إسرائيل".. واشارت إلى أن "التسريبات بشأن وصول المخطوطة إلى إسرائيل متضاربة إذ يبين أحدها أنها أرسلت من أميركا لإسرائيل في حين تؤكد أخرى أنها سلمت للسفارة الإسرائيلية في الأردن ما يقتضي البحث والتمحيص".

وقالت إن "المخطوطة إذا كانت قد سربت من الأرشيف اليهودي العراقي الذي نقل إلى أميركا خلال غزوها العراق سنة 2003 فإنها تكون خاضعة لاتفاق تم بين هيئة الآثار العراقية والجانب الأميركي في حينه، يلزم الأميركيين بإعادة المجموعة اليهودية العراقية كاملة بعد ترميمها".

وجاء وصول نسخة التوراة هذه إلى إسرائيل رغم أن وزارة الثقافة العراقية كانت أعلنت في أيار (مايو) عام 2010 عن اتفاق عراقي أميركي يقضي باستعادة أرشيف اليهود العراقيين وملايين الوثائق التي نقلها الجيش الأميركي من بغداد عقب غزو العراق عام 2003 من بينها الأرشيف الخاص بحزب البعث المنحل.

مسؤولون عراقيون سلموا إسرائيل مخطوطات تراثية

ونسخة التوراة هذه نادرة، وكانت من ضمن رحلة غامضة من بغداد إلى واشنطن بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ، لتحل أخيراً في أروقة الخارجية الإسرائيلية في القدس، حيث استقبلت بمراسيم دينية تخللتها الأهازيج والتراتيل وتوزيع الحلوى.

واعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان عودة المخطوطة التي عثر عليها في مخازن المخابرات العراقية في بغداد إلى المعبد اليهودي في الوزارة بأنها "تمثل مصير اليهود"، في حين أقر مختصون إسرائيليون بأن هذه المخطوطة هي من بقايا الجالية اليهودية التي عاشت في العراق منذ القدم، وبينوا أن طريق وصولها إلى إسرائيل "يبقى غامضاً" في ظل تقديم المسؤولين نظريات وإفادات مختلفة بشأنها.

وكان المدير العام السابق لدار المخطوطات العراقية أسامة ناصر النقشبندي كشف في آذار (مارس) عام 2013 عن تمكن جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" من السيطرة على أكبر مكتبة يهودية أثرية في العراق كانت محفوظة في دائرة المخابرات العراقيّة السابقة مبيناً أن ضباطًا من وكالة المخابرات الأميركية (CIA) هم من سهلوا تهريب تلك الوثائق العراقية.

وكانت دراسة أميركية بعنوان "استهداف المخطوطات في العراق خلال الحرب 1991 – 2003" ذكرت أن ممثل وزارة الدفاع "البنتاغون" إسماعيل حجارة وهو أميركي الجنسية كان أرسل للإشراف على هيئة الآثار والتراث العراقية بعد احتلال العراق، وأنه هو الذي كان وراء نقل المخطوطات إلى أميركا.

ومن جهتها، قالت صحيفه هآرتس الإسرائيلية إن النائب العمالي اليهودي موردخاي بن بورات وهو أحد المنحدرين من يهود العراق وباحث في مركز إرث يهود بابل الواقع قرب تل ابيب قد كشف في وقت سابق عن أن مسؤولين حكوميين في العراق أهدوا إسرائيل بعضاً من المخطوطات الاثرية الثمينة، وانهم تمكنوا من الحصول على تعليق نادر لسفر أيوب نشر سنة 1487 وقسم من كتب الانبياء المنشورة في البندقية عام 1617 من مخازن حصينة لجهاز المخابرات العراقي السابق.