يرى محللون ان التحالف "غير الطبيعي" الذي تشكل في اليونان الاثنين بين حزب سيريزا المناهض لاجراءات التقشف وحزب اليونانيين المستقلين القومي قد لا يعيش طويلا.


اثينا: لم يتمكن حزب سيريزا من الحصول على اغلبية ال151 مقعدا في البرلمان اليوناني، حيث حصل على 149 مقعدا فقط، ما حتم عليه ان يتحالف مع حزب اخر لتشكيل الحكومة.

واختار الكسيس تسيبراس (40 عاما) زعيم حزب سيريزا التحالف مع حزب "اليونانيين المستقلين"، الذي يعتزم مثل حزب سيريزا التخلي عن سياسات التقشف التي فرضت على البلاد خلال السنوات الخمس الاخيرة مقابل الحصول على صفقة انقاذ بقيمة 240 مليار يورو (269 مليار دولار) من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.

الا ان المحللين يشيرون الى ان حزب اليونانيين المستقلين المعروف بهجماته العنيفة ضد المانيا، لا يمكن التكهن بتصرفاته، ومشاركته في الحكم يمكن ان تزعزع التوازن بين مختلف فصائل التيار اليساري التي يتشكل منها حزب سيريزا.

ويتوجه اليساريون المتشددون نحو مواجهة مع الدائنين الدوليين لليونان عبر اصرارهم على اعادة التفاوض على شروط صفقة الانقاذ وشطب معظم ديون البلاد الضخمة.

وفي حال فشل الائتلاف الحكومي الجديد فقد تضطر اليونان الى خوض انتخابات جديدة ما يعني شل الاقتصاد المتعثر اصلا، وربما اغراق منطقة اليورو في حالة جديدة من عدم الاستقرار.

وقال مانوس بابازوغلو استاذ العلوم السياسية في جامعة بيلوبونيز "حزب سيريزا يتالف من جماعات ذات ايدلوجيات مختلفة، وسيتعين على تسيبراس ان يسعى الى التوصل الى تسوية داخل حزبه وهذا امر صعب".

وصرح لفرانس برس "هذا تحالف غريب وغير طبيعي .. وستنكشف حقيقة تماسك الحكومة عندما تجلس على طاولة التفاوض مع الاتحاد الاوروبي".

وتقارب حزبا سيريزا واليونانيين المستقلين في السنوات الاخيرة بسبب معارضتهما المشتركة لصفقة الانقاذ التي ادت الى خفض كبير في الانفاق وعمقت الانكماش المستمر منذ ست سنوات.

الا انهما حزبان يختلفان تماما بشان قضايا رئيسية من بينها الهجرة والحقوق المدنية. ويرغب حزب سيريزا بتخفيف موقف اليونان من المهاجرين وطالبي اللجوء، بينما حزب اليونانيين المستقلين اقرب الى الكنيسة الارثوذكسية النافذة ويريد ان يتخذ موقفا اقوى من الدول المجاورة تركيا ومقدونيا والبانيا.

وقال مانوليس اليكساكيس خبير العلوم السياسية في جامعة كريت "لا توجد امور مشتركة بين الحركتين (باستثناء معارضة صفقة الانقاذ). وهذه ليست بداية مبشرة".

واضاف ان "تماسك الحكومة سيوضع على المحك بشكل يومي .. فالسلطة توحد بالطبع، ولكنني لا استطيع ان اتخيل ان بعض الاشخاص داخل سيريزا سيكونون سعداء جدا بهذا التحالف".

وزعيم حزب اليونانيين المستقلين بانوس كامينوس (49 عاما) هو نائب محافظ سابق ترك حزب الديموقراطية الجديدة في 2012 بعد موافقة الحزب الاخير على صفقة الانقاذ المالي، وشكل حزبا جديدا.

ودأب على وصف دائني اليونان ب"الغزاة الاجانب" الا انه يريد ان تبقى اليونان في منطقة اليورو وتستمر في استخدام العملة الموحدة.

وراى المحلل هولغر شميدنغ من بنك بيرنبرغ "ان تشكل تحالف مع اليونانيين المستقلين يمكن ان يبشر بمواجهة قوية مع اوروبا .. وينظر الى حزب اليونانيين المستقلين غالبا على انه مجموعة تحمل ضغينة".

وكان كامينوس وصف الحكومة السابقة ب"الدكتاتورية" وقال ان المسؤولين الذين وقعوا على اتفاق القرض يجب ان يحاكموا.

وقال يانيس بالفاس عضو لجنة سيريزا السياسية لتلفزيون الفا "نحن لا نعتبر حزب اليونانيين المستقلين مناهضا لاوروبا. الا اذا كانت الموالاة لاوروبا تعني الخضوع لمطالب المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ووزير ماليتها ولفغانغ شويبله".

واضاف "يجب ان ينظر الى اليونان على انها شريك متساو في اوروبا".

وانتشرت توقعات بان سيريزا سيتحالف مع حزب "تو بوتامي" الجديد الموالي لاوروبا والذي فاز ب17 مقعدا في الانتخابات.

الا ان اليكساكيس من جامعة كريت قال ان حزب اليونانيين المستقلين يمكن ان يكون حليفا يستغني عنه سيريزا في حال انتهاء المفاوضات مع باقي الدول الاوروبية.

واضاف "عند تغيير التوازن في اوروبا، يمكن ان يترك سيريزا حزب اليونانيين المستقلين ويسعى الى التحالف مع بتو بوتامي .. او اجراء انتخابات جديدة على امل زيادة عدد مقاعده".