على مسافة لا تزيد على 85 كم، بين مدينتي دويسبورغ وهام، في ولاية الراين الشمالي ويستفاليا الألمانية، يتحرك يوميًا 2 مليون إنسان على دراجاتهم الهوائية بين موقع العمل والبيت. ويمكن لتبليط هذه الشوارع بالخلايا الضوئية لا أن يشحن محركات هذه الدراجات الهوائية فحسب، وإنما أن ينتج ما يكفي من الطاقة لتزويد البيوت القريبة من هذه الشوارع بالكهرباء.


ماجد الخطيب: تخطط شركة "سولاررودواي" الأميركية لتبليط أول قطعة من أحد طرقات ولاية ايداهو السريعة بألواح الخلايا الضوئية المنتجة للكهرباء من الشمس، لكنّ الأوروبيين يحبذون تشجيع الناس على التخلي عن سياراتهم (إلى أن تسود السيارة الكهربائية) وركوب الدراجات الهوائية التي لا تضر بالبيئة. وذلك أصبحت هولندا أول دولة تبني طريقًا سولاريًا للدراجات الهوائية، ويبدو أن مدينة كولون الألمانية ستكون الثانية في هذا المجال.

وتدرس حكومة كولون المحلية حاليًا مقترحًا لبناء شبكة من طرقات الدراجات السريعة السولارية بهدف تشجيع الناس على التخلي عن سياراتهم، وبالتالي تقليل الزحام على الطرقات، وتقليص تلوث جو المدينة، وإنتاج الطاقة البديلة من أسفلت الشوارع المنتج للكهرباء.

يمكن لألواح الخلايا الشمسية المثبتة بشكل مائل على سطوح البنايات، ومن ثم فإنها تواجه الشمس، يمكنها أن تنتج 20% أكثر من الكهرباء الذي تنتجه ألواح الخلايا الضوئية المستوية المثبتة على الطرقات، لكن لينو هامر، صاحب المشروع من حزب الخضر، يرى أن طرقات الدراجات الهوائية السولارية ستسد كلفة بنائها بنفسها خلال 15-20 سنة من خلال الطاقة الكهربائية التي تنتجها، ومن خلال الطاقة التي يمكن بيعها على البيوت والمطاعم والبيوت القريبة.

الربط مع هولندا
تأمل مدينة كولون في الحصول على دعم الولاية، ودعم الحكومة الاتحادية، لتنفيذ هذا المخطط. إذ إنه من الممكن مستقبلًا ربط كل مدن الولاية المزدحمة بمثل هذه الطريقة، وبما أن الولاية تحاذي هولندا تمامًا، فإنه من الممكن أيضًا ربط طرقات الدراجات الهوائية مع الطرقات المماثلة من هولندا. ولا تبعد أكبر مدن الراين الشمالي (كولون) سوى 220 كم عن أمستردام.

في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بنت هولندا أول طرق الدراجات الهوائية ببلوكات الأسمنت، التي لصقت عليها ألواح الخلايا الضوئية. وتمت حماية الألواح بطبقة من زجاج يتعذر كسره أو خدشه، كما إنه شفاف ويمرر ضوء الشمس، ولا يتأثر بالحرارة أو البرودة والماء. وواقع الحال أن التقنية نفسها استخدمت في أيداهو لبناء طرقات السيارات السولارية، إلا أن الدراجات الهوائية أقل وزنًا من السيارات بكثير، ولذلك فإن عمر الطريق سيكون أطول.

تم بناء "السولار رود" المذكور في مدينة كروميني 25 كم إلى الشمال من مدينة أمستردام، وبطول 70، واعتبرته الحكومة الهولندية تجربة يمكن تعميمها عند نجاحها. وسيجري مد الشارع السولاري إلى 100 متر في العام 2016، ويفترض أن يكون بهذا الطول كافيًا بمفرده لسد حاجة 3 منازل من الكهرباء. ويعوّل الهولنديون على الطريق في شحن محركات الدراجات الهوائية الكهربائية بالطاقة، وشحن اليافطات الضوئية وإشارات المرور وأضواء الطرقات من الكهرباء الذي ينتجه الطريق. ومن الطبيعي سيمكن لهذا الشارع مستقبلاً، عند سيادة السيارات الكهربائية، أن يشحن هذه السيارات بالطاقة من خلال محطات صغيرة تبنى على جانبيه.

فضلًا عن هذه التجربة الغنية، تفضل كولون الاستفادة من ابتكار ألماني جديد حوّل بلوكات الأسمنت نفسها إلى خلايا ضوئية منتجة للكهرباء. إذ نجحت جامعة كاسل الألمانية في دمج ألواح الخلايا الضوئية في الطبقة العليا من أسمنت البناء الجديد "دايزي كريت"، ويمكن لهذه الطريقة أن تغني المهندسين عن الطبقة الزجاجية التي تحمي ألواح الخلايا الضوئية في الطرقات.

شبكة واسعة من الطرقات
ما عادت الدراجات الهوائية الحديثة وسيلة تسلية ولياقة رياضية وسفرات قصيرة فحسب، لأن المزود منها بمحرك يمكن أن يتجاوز سرعة 20 كم/ساعة بسهولة. ولهذا يمكن أن تسهم في حل مشكلة الزحام والاختناقات على الطرقات السريعة الخاصة بالسيارات.

في منطقة الرور، المشهورة في ألمانيا بمدنها الكبيرة المتلاصقة، بدأت ولاية الراين الشمالي في وستفاليا (20 مليون نسمة) استحداث شبكة طرقات سريعة خاصة بالدراجات الهوائية حلاً لمشكلة الزحام والتأخر عن العمل. فبعض هذه المدن لا يبعد عن بعضها البعض أكثر من 7 كم، ويمكن لشبكة صغيرة من "أوتوبانات الدراجات" أن تجد حلاً لملايين العمال والموظفين.

وهناك بضعة ملايين من سكان منطقة الصناعة والتعدين(الرور) يعيشون في مدن ويعملون في مدن أخرى قريبة. ويتسبب تنقلهم الدائم بين البيت والعمل باختناقات شديدة على الطرقات السريعة الخاصة بالسيارات. ويكفي طريق سريع واحد بطول 85 كم لتخفيف الضغط على مداخل المدن والشوارع.

أقرت وزارة النقل الاتحادية مقترح دائرة النقل في منطقة الرور، التي تقترح شق طريق أولي للدراجات الهوائية بين دويسبورغ وهام (85 كم). ويفترض أن يمتد هذا الشارع من دويسبورغ إلى مولهايم (12 كم)، ثم إلى أيسن (25 كم) وغيلزنكيرشن (31 كم/ مقر فريق شالكة) وبوخوم (36 كم) ودورتموند (56كم)، وأونا (70 كم) وصولاً إلى مدينة هام. وطبيعي فإن هناك العديد من المدن الأصغر، بين هذه المدن الكبيرة، التي يمكن أن يتفرع الشارع لتغذيتها.

وقالت بيتينا سيبولسكي، من وزارة النقل، إن شق مثل هذا الطريق في الرور سيكون، حسب تقدير الخبراء، طريقًا يسلكه 2 مليون إنسان يتنقلون يوميًا بين العمل والبيت على الدراجات الهوائية. ومن المتوقع أن يكون الشارع خيارًا بيئيًا وسريعًا للمتنقلين بين المدن على دراجات هوائية عادية (5كم) أو دراجات هوائية إلكترونية (15كم أو أكثر). وهناك مقترح آخر لربط هانوفر مع فرايبورغ بطريق آخر سريع خاص بالدراجات.

السمارت بايك قادم
ما عاد شيء، في عالم اليوم، يقف دون تحويل الدراجة الهوائية إلى سمارت بايك يتحرك، مثل روبوت متنقل، حاله حال أكثر السيارات الحديثة المزودة بالأنظمة الإلكترونية. بل إن تقنيات العصر الحديثة تتيح الآن للتقنيين تحويل كل دراجة هوائية إلى دراجة سمارت بحكم الأنظمة "المحمولة" و"الملبوسة" التي من الممكن تركيبها عليها.

ونجح الألماني أندرياس غالر، رئيس شركة "إي.كرادل" من فرانكفورت، في إنتاج نظام قابل للدمج في الدراجات الهوائية، ويتيح لها استخدام 100 وظيفة إلكترونية ورقمية. ونال غالر حتى الآن دعمًا من الشركات الإلكترونية الألمانية، ومن شركات إنتاج الدراجات الهوائية، بلغ 340 ألف يورو من أجل تطوير نظامه.

أطلق غالر على نظامه اسم "كوبي سمارت"، الذي يحتوي على كل ما يؤهل الدراجة الهوائية للتحول إلى سمارت بايك. فهو مزود بسمارت فون مدمج في المقود، ونظام تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية (ملاّح)، ناهيكم عن أجهزة طبية متقدمة ومدمجة تقيس حرارة جسم صاحب الدراجة، وسرعة نبضه، وسرعة تنفسه... إلخ وترسل كل المعطيات إلى المدرب الرياضي أو إلى الطبيب المعالج أو إلى أية مستشفى.

فضلاً عن ذلك، زوّد غالر دراجته الهوائية الرقمية بنظام انطلاق اللون الأحمر خلفًا عند الفرملة، وهو نظام معروف في السيارات حتى الآن. وإضافة إلى مصدر ضوء أبيض في المقدمة يعمل بوساطة أجهزة استشعار الضوء، وينطلق حال بدء حلول الظلام، هناك ضوءان على الجانبين يخبران السيارات والدراجات الأخرى عن انعطاف الدراجة إلى اليمين أو إلى اليسار.

ويمكن لدراجة كوبي الحديثة، مثل الهاتف الجوال، أن تطلق صوت الإنذار الآن بنغمات ودرجات عدة بدلاً من الجرس التقليدي. ويستطيع السمارت فون المدمج في المقود أن يزود الراكب بكل المعطيات المطلوبة، ويكفي الضغط عليه بابهام واحد لبدء وتصفح مختلف الوظائف.

ترتفع سرعة الدراجة إلى أكثر من 20 كم/ساعة عند الحاجة، وتستخدم في ذلك مولدًا كهربائيًا يشحن نفسه بالطريقة التقليدية عبر حركة عجلات الدراجة، إضافة إلى لوح سولار صغير مدمج في الخلف. وزود غالر كوبي1 ببطارية ليثيوم (6000 أمبير/ساعة) تكفي لخزن طاقة تحرك الدراجة الهوائية لساعات عدة، وتضمن عدم انقطاع الراكب في الغابات أو خارج المدن، كما زوّدها بجهاز استشعار لتحديد الحركة الجانبية في الشارع تجنيبًا لحصول الحوادث.

وعلى من يرغب في الحصول على نظام كوبي1، عند نزوله القريب إلى السوق في الصيف المقبل، أن يدفع 150 يورو في الأقل لقاء أبسط نوع منه، وقد يرتفع سعر النسخة المتقدمة منه إلى 400 يورو.
&