أوروبا مرتبكة من وصول اليساري اليكسيس تسيبراس إلى السلطة في اليونان، خصوصًا أنه لا يغادر فرصة من دون أن ينتهزها لمطالبة أوروبا بتخفيض الديون المستحقة على بلاده.


بيروت: كلف الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس الاثنين اليكسيس تسيبراس، زعيم حزب "سيريزا" اليساري الراديكالي المناهض لسياسة التقشف، تشكيل حكومة جديدة، بعدما فاز حزبه بـ149 مقعدًا في مجلس النواب.

وحصل حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ على 76 مقعدًا، وحزب الفجر الذهبي على 17 مقعدًا، وحزب تو بوتامي الوسطي على 16 مقعدًا، والحزب الشيوعي اليوناني على 15 مقعدًا، وحزب "اليونانيون المستقلون" اليميني على 13 مقعدًا، بينما مني حزب باسوك الاشتراكي الديمقراطي بهزيمة نكراء، إذ حصل فقط على 12 مقعدًا.

أصغر رئيس وزراء

وتسيبراس (40 عامًا) أصغر رئيس وزراء لليونان منذ 150 عامًا، ولا يتحدر من عائلة سياسية، خلافًا لشخصيات يونانية كثيرة. استهواه النشاط السياسي في مرحلة مبكرة، واكتشفته اليونان ممثلًا لحركة طالبية في برنامج تلفزيوني في 1990، عندما أطلق بحزم رغم أعوامه الـ17 الشعار المطلبي: "نريد الحق في اختيار وقت دخول الحصة التدريسية".

حصل تسيبراس على شهادة الهندسة المدنية من مدرسة البوليتكنيك العليا في اثينا. وبعد انخراطه في مرحلة اولى في الشبيبة الشيوعية اليونانية، انضم إلى حزب سيناسبيسموس الصغير الشيوعي ـــ الاوروبي المطالب بعولمة بديلة.

انتخب في سن 33 رئيسًا لهذا التشكيل، الذي تحول في 2008 إلى تحالف لعدة منظمات واحزاب يسارية، وحمل اسم "سيريزا".

خاض هذا التحالف معمودية نار سياسية بعد اشهر من تشكله، أثناء أعمال شغب غير مسبوقة شهدتها اليونان نتيجة مقتل مراهق بيد شرطي في اثينا، عكست استياء الشباب اليونانيين. واتهم سيريزا بدعم هذه الحركة، ولم يحصل على اكثر من 4,6 بالمئة من الاصوات في انتخابات 2009 التشريعية.

لا لربطة العنق

أدى اندلاع ازمة الديون في 2010 وسنوات التدهور الاقتصادي التي رافقتها إلى اعلاء صوت اليسار المتشدد وزعيمه. وفي غضون ثلاث سنوات تضاعفت حصيلة سيريزا الانتخابية خمس مرات.

ومنذ هذه الانتخابات، حيث تصدر لائحة اليسار الاوروبية، بدأ تسيبراس يصقل صورته دوليًا. فبعد تحسن كبير في اتقانه اللغة الانكليزية كثف رحلاته إلى الخارج، وزار رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي ووزير المالية الالماني وولفغانغ شاوبله المدافع عن سياسة التقشف التي يرفضها، وكذلك البابا فرنسيس.

ورغم تليين خطابه قليلًا، فإنه&لا يزال يرفض التسوية، خصوصًا في موضوع ربطة العنق. يقول: "ما دمت لم أضع ربطة عنق حتى الآن، فمن غير المرجح أن افعل ذلك لاحقًا، لكن قد ارتديها بعد الحصول على تخفيض للديون".

لم يغزوا أحدًا

في أول رد فعل ألماني، أكد شتيفن زايبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل انها تتوقع من الحكومة اليونانية المقبلة احترام التعهدات التي قطعتها اليونان على مستوى الإصلاحات الاقتصادية والتقشف في الميزانية.

وقال زايبرت: "بالنسبة إلينا، من المهم أن ترمي إجراءات الحكومة الجديدة إلى مواصلة الانتعاش الاقتصادي اليوناني، ما يعني احترام التعهدات المقطوعة".

لكن الرد على ألمانيا لم يأتِ من اليونان، بل من جان لوك ميلانشون، زعيم حزب اليسار الفرنسي الراديكالي المتحمس لفوز حليفه سيريزا. فقد استحضر ميلانشون الاثنين الحرب العالمية الثانية، في حديثه عن أزمة الديون التي تغرق فيها اليونان، وقال: "احتل الألمان اليونان وجعلوها تدفع تكاليف هذا الاحتلال، ولم يسددوا حتى الآن هذا الدين، فإذا كانت ألمانيا تريد من اليونانيين تسديد ديونهم، عليها هي تسديد ديونها أولًا".

وأضاف ميلانشون: "اليونانيون لم يغزوا أحدًا، ولم يقتلوا أحدًا، لذلك يجب ألا نعاملهم بقسوة أكثر من شعوب أخرى ارتكبت كل ما سبق، على ميركل أن تفهم ذلك".