استجاب مجلس الوزراء العراقي اليوم لدعوات وضغوط سنية لتشكيل قوات الحرس الوطني لتسليح أبناء المحافظات لتولي مكوناتها لأمنها بنسب تمثلهم وأقر اليوم قانونه وأحاله إلى البرلمان للتصديق عليه.. فيما أجل بحث قانون المساءلة لاجتثاث البعث وحظره إلى جلسة مقبلة وسط عدم رضى قوى سياسية على مسودته الحالية.. وخفظ سعر برميل النفط المعتمد في ميزانية العام الحالي إلى 56 دولارا بدل 60 دولارا كما كان سابقا.


لندن: خلال جلستها الاسبوعية برئاسة رئيسها حيدر العبادي في بغداد اليوم وافقت الحكومة العراقية مبدئيا على تشكيل الحرس الوطني في المحافظات العراقية وقررت تشكيل لجنة وزارية لإعداد صياغة قانون الحرس من اجل التصويت عليه في الجلسة المقبلة واحالته على مجلس النواب للتصويت عليه الاسبوع المقبل.

ويترأس اللجنة نائب رئيس الوزراء بهاء الاعرجي وتضم في عضويتها وزراء الدفاع والداخلية والتجارة والزراعة والشباب والرياضة وسامان عبد الله سعيد وزير الدولة ومستشار الامن الوطني ومستشار عسكري لشورى الدولة اضافة إلى ممثل عن الدائرة القانونية في الامانة العامة لمجلس الوزراء.

وقبيل انعقاد مجلس الحكومة اليوم بحث رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ونائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي في اجتماع مشترك مشروع المصالحة الوطنية ومعوقات تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة في ايلول (سبتمبر) الماضي وفي مقدمها تشكيل الحرس الوطني وإعادة النظر في قانون اجتثاث البعث.

وعقد اجتماع المسؤولين الثلاثة بمشاركة الكتلة الوزارية والنيابية لتحالف القوى العراقية السنية.. وقال الجبوري عقب الاجتماع ان "بعض الكتل تشعر ان كثيرا من البنود التي تضمنتها وثيقة الاتفاق السياسي لم تنفذ وهو ما سيؤثر على المواقف السياسية لتلك الكتل".

وأضاف أن "العراق اليوم في طور اقرار الموازنة ويمضي في ذات الوقت باتجاه مشروع المصالحة الوطنية وهو ما استوجب من رئيس الوزراء ان يحضر لمناقشة جملة مسائل واشكالات للوقوف&على اسباب التلكؤ والتأخير في تلك البنود وسبل تجاوز العقبات".

وأوضح في تصريح صحافي تلقت "إيلاف" نسخة منه ان "الاجتماع تطرق إلى مشكلة النازحين وضرورة ايجاد حلول حقيقية وواضحة منها تخصيص مبالغ للنازحين بشكل واضح في الموازنة, بالاضافة إلى مناقشة الواقع الأمني بشكل مستفيض وعلى وجه الخصوص الآثار السلبية للعمليات العسكرية والتي تطال الابرياء سواء بهدم المنازل او حرقها".

وكان العبادي أكد في السابع عشر من الشهر الحالي أن الحرس الوطني سيكون غطاءً قانونياً لمقاتلي العشائر والحشد الشعبي لافتاً إلى أن هذا التشكيل سيمنع حدوث نزاعات جانبية بعد تحرير الأراضي من سيطرة تنظيم "داعش" ويحصر السلاح بيد الدولة.

وطالما طالبت القوى السياسية والعشائرية السنية بتشكيل الحرس ليضم جميع مكونات الشعب العراقي بدلا من الحشد الشعبي الذي توجه له اتهامات بضمه مليشيات شيعية مسلحة تمارس عمليات قتل ونهب وحرق منازل ومساجد السنة في المنطقة التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش".

وينص مشروع قانون قوات الحرس الوطني على ان يتم تشكيل قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من ابناء المحافظة نفسها فقط ويتم تطويع ابناء الاقضية والنواحي ومركز المحافظة بما يضمن التمثيل الحقيقي لابناء جميع المكونات وبحسب نسبة تمثيلهم الحقيقي في مجتمع المحافظة نفسها.. وان تكون الاولوية لمنتسبي الجيش العراقي السابق من الضباط والمراتب استثناء من اي قوانين او ضوابط امنية او سياسية كقانون المساءلة والعدالة ولغاية رتبة عقيد على ان تتم اعادتهم برتبة اعلى من التي كانوا يحملونها اكراما لهم. ويمنع القانون دمج الميليشيات والتشكيلات العسكرية من غير القوات الرسمية في قوات الحرس الوطني.

تأجيل مشروع قانون اجتثاث البعث

كما وافقت الحكومة ايضا على عرض مشروع قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وحظر الحزب في الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل بعد اعادة مناقشته من قبل اللجنة المعنية. وتعتبر مطالب تعديل مشروع القانون واحدة من مطالب القوى السنية الذي تعتبره مساعدا على تحقيق المصالحة الوطنية.

وفي وقت سابق اليوم قال آياد علاوي نائب الرئيس العراقي لشؤون المصالحة زعيم ائتلاف الوطنية في تصريح تسلمته "إيلاف" ان الائتلاف "يتابع ببالغ القلق عرض مسودة تعديل قانون المساءلة والعدالة على مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم حيث ان اوضاع البلاد وما آلت اليه من تداعيات تتطلب&من جميع القوى السياسية نبذ الخلافات والعمل على وحدة الصف الوطني بدلا من تعميق الانقسامات المجتمعية بلا جدوى".

وأضاف "ان النهج الخطير المتمثل باستهداف شرائح واسعة من المجتمع العراقي تحت ذريعة الاجتثاث بات يمثل تهديداً حقيقياً على وحدة البلاد ولا يخدم المصالحة الوطنية".

وقال "في الوقت الذي طالب فيه ائتلاف الوطنية ومنذ بداية تشكيل الحكومة الحالية بغلق هذا الملف ومحاسبة جميع المسيئين من خلال قضاء عادل فإنه يؤكد على تعميق الوحدة الوطنية بتفعيل مصالحة وطنية حقيقية تساهم في بناء جسور الثقة بين العراقيين وترسخ مفهوم الهوية العراقية، حيث انها باتت السبيل الوحيد الذي يستطيع العراق من خلاله الوقوف بوجه الهجمة الشرسة للارهاب الذي يتربص بالعراق".

وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد دعا خلال اجتماعه مع وفد من هيئة المساءلة والعدالة (لاجتثاث البعث) برئاسة رئيس الهيئة وكالة باسم محمد يونس البدري في ايلول (سبتمبر) الماضي إلى مراجعة وتعديل القانون بما ينسجم وتحقيق التسامح وتجاوز الماضي في اشارة إلى امكانية التخفيف من اجراءاته التي اعاقت لفترات اعادة تأهيل حوالى مليوني عراقي انتسبوا إلى الحزب او ارغموا على الانتماء اليه من قبل سلطات النظام السابق.

تخفيض سعر النفط في موازنة 2015 إلى 56 دولارًا لبرميل النفط

وأيضا قررت الحكومة في اجتماعها اليوم تخفيض سعر برميل النفط في تقديرات قانون الميزانية العامة للبلاد للعام الحالي 2015 إلى 56 دولارا بدلا من 60 دولارا كما كانت معتمدة في مشروع قانون الميزانية بهدف جعله اقرب لواقع الأسواق العالمية وتسهيل تمرير قانون الموازنة.

وكانت اللجنة البرلمانية المكلفة بمراجعة مشروع قانون الميزانية قد اعلنت امس الاثنين انها اعتمدت مبلغ 56 دولارا لبرميل النفط بدلا من 60 دولارا كما كان مقررا سابقا وذلك من أجل تقليل العجز فيها والبالغ حوالى 20 مليار دولار. وقال رئيس اللجنة احمد الجلبي ان الميزانية خصصت للامن والدفاع 31 تريليون دينار (حوالى 26 مليار دولار).

وعلمت "إيلاف" انه تم اجراء تخفيض جديد على قيمة الميزانية لتصل إلى 85 مليار دولار بدلا من 103 مليارات دولار التي كانت مقررة سابقا اثر التخفيض الاول الذي جرى عليها من اصل قيمتها البالغة 150 مليار دولار. وبهدف طمأنة مخاوف المواطنين من تأثير هذه التخفيضات على احتياجاتهم المعيشية والخدمات المقدمة لهم فقد أكد رئيس البرلمان سليم الجبوري أن تخفيض الميزانية لن يمس رواتب الموظفين أو المتقاعدين أو شبكة الحماية الاجتماعية اضافة إلى تخصيصات وزارتي الدفاع والصحة.

وبنت الحكومة في اعدادها للميزانية سابقا على أساس سعر 60 دولارا للبرميل الواحد من النفط لكن أسعاره تراجعت مؤخرا إلى ما دون 48 دولارا للبرميل ما ارغمها الآن على اعتماد مبلغ 55 دولارًا للبرميل الواحد.

وكان البرنامج الحكومي لوزارة العبادي الحالية الذي اتفقت عليه القوى السياسية وأفضى إلى تشكيل الحكومة في ايلول الماضي قد تضمن ستة محاور لأولويات ستراتيجية ركزت على بناء عراق آمن ومستقر والارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن وتشجيع التحول نحو القطاع الخاص وزيادة إنتاج النفط والغاز لتحسين الاستدامة المالية والاصلاح الاداري والمالي للمؤسسات الحكومية اضافة إلى تنظيم العلاقات بين الحكومات الاتحادية والمحلية وتحقيق المصالحة الوطنية وحل المشاكل مع إقليم كردستان وتشكيل الحرس الوطني.