أراد السعوديون خلال مباحثاتهم مع الوفد الاميركي الرفيع المرافق لزيارة الرئيس أوباما، تمرير رسائل إقليمية عديدة، وأهمها أن الحرب على الإرهاب مصلحة استراتيجية مشتركة، ولكنها يجب أن تتوازى مع تحركات أميركية ملموسة وخصوصًا في الملفين الإيراني من جهة، والدول العربية المضطربة من جهة أخرى.


يوسف الهزاع من الرياض: غادر الرئيس الأميركي باراك أوباما والوفد المرافق له العاصمة السعودية الرياض بعد أن أنهى جلسة مباحثات رسمية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز دون أن يصدر عن الاجتماع بيان مشترك.

وقال بيان للديوان الملكي السعودي: عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأميركي باراك أوباما اجتماعاً مطولاً قدم فيه أوباما تعازيه الحارة في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله, وتم بحث العلاقات بين البلدين والاستمرار في تعزيزها وتطويرها بما يدعم المصالح المشتركة, كما تم استعراض عدد من الموضوعات الاقتصادية والاقليمية والدولية بما في ذلك أهمية حل النزاع العربي الإسرائيلي، وبحث الملف النووي الإيراني، وجهود مكافحة الإرهاب والتطرف، والأزمة السورية والوضع في اليمن، وفي الجانب الاقتصادي أكد الجانبان على أهمية الاستثمارات والتبادل الاقتصادي بين البلدين".

وقال مسؤول اميركي رفيع لوكالة "فرانس برس" إن اوباما والعاهل السعودي بحثا "ضرورة دعم المعارضة السورية" ضد الرئيس بشار الاسد.

كما شملت المحادثات العراق واليمن وخصوصًا ايران الخصم المهم للسعودية في الخليج، و"نشاطاتها التي تؤدي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة"، بحسب المصدر.

واضاف المسؤول الرفيع مشترطًا عدم ذكر اسمه أن "الملك لم يبدِ أي تحفظات حيال المفاوضات (حول النووي الايراني) لكنه شدد على ضرورة منع ايران من صنع سلاح نووي".

كما تطرق اوباما الى موضوع حقوق الانسان في ظل عدم تقارب وجهات نظر البلدين حيال هذه المسألة.

وتابع المسؤول الرفيع أن اوباما "بحث مع العاهل السعودي حقوق الانسان بشكل عام من دون الاشارة الى حالات محددة".

ورشحت معلومات لـ"إيلاف" تقول إن الاجتماع الذي تم في القصر الملكي بحي "عرقة" القريب من الحي الدبلوماسي جرى وفق ملفات متعددة حضرتها الدائرة الوسطى للقرار السعودي بتوجيه من الملك سلمان، فكان هناك ولي عهده الأمير مقرن وولي ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ووزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله ورئيس الاستخبارات الأمير خالد بن بندر ووزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي الأمير محمد بن سلمان.

فيما شوهد السفيران السعودي عادل الجبير والأميركي جوزيف ويستفال في غالب الصور التي بثها صحافيون مرافقون مع الوفد الأميركي الكبير يقومان بدور الربط والتنسيق.

وقال أوباما للعاهل السعودي إن هذا الوفد الكبير والمتنوع دليل على متانة العلاقات ورسوخها.

ويظهر حجم الوفد الأميركي الأهمية الكبيرة للزيارة والمباحثات، وقابلهم العاهل السعودي بأن ذهب بنفسه وكبار مسؤوليه وعسكرييه للقائهم عند باب الطائرة واستعرض بهم حرس الشرف.

الوفد الأميركي الذي ضم نحو&30 من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين، الديمقراطيين والجمهوريين، كشف في تشكيلته أيضا عن طغيان الجانب الأمني عليه، إذ أن&10 من الضيوف يحملون أو كانوا يحملون مناصب في الأمن القومي والعسكري والاستخباراتي، فيما برز أيضًا جانب الشؤون الخارجية ضمن الوفد.

ويمكن القول إن السعوديين أرادوا من خلال هذه الزيارة أيضًا تمرير رسائل إقليمية عديدة، وأهمها أن الحرب على الإرهاب مصلحة استراتيجية مشتركة ولكنها يجب أن تتوازى مع تحركات أميركية ملموسة وخصوصاً في الجانبين الإيراني من جهة، والدول العربية المضطربة من جهة أخرى.

ملف إيران النووي الإيراني رغم أهميته بالنسبة للسعوديين، إلا أن دول المنطقة كلها تشاطرهم ذلك، ولكن العمل الأميركي في المناطق العربية يُفترض بحسب رؤية السعوديين أن يكون بعيدًا عن المقايضة مع هذا الملف وأن لا تترك إيران مطلوقة اليد فيها، وكذلك يفترض أن يسير العمل وفق استراتيجية واضحة وخارطة طريق فعلية تعيد لهذه المناطق هدوءها وخصوصًا في سوريا واليمن وليبيا وكذلك مصر وإن كانت بدرجة أقل.
&
ورغم أنه من السابق لأوانه الحديث عن نتائج مباشرة لهذه الزيارة، خصوصاً وأن البلدين على المستوى الاستراتيجي البعيد يملكان وجهات نظر متقاربة، إلا أن الملفات الأكثر أهمية من ناحية الوقت مثل اليمن ربما تشهد تحركات تكتيكية سريعة من الطرفين، خصوصًا وأن اليمن تحتوي على مثلث الأخطار الثلاثة التي تهدد استقرار المملكة، وهي الحدود المشتركة والقاعدة والتغلغل الإيراني بوكالة الحوثيين.