دعت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات موجّهة، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول المالية، ضد المتورطين في انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي في ليبيا.

حثت المنظمة في بيان تلقت فرانس برس الأربعاء نسخة منه عبر البريد الإلكتروني المحكمة الجنائية الدولية على التوسع في تحقيقاتها لدمج جرائم الحرب التي ارتكبتها جميع الجماعات المسلحة والميليشيات منذ شباط/فبراير 2011.

وأشارت المنظمة في بيانها الصحافي اذي أصدرته بمناسبة نشرها لتقرير "بنغازي تغرق في الفوضى" إلى أن المحكمة الجنائية الدولية حققت حتى الآن فقط في الجرائم التي ارتكبت خلال انتفاضة 2011 وإبان النزاع المسلح.

واعتبرت المنظمة أن هناك حاجة ماسة إلى عقوبات موجهة من جانب الأمم المتحدة، وإلى المساءلة، بما في ذلك من خلال "المحكمة الجنائية الدولية"، لوضع حد لتفشي الاختطاف والتعذيب والقتل بإجراءات موجزة وغيرها من الانتهاكات من جانب القوات المتناحرة في ليبيا، التي تصل بعضها إلى حد جرائم الحرب، وفقا للتقرير الموجز الجديد للمنظمة.

ويسلط تقرير "بنغازي تغرق في الفوضى" الضوء على "عمليات الاختطاف والقتل الميداني، وغيرها من الانتهاكات، وعلى سلسلة من الانتهاكات البشعة التي نفذها مقاتلون من كل من "مجلس شورى ثوار بنغازي"، وهو ائتلاف من الميليشيات الإسلامية والجماعات المسلحة، وحملة "عملية الكرامة"، وتضم القوات الموالية لللواء خليفة حفتر، منذ ايار/مايو 2014".

وقالت نائبة مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي، إنه "وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، ومع استمرار تصاعد الهجمات الانتقامية المتبادلة من قبل القوات المتنافسة في المدينة، تغرق بنغازي بشكل مطرد في الفوضى وتعسف الحكم. وقد تمزقت المدينة نتيجة عمليات العنف المتصاعد التي تشنها الجماعات المتنافسة ومؤيدوها الساعون إلى الانتقام"

واعتبرت أنه "ما لم يُظهر المجتمع الدولي إرادة للتحقيق في جرائم الحرب ومساءلة الجناة، فإنه من المرجح أن تزاد انتهاكات ومعاناة الضحايا سوءا"، مؤكدة أن "هذا المناخ من الإفلات من العقاب الذي يتفاقم باطراد بغياب القانون يجب أن ينتهي".

وأوضح التقرير أن المحادثات الجارية في الأمم المتحدة في جنيف، في الأسابيع الأخيرة قدمت بصيصاً من الأمل في أن الليبيين قد يكونون قادرين على إخراج البلاد من حافة الهاوية. وقالت صحراوي "لن يكون للجهود المبذولة للوصول إلى تسوية سياسية معنى ما لم يتم ضمان حقوق الإنسان ومعالجة بواعث القلق. فانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الأطراف المتحاربة تغذي المظالم، ولا يمكن كنسها تحت السجادة".

وأشارت إلى أن "التزام الأطراف المشاركة بسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان هو الخطوة الأولى الحاسمة"، لكنها أكدت أن "الكلمات وحدها لن تغير الأمور على أرض الواقع وأنه يتعين وضع تدابير فعالة للمساءلة إذا ما أريد لدوامة الانتهاكات أن تنتهي".

وذكرت صحراوي بالقول إنه "منذ أشهر والسياسيون والجماعات المسلحة في ليبيا في قتال مستمر حول من هو الممثل الشرعي للشعب الليبي. ولكن ما يجري في بنغازي يبين لنا أن جميع الأطراف مسؤولة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ويعلق الليبيون العاديون وسط النيران المتبادلة. ومن واجب جميع الأطراف وضع حد لها".

واعتبر التقرير أن "الكثير من الآمال، وبعد ما يقرب من أربع سنوات من انتفاضة الشعب الليبي ضد معمر القذافي، في مستقبل مستقر قد تحطمت. ويكشف التقرير الموجز للمنظمة الصورة الإجمالية للشبكة المعقدة من الجماعات المسلحة التي تقف وراء موجة العنف التي اجتاحت بنغازي في الأشهر الأخيرة.

وحذرت صحراوي بأنه "يتعين على قادة الجماعات المسلحة لجميع الاطراف إرسال رسالة واضحة بأنه لن يتم التسامح مع مثل هذه الأعمال، أو أن يواجهوا المحاكمة بأنفسهم".
وأشار البيان إلى أن تفاصيل مروعة ظهرت وتشير إلى أن القوات على جانبي خط النار اختطفت وقتلت عشرات من الأفراد من دون محاكمة - مع صور وأشرطة فيديو لجثثهم المهجورة، التي غالبا ما تحمل علامات التعذيب، وتظهر في وقت لاحق على وسائل الاعلام الاجتماعية.

وفي حالات أخرى، اغتيل نشطاء وقادة دينيون وصحافيون في هجمات ذات دوافع سياسية. وظل الفاعلون مجهولين، ولكن الكثيرين في بنغازي يلقون باللوم على مجموعات تابعة لقوات "مجلس شورى ثوار بنغازي"، ولا سيما جماعة "أنصار الشريعة". وتحت شعار محاربة الإرهاب وإعادة سيادة القانون بحسب التقرير، شنت قوات "عملية الكرامة" عملية لاستعادة السيطرة على بنغازي من قوات "مجلس الشورى" هذه، في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2014.

وقال التقرير إن ثلاثة أشهر من القتال العنيف والقصف العشوائي للمناطق السكنية، إضافة إلى الضربات الجوية التي نفذتها "عملية الكرامة" تسببت بإلحاق أضرار جسيمة في بعض المناطق، ولا سيما حول الميناء التجاري ومركز المدينة مثل منطقة "الصبري". وأضاف التقرير أن " منازل عشرات الأفراد الذين ينظر إليهم على أنهم تابعون لجماعات إسلامية نهبت، وخربت، كما أضرمت فيها النيران، وفي بعض الحالات سويت بالأرض".

وأشار التقرير إلى أن "العواقب الإنسانية وخيمة كانت. إذ نزح ما لا يقل عن 90,000 شخص بسبب القتال. بينما يكافح المدنيون للتعامل مع نقص المياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة والنقص في غاز الطهي والوقود".

وتابع التقرير أن "القتال أيضاً تسبب بنقص في الإمدادات الطبية والعاملين في المستشفيات العامة. حيث تم اجلاء بعض المستشفيات بعد اصابتها جراء القصف. وظلت جميع المدارس مغلقة في المحصلة". وأشار التقرير إلى أنه "لا يزال أكثر من 260 شخصا من المدنيين والمقاتلين ممن اختفوا في بنغازي بين حزيران/يونيو، وتشرين الثاني/نوفمبر 2014 في عداد المفقودين، وفقا لتقارير جمعية الهلال الأحمر الليبي".

وأوضح أن "العديد من عمليات الاختطاف تمت على يد جماعات تابعة لمجلس شورى ثوار بنغازي. وفي معظم الحالات، تم القبض على الأشخاص من منازلهم أو في الشوارع على أيدي مسلحين ملثمين. كما تم استهداف العاملين في المجال الطبي، وغالبا من أجل علاج جرحى أفراد قوات مجلس الشورى في مستشفيات ميدانية".

لكن التقرير قال إن "قوات عملية الكرامة اعتقلت وعذبت وقتلت المقاتلين والمدنيين أيضا من دون محاكمة. واحتجزت بعضهم بعد اتهامهم على مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية بالانتماء إلى جماعات إسلامية مسلحة".
&