بيروت: توعد الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة بأن يردّ الحزب على اي اعتداء اسرائيلي في المستقبل "في اي مكان وزمان" من دون الالتزام بساحات المواجهة الحالية، مؤكدا ان حزبه لا يخشى الحرب مع اسرائيل، رغم انه لا يريدها.

وكان نصرالله يتحدث في خطاب القاه امام حشد من مناصريه عبر شاشة عملاقة في احتفال اقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت تكريما لستة من حزب الله ومسؤول عسكري ايراني قتلوا في غارة اسرائيلية استهدفتهم في منطقة القنيطرة في الجولان السوري قبل نحو اسبوعين.

ويأتي خطاب نصرالله بعد يومين على عملية نفذها حزب الله ضد قافلة عسكرية اسرائيلية في منطقة مزارع شبعا الحدودية بين لبنان واسرائيل ردا على عملية القنيطرة، وقتل فيها جنديان اسرائيليان واصيب سبعة اخرون بجروح.

وقال نصرالله في مجمع سيد الشهداء "اذا كان العدو (اسرائيل) يحسب حسابا ان المقاومة مردوعة، وانها تخشى الحرب، انا اقول له اليوم في ذكرى شهداء القنيطرة وبعد عملية مزارع شبعا النوعية، نحن لا نخاف الحرب ولا نخشاها، ولا نتردد في مواجهتها وسنواجهها، اذا فرضت علينا وسننتصر بها ان شاء الله". واضاف ان عملية القنيطرة أثبتت ان "اسرائيل التي هزمناها أوهن من بيت العنكبوت"، وان "المقاومة في كامل عافيتها وجهوزيتها وحضورها".& وتابع متوجها الى الاسرائيليين "جربتمونا، فلا تجربونا مرة اخرى".

في موازاة ذلك، اعلن نصرالله الذي تحدث بثقة وبلهجة المنتصر، ان رد الحزب على اي هجوم اسرائيلي جديد ضد حزبه لن يكون محصورا في جبهة جنوب لبنان، مضيفا ان "قواعد الاشتباك" مع اسرائيل سقطت اثر غارة القنيطرة. وقال "لم يعد يعنينا اي شيء اسمه قواعد اشتباك، ولا نعترف بقواعد اشتباك (...). لم نعد نؤمن بتفكيك الساحات والميادين. ومن حقنا الشرعي والاخلاقي والانساني والقانوني ان نرد في اي مكان وفي اي زمان وكيفما كان".

ووصف نصرالله غارة القنيطرة بانها "اغتيال في وضح النهار"، مشيرا الى ان "اي شاب من شباب حزب الله يقتل غيلة، سنحمّل المسؤولية للاسرائيلي، وسنعتبر من حقنا الرد في اي مكان وزمان وبالطريقة التي نراها مناسبة". وراى ان "هذه الثلة من الشهداء في القنيطرة تعبر من خلال مزج الدم اللبناني والايراني على الارض السورية عن وحدة القضية والمصير ووحدة المعركة".

وعن رد الحزب على عملية القنيطرة الاربعاء، اشار الى ان الحزب لم يتردّد في اتخاذ قرار بالرد منذ اللحظات الاولى بعد عملية القنيطرة. وقال ان "الامر يستحق التضحية ولو ذهبت الامور الى النهايات"، مضيفا "حددنا نقطة العملية وطبيعتها وزمانها (...) وكنا مستعدين لاسوأ الاحتمالات". وشكر نصرالله "الابطال" الذين نفذوا عملية شبعا، مشيرا الى انها "اتسمت بالحرفية والمهنية والذكاء".

واضاف "اولا قتلونا في وضح النهار، قتلناهم في وضح النهار. الساعة 11,30 او 11,45، الساعة 11,25 او 11,35. سيارتان مقابل سيارتين وحبة مسك. قتلى وجرحى، شهداء. صواريخ مقابل صواريخ". وتابع نصرالله الذي وصف اسرائيل ب"السرطان" و"الكيان الغاصب" ان هناك فارقين بين عمليتي حزب الله واسرائيل هما ان الاسرائيليين نفذوا عمليتهم عن بعد، لانهم "جبناء" ولم يتبنوها، بينما "رجال المقاومة، لانهم رجال ولا يهابون الموت جاؤوهم من الامام، وجها لوجه"، وتبنوا العملية فور حصولها.

وتحتل اسرائيل منذ حرب حزيران/يونيو 1967 منطقة مزارع شبعا المتاخمة لبلدة شبعا في جنوب لبنان، ويطالب لبنان بها، بينما تقول الامم المتحدة انها تعود الى سوريا، كون اسرائيل استولت عليها من الجيش السوري. ورسمت الامم المتحدة في العام 2000 ما سمي بـ"الخط الازرق" ليقوم مقام الحدود بين لبنان واسرائيل، وقد تحفظ لبنان في حينه على ادراج مزارع شبعا في الجانب الاسرائيلي من الخط.

وكانت اسرائيل ردت على عملية حزب الله بقصف مناطق قريبة من الحدود. واعلنت وكالة الانباء الرسمية اللبنانية ان وزارة الخارجية تقدمت عبر مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة نواف سلام بشكوى رسمية لدى مجلس الامن ضد اسرائيل "لادانتها بأشد العبارات" على هذا القصف. وفي القاعة التي اقيم فيها الاحتفال، رفعت صور القتلى السبعة مع عبارة "شهداؤنا عظماؤنا". كما علقت شاشة اخرى في الخارج حيث احتشد العديد من انصار حزب الله للمتابعة.

وما ان أطل نصرالله عبر الشاشة العملاقة، حتى وقف الحاضرون ورفعوا قبضاتهم في الهواء وهم يهتفون "لبيك يا نصرالله" ملوحين باعلام حزب الله ولبنان وفلسطين، بينما انطلقت اعيرة نارية في الهواء من اماكن عدة في بيروت. وحضر الاحتفال وفد ايراني برئاسة رئيس لجنة الامن القومي والسياسات الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجوردي الى جانب السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي.

وفي طهران، قال قائد الحرس الثوري الايراني الجنرال محمد علي جعفري ان "الرد الذي حصل كان ردا في حده الادنى. نامل ان يكونوا قد تعلموا الدرس حتى لا يكرروا حماقات مماثلة". وتابع "اذا اراد الصهاينة ان يردوا، فعليهم ان ينتظروا افعالا اكثر قساوة، ليس فقط داخل حدودهم، ولكن اينما كان في العالم، وحيث يتواجد صهيوني اسرائيلي".

وشهد محيط المجمع اجراءات امنية مشددة نفذها عناصر من حزب الله، بعضهم كان مسلحا، وشملت اخضاع الداخلين الى القاعة الى تفتيش دقيق. وقال حسين حجازي (21 عاما، طالب جامعي) "كان يجب ان يحصل الرد، كي لا تكرر اسرائيل فعلتها". وقالت علياء طاهر (58 عاما) التي قتل زوجها اثناء قتاله اسرائيل مع الحزب في جنوب لبنان عام 1988 "اشعر بالفخر والاعتزاز (...) ويا ليتها كانت عملية اكبر. لديّ ابن عمره 28 سنة، وانا مستعدة لان اقدمه شهيدا فداء للمقاومة".