مع الجدل المستمر حول "عشوائية" الغارات الجوية الروسية، ركزت الصحف البريطانية الكبيرة على التدخل العسكري الروسي، وقالت إحداها إن الرابح الوحيد هو داعش، بينما حمّلت أخرى دول الغرب مسؤولية "خذلان الشعب السوري".


نصر المجالي: وصفت الولايات المتحدة الغارات الجوية الروسية في سوريا بأنها "عشوائية، وتنذر بجرّ موسكو إلى عمق الأزمة السورية". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، إن روسيا تشنّ غارات جوية عشوائية ضد المعارضة السورية.

أضاف إرنست: "إن شن غارات جوية عشوائية ضد المعارضة السورية أمر خطير بالنسبة إلى روسيا، فذلك يطيل النزاع الطائفي في سوريا، ويغرق روسيا في الأزمة". ونقل المتحدث باسم البيت الأبيض أن مسؤولين أميركيين وروساً أجروا محادثات الخميس من أجل بحث سبل تفادي "التصادم" في العمليات العسكرية، وستتواصل هذه المحادثات بين الطرفين.

تبعات التدخل
إلى ذلك، ركزت صحف بريطانية كبيرة في تقاريرها، الجمعة، على تبعات التدخل السوري وحسابات الربح والخسارة فيه. وعرض موقع "بي بي سي العربي" تقارير هذه الصحف، حيث قالت صحيفة "الغارديان" إن إرسال قوات عسكرية إلى بلد في حرب أهلية من أجل دعم الحاكم الدكتاتور فيها، غالبًا ما ينقلب وبالًا على صاحبه.

وتوقعت الصحيفة أن بوتين سيناله هذا الوبال، ومعه أطراف أخرى ستخسر في هذه الحرب، التي ستطول، ما لم تتحرك الدبلوماسية بسرعة لإيجاد حل سياسي. ورأت "الغارديان" أن المستفيد الوحيد من هذا كله ربما سيكون تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي لا بد أنه يشكر الكنيسة الأرثوذوكسية، التي وصفت حملة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنها "حرب مقدسة".

فروسيا أصبحت، حسب الصحيفة، هدفًا لجميع فصائل المعارضة السورية، بما فيها المتشددة، وإذا لم يفجّر المسلحون مواقع القوات الروسية في اللاذقية أو في قاعدة طرطوس العسكرية، فإن الأراضي الروسية ستكون هدفًا لهم. وأشارت إلى تقارير مفادها أن المخابرات الروسية تسهل إجراءات سفر الإسلاميين المتشددين إلى سوريا، على أمل أن يلقوا حتفهم في الحرب هناك.

خطة بوتين
من جهتها، تحدث تقرير لصحيفة "ديلي تلغراف" عن الخطة التي وضعها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لتحقيق أهدافه في سوريا، وتتوقع حربًا بلا نهاية. ويقول التقرير إن الشيء الوحيد الذي يضمن الدعم لتنظيم "الدولة الإسلامية" هو مساعدة بشار الأسد على البقاء في السلطة.

تضيف الصحيفة أن ما حدث في الشيشان في العام 2000، بعد أسابيع من وصول بوتين إلى السلطة، لا بد أن يكون عبرة لما سيحدث للسوريين على يده. فقد بدأ بوتين فترته الرئاسية بإعلان حرب الشيشان الثانية، فهو لا يعرف إلا لغة الحرب في التعامل مع الانتفاضات الشعبية، مثلما فعل الأسد في حق شعبه.

وترى "ديلي تلغراف" أن الصورة التي تسوّقها روسيا وإيران عن الأسد، بوصفه العدو اللدود لتنظيم "الدولة الإسلامية"، ولذلك تنبغي مساعدته ودعمه، صورة خاطئة تمامًا. وتشير إلى دراسات أنجزتها مراكز بحث متخصصة في الشؤون العسكرية تبيّن أن قوات النظام خاضت 982 عملية عسكرية في العام 2014، من بينها 6 في المئة فقط استهدفت تنظيم "الدولة الإسلامية".

وكان ذلك هو العام الذي سيطر فيه التنظيم على مناطق واسعة في سوريا، واستولى على حقول نفطية وعلى مدينة الرقة التي هي عاصمته الفعلية. فقوات الأسد كانت تركز في هجماتها وحملاتها العسكرية بنسبة 94 في المئة على فصائل المعارضة الأخرى.

تختم الصحيفة بالقول إن الحل الوحيد هو رحيل الأسد، لتتشكل بعده جبهة موحدة ضد تنظيم داعش، ولكن مواقف الدول الغربية المترددة هي التي تركت فراغًا استغله بوتين، وإذا لم يتحرك الغرب بقوة، فإن الحرب مستمرة إلى ما لا نهاية.

الخيانة
وخصصت صحيفة "إنديبندانت" مقالها الافتتاحي للوضع في سوريا، وتصف فيه موقف الدول الغربية المتردد أمام التدخل الروسي والإيراني، بأنه خيانة للشعب السوري. وتقول إن استغلال روسيا وإيران للفراغ، الذي تركته الدول الغربية المنهكة، لا يبشّر بالخير والسلم في سوريا.

وتضيف أن التدخل الروسي العسكري لدعم النظام في دمشق ليس غريبًا، لأن الكرملين وقف إلى جانب حليفه، بشار الأسد، من قمعه المظاهرات السلمية عام 2011، واستعمل حق النقض في مجلس الأمن، التابع للامم المتحدة، لحمايته من القرارات الدولية.

وترى الصحيفة أن الوضع الحالي لا يترك مجالًا لتحرك الولايات المتحدة، إلا عبر دعم الرئيس أوباما للمعارضة المسلحة في الأمم المتحدة. وتختم الصحيفة اللندنية قائلة: إن مستقبل سوريا أصبح اليوم بيد روسيا وإيران. وهذا سيسعد تنظيم "الدولة الإسلامية"، التي ستستقطب بذلك المزيد من الأتباع من المسلمين السنة، وسيخذل المعارضة المسلحة التي أراد الغرب أن يدعمها، فلم يعرف كيف يفعل.
&