ليس هناك شخص في العالم لم يفكر ولو مرة واحدة في حياته في احتمالية أن تتطور الاجهزة والآلات لتصبح اكثر ذكاءً من البشر ولتحتل مكانهم في كل شيء، حتى في اتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية.&

إعداد ميسون أبو الحب: حاليًا، اينما ادار المرء رأسه شاهد ما يشير الى الذكاء الصناعي. وهناك من توقع ولا يزال يتوقع ان تحل اجهزة الكومبيوتر الذكية محل الموظفين في الشركات وفي المكاتب قبل نهاية القرن الحالي، كما حلت الآلات محل العمال في المصانع خلال القرن الماضي. &

وهناك من يقول ايضًا إن الذكاء الصناعي اصبح يهدد وجود الجنس البشري نفسه، وننقل هنا ما قاله احد المهتمين بهذا المجال "تطوير التكنولوجيا بمثابة دعوة للشياطين".

مع ذلك ورغم كل المخاوف والقلق، صدر عدد من الكتب الجديدة التي تفند هذه التوقعات ومنها ما يمكن ترجمة عنوانه بالشكل التالي: "آلات المحبة: البحث عن ارضية مشتركة بين البشر والروبوتات" لمؤلفه جون ماركوف.&

يركز ماركوف الذي يكتب في صحيفة نيويورك تايمز على تساؤل مهم، وهو: هل يجب على العلماء السعي الى بناء ذكاء صناعي حقيقي أم الى تطوير ذكاء الكومبيوترات لتكون اكثر فعالية؟.

افضل مثل على ذلك اورده الكاتب، هو سعي مهندسي غوغل الى تطوير عمليات البحث لتسهيل حصول الباحث على المعلومة، فيما يسعى آخرون الى تطوير سيارات لا تحتاج الى سائق وهم يلغون بذلك العنصر البشري في قيادة السيارة جملة وتفصيلاً.

البداية

كانت بداية الذكاء الصناعي تعتمد على تصميم برنامج يتضمن قواعد منطقية داخل الكومبيوتر، ولكن العملية فشلت مع تعقد المهام وتطورها. وهناك طريقة اخرى كانت تقوم على تزويد الكومبيوتر بمعطيات ثم جعله يحسب الاحتمالية. في البداية كانت النتيجة دون مستوى الطموح، ولكنها اخذت تتطور مع تطور الكومبيوتر ومع زيادة عدد المعطيات.&

تسمى هذه الطريقة "تلقين الجهاز"، وهي وراء تطور ترجمة الكومبيوتر مثلاً أو التعرف على الشخص عن طريق الصوت، إذ ما عادت هذه الامور مثيرة للضحك كما كانت في البداية.&

تلقين الاجهزة

الكتاب الثاني يحمل تساؤلاً عمّا إذا كان سعينا الى صنع اجهزة ذكية سيغيّر من عالمنا. يحمل الكتاب عنوان "الحلول الحسابية: كيف سيؤثر سعينا الى صناعة آلة قادرة على التعلم على إعادة صياغة عالمنا".

ويركز مؤلفه بيدور دومنغوس على شرح الكيفية التي يتم فيها تلقين جهاز الكومبيوتر بطريقة مبسطة جدًا، رغم ان هذه العملية معقدة في اساسها. ويتوقع الكاتب أن تتطور الآلات الى درجة انه سيتم توقيع بروتوكولات جديدة في جنيف في احد الايام يمنع على اساسها البشر من المشاركة في عمليات قتالية.

تغييرات قانونية ايضًا

أما الكتاب الثالث لمؤلفه جيري كابلان فيحمل عنوان "البشر لا يحتاجون الى تطبيق: دليل الثروة والعمل في عصر الذكاء الصناعي"، وهو كتاب غير طويل يطرح قضية الذكاء الصناعي بطريقة مختلفة ويتوقع تغييرات كبيرة ستطرأ على الطرق التي نعمل بها وعلى الوظائف التي نشغلها غير أن اهم ما تطرق اليه في كتابه هو الجانب القانوني من المسألة.

يبدأ الكتاب بفكرة أن التكنولوجيا تخلق "عمالاً كاذبين" "وعقولاً صناعية" ستنجز الاعمال التي ينجزها البشر، وبالفعل &قام محامٍ بإنشاء شركة تحمل اسم روبوت واسمها "روبوت وهوانغ".

ويطرح الكاتب قضايا قد تبدو غريبة بعض الشيء مثل ما هي مسؤولية الروبوت القانونية إذا ما أخطأ؟

يتحدث الكاتب ايضًا عن مسألة فقد الناس اعمالهم بسبب الذكاء الصناعي، لكنه اقترح بعض الحلول مثل أن توافق شركة على ان يحصل شخص ما على قرض يخصصه للتدريب مقابل حصول الشركة على تخفيضات ضريبية. ومصدر القرض هو مرتبه الشهري الذي سيستلمه الموظف بعد التدريب وبدء العمل.

ويعتقد الكاتب أن المؤسسات التربوية والتعليمية ستكون في هذه الحالة على علم واضح بالمهارات التي يجب تعليمها لموظفي المستقبل.

وللتقليل من اللامساواة في الدخل، يقترح كابلان أن تحصل شركات على تخفيضات ضريبية إذا كانت ملكية اسهمها موزعة. ثم يفسر بالقول إن في إمكان الحكومة الاميركية أن تسمح للناس باختيار الشركات التي يستثمرون فيها جزءًا من مبالغ الضمان الاجتماعي، ما يؤدي الى توزيع الملكية بين افراد عديدين، ثم توزيع الارباح عليهم لحل مشكلة شركات عملاقة تستخدم ذكاءً صناعيًا وتحقق ارباحًا خيالية ولكنها تشغل عددًا قليلاً من الاشخاص.

كلهم متفائلون

الكتّاب الثلاثة متفائلون بقدرة المجتمع على ايجاد وسائل للتعايش مع الذكاء الصناعي دون خوف من روبوت قاتل في احد الايام. اما بالنسبة للروبوتات المستقلة، فيقتبس ماركوف من مصمم برامج كومبيوتر قوله: "سنعرف بوجودهم عندما يتوجهون الى ساحل البحر بدلاً من الذهاب الى العمل".