يبدو الحزب المحافظ البريطاني أقوى من أي وقت مضى، عشية مؤتمره العام في مانشستر، ولو أن الانقسامات القديمة حول أوروبا تعود إلى الظهور، مع بدء المعركة لخلافة ديفيد كاميرون. وتشكل العلاقة مع أوروبا إحدى نقاط الخلاف الرئيسة بين المحافظين، إلى حد كادت تقضي على الحزب.


إيلاف - متابعة: رأى دانكن أوليري مدير الأبحاث في مركز ديموس للدراسات متحدثًا لوكالة فرانس برس أن "المحافظين سيكونون في وضع نفسي ممتاز، إذ لم يعد يترتب عليهم الدخول في تسوية مع الليبراليين الديموقراطيين، ويعتقدون أنهم في موقع جيد للفوز في الانتخابات المقبلة" بعد اتخاذ حزب العمال منحى راديكاليًا.

استعادة مانشستر
ستكون لهذا المؤتمر نكهة خاصة بالنسبة إلى المحافظين، بعد فوزهم غير المتوقع في الانتخابات التشريعية في أيار/مايو، ما أتاح لهم تشكيل أول حكومة محافظة بالكامل منذ حوالى عشرين عامًا، بعد خمس سنوات من الائتلاف مع الليبراليين الديموقراطيين.

ومن المتوقع في مواجهة هذه الهيمنة أن تكون التظاهرات المرتقبة ضد المحافظين غير مسبوقة بحجمها. وينظم ائتلاف "جمعية الشعب"، الذي خاض حملة ضد التقشف، أسبوعًا كاملًا من التحركات تحت شعار "استعادة مانشستر".

وتجري تظاهرة كبرى الأحد في وسط هذه المدينة، الواقعة في شمال انكلترا، والتي استضافت المؤتمر السنوي للمحافظين أربع مرات منذ 2009، فيما تنظم فعاليات أخرى متنوعة من مناظرات وسهرات وتجمعات مفاجئة (فلاش موب) حتى نهاية المؤتمر الأربعاء. ويشارك الزعيم الجديد لحزب العمال المتطرف جيريمي كوربين في مناظرة حول خدمات البريد مساء الاثنين.

غموض كاميرون
وقال تيم بايل أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في لندن إن "حزب العمال انتخب زعيمًا يعتبره المحافظون غير مؤهّل لانتخابه (رئيسًا للوزراء)، ما يسمح لهم بالدخول في سجالات في ما بينهم بدون المجازفة كثيرًا".

وحذر في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس من أن "البعض قد يسرف في استغلال هذه الحرية"، ولا سيما المشككين في أوروبا الأكثر تشددًا، تحسبًا للاستفتاء حول انتماء المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي. ويلزم ديفيد كاميرون المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي مع "إصلاحه"، الغموض بشأن التعديلات، التي يسعى إلى انتزاعها من شركائه الأوروبيين.

لكن إن كانت غالبية النواب المحافظين تنتظر لرؤية نتائج هذه المفاوضات، إلا أن دانكن أوليري توقع أن "تبدأ شقاقات بالظهور، لأن ثمة خلافات كبيرة في وجهات النظر حول هذا الموضوع داخل الحزب المحافظ". وأعلن نايجل لوسون وزير المال السابق في عهد ماغريت ثاتشر الخميس أنه يترأس حملة المحافظين المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي.

معضلة&أوروبا
والعلاقة مع أوروبا، التي كانت موضوع انقسام في صفوف العماليين في الستينيات والسبعينيات، باتت من نقاط الخلاف الرئيسة بين المحافظين، إلى حد "كادت تقضي على" الحزب المحافظ باعتراف رئيس الوزراء السابق جون مايور نفسه. والموضوع الآخر الذي يتوقع أن يحتل حيزًا كبيرًا من المناقشات في اجتماعات المحافظين من الأحد إلى الأربعاء سيكون خلافة ديفيد كاميرون، مع توقع تخلي الحزب عنه قبل انتخابات أيار/مايو، التي لن يتقدم فيها لولاية ثالثة.

وقال تيم بايل في هذا الصدد "من الواضح أن (وزير المال) جورج أوزبورن في الطليعة... لكن الأمور قد تتبدل بسرعة"، مذكرًا بأن أوزبورن لم يكن على الدوام موضع ثقة كما هو عليه اليوم. ويتفق المراقبون على أن المنافسة ستكون بينه وبين رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، ولو أن أسماء أخرى طرحت، مثل وزيرة الداخلية تيريزا ماي ووزير الدولة للأعمال ساجد جافيس.

وقال دانكن أوليري إن "بوريس جونسون أكثر شعبية لدى الرأي العام، لكن جورج أوزبورن أكثر شعبية لدى أعضاء الحزب المحافظ، وهم في النهاية من سيقرر الزعيم المقبل". وفي هذه الأثناء سيغتنم وزير المالية حتمًا مناسبة الاجتماعات في مانشستر ليدافع عن أحد أكبر مشاريعه، وهو مشروع "نورذرن باورهاوس"، القاضي بإنشاء مركز سياسي واقتصادي في شمال انكلترا، من خلال إزالة المركزية وتعزيز البنى التحتية بين المدن في هذه المنطقة.

&