قررت جامعة القاهرة منع المنقبات من التدريس وهنّ يرتدين النقاب، وأثار القرار الكثير من الجدل في مصر، ما بين مؤيد ومعارض. ولا يشمل القرار الطالبات المنقبات.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أصدر رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، قراراً بمنع عضوات هيئة التدريس المنقبات والهيئة المعاونة بجميع الكليات والمعاهد التابعة للجامعة من إلقاء المحاضرات أو الدروس النظرية أو التدريب بالمعامل.

وأوضح في حيثيات قراره أنه يأتي "حرصًا على التواصل مع الطلاب وحسن أداء العملية التعليمية وللمصلحة العامة".

ولفت إلى أن قرار مجلس الجامعة جاء عقب الاطلاع على قرارات سابقة لرئيس الجمهورية بشأن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والقوانين المعدلة له، وما تم عرضه على عمداء الكليات، مشيراً إلى أن تلك اللائحة تخول لرئيس الجامعة وعمداء الكليات اتخاذ كل ما يراه هؤلاء المسؤولون من قرارات لتيسير العملية التعليمية داخل الكليات التابعة لهم.

وأثار قرار الجامعة الكثير من الجدل في مصر، لاسيما في ظل تنامي ظاهرة النقاب، وارتداء الطالبات له، واعتبر بعض نشطاء التيار الإسلامي أن القرار مخالف للدستور، ويعتبر تمييزاً سلبياً ضد المنقبات، لاسيما أنه لا يمنع "المتبرجات" من التدريس أيضاً.

وعلمت "إيلاف" أن رئيس الجامعة أصدر قراراً العام الماضي يمنع الطلاب من "ارتداء الملابس غير اللائقة"، وشمل القرار ملابس الطالبات أو عضوات هيئات التدريس "فوق الركبة"، و"الملابس الشفافة"، كما يمنع القرار الطلاب أو الأساتذة من ارتداء "الشبشب" و"الشورت" و"البلتاكور"، والـ تي شيرت الحملات أو "الكت"، وينفذ أفراد الأمن الإداري القرار بحذافيره.

وشنت الدعوة السلفية هجوماً على نصار، واعتبرت قراره "مخالفًا للدستور"، وقال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن "قرار جامعة القاهرة بمنع عضوات هيئة التدريس المنقبات من التدريس بنقابهن هو قرار مخالف للدستور والقانون، وتمييز ضد فئة معينة من أجل مذهبها الديني".

ووصف القرار أيضاً بأنه "مخالف لكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم"، موضحًا أن "النقاب أقل درجاته أنه مشروع، ويستحب عند الجمهور وواجب عند بعض العلماء، مما يؤكد أنه لا يمكن اعتباره مخالفًا للشريعة".

وأضاف: "لذلك، فتدخل جامعة القاهرة بقرار إداري يمنع المنقبات من التدريس هو تجاوز فى حق المرأة المنقبة، التي يكفل لها الدستور حقها الكامل فى لباسها الشرعي، الذي أتت به الشريعة الإسلامية".

ودعا برهامي رئيس جامعة القاهرة، إلى التراجع عن هذا القرار، داعياً في الوقت نفسه المنقبات فى هيئة التدريس أن "يرفعن قضية عاجلة لتمكينهن من مباشرة حقوقهن".

وأيد علماء أزهريون قرار رئيس جامعة القاهرة، وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر، لـ"إيلاف"، إن النقاب لم يرد فيه أي نص صريح يؤكد وجوبه، مشيراً إلى أن "النقاب لم يرد دليل على وجوبيته أو كراهيته أو تحريمه، ويدخل في باب العادات".

ونبه إلى أن الإسلام لم يشرع للمرأة ارتداء النقاب في الحج، بل أمرها بالكشف عن وجهها.

ولفت إلى أن قرار منع المنقبات من التدريس وهنّ يرتدينه صحيح، و"يتفق مع الشرع الإسلامي"، لاسيما أن القرار يعمل من أجل المصلحة العامة.

وأصر رئيس جامعة القاهرة، على موقفه، وقال إنه لن يتراجع عن قراره بمنع المنقبات من التدريس خلال بعض المواد، مُعتبرًا أنه "ليس مخالفًا للدستور، وباب القضاء مفتوح أمام الجميع لأننا اتخذنا القرار وفقاً لدراسات وتقارير".

وأضاف في تصريح له: "المنقبة التي تعمل في الجامعة لا تلقي درسًا في مسجد ولكنها تدرس لطلاب بمختلف معتقداتهم"، متسائلاً: "كيف للمنقبة أن تدرس لغة أجنبية للطلبة وهي منقبة، خاصة أن تعليم اللغات الأجنبية يحتاج إلى تواصل، وهناك سيدات منقبات قمن بتطبيق القرار دون أي حرج".

ولفت إلى أن قراره ليس مخالفًا للدستور "لأنه ليس منعًا مطلقاً، لكنه لتنظيم العملية التعليمية وبحثًا عن مصلحة الطالب".

في المقابل، أقامت الأستاذة المساعدة بكلية الصيدلة، الدكتورة صافيناز سامي إبراهيم، دعوى قضائية للطعن على قرار منعها من التدريس بالجامعة ودخول قاعات الكلية بالنقاب.

واختصمت في دعواها رئيس الجامعة وعميد كلية الصيدلة، مطالبة بإصدار حكم بإلغاء قرار منع النقاب وبأحقية الأستاذة المنقبة في التدريس بالجامعة، تماشيًا مع حكم دائرة توحيد المبادئ بمجلس الدولة التي رفضت بشكل نهائي إقدام أي جهة حكومية على منع ارتداء النقاب، لأنه "ملبس إسلامي غير مخالف لمواد القانون والنظام العام للدولة".

ورغم أن قرار رئيس جامعة القاهرة يقتصر على الأساتذة فقط، إلا أن حالة من القلق تنتاب الطالبات المنقبات، وأعربن عن خشيتهن من أن يطالهن القرار.