قام تنظيم الدولة الإسلامية بتفجير قوس النصر الأثري الشهير في تدمر السورية، بحسب ما أكد المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا لوكالة فرانس برس، في آخر عملية تفجير تستهدف معالم هذه المدينة الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية.


إيلاف - متابعة: تبعث هذه العملية الجديدة، برأي المدير العام للاثار والمتاحف في سوريا مأمون عبد الكريم، المخاوف من تدمير كامل للمدينة الواقعة في ريف حمص الشرقي، والتي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في 21 ايار/مايو.

تدمير منهجي
وقعت هذه العملية في وقت ازداد النزاع في سوريا تعقيدًا مع تدخل روسيا، التي باشرت حملة ضربات جوية، تقول انها تستهدف جهاديي التنظيم، فيما يشتبه الغربيون في ان هدفها الفعلي دعم قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد في النزاع الجاري منذ اربع سنوات ونصف السنة.

وقال عبد الكريم في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "تلقينا معلومات ميدانية، مفادها ان قوس النصر دمّر أمس (الاحد). وكان تنظيم الدولة الاسلامية فخخه قبل اسابيع". واضاف المسؤول أن قوس النصر، الذي يعود الى الفي عام، ويقع في مدخل شارع الأعمدة في هذه المدينة التاريخية، "هو أيقونة تدمر". وقال "اننا نعيش كارثة. منذ سيطرة (الجهاديين) على المدينة، نشهد الصدمة تلو الاخرى". وتابع "انه تدمير منهجي للمدينة. يريدون هدمها، إزالتها تمامًا عن الخارطة. قد نخسرها بالكامل".

وحذر عبد الكريم "نعرف ان تنظيم الدولة الاسلامية فخّخ معالم اخرى. انهم يريدون تدمير المسرح والأعمدة، ونحن نخشى على مجمل المدينة الاثرية". وقال متوسلاً "يجب ان تجد الاسرة الدولية وسيلة لإنقاذ تدمر" التي تحوي أجمل كنوز سوريا الاثرية. كذلك افاد المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون في المدينة عن تدمير هذا المعلم التاريخي.

ترك الأعمدة
واوضح المرصد في بيان تلقته وكالة فرانس برس ان "التنظيم فجر الأقواس فقط، فيما أبقى على اعمدتها"، مرجحاً ان يكون "فجّرها لوجود رموز ونقوش على هذه الاقواس". وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية في 21 ايار/مايو على مدينة تدمر، الواقعة على مسافة 205 كلم شرق العاصمة دمشق، بعدما طرد منها القوات الحكومية، ما اثار مخاوف منذ ذلك الحين على مستقبل هذا التراث السوري والعالمي الفريد.

وفي 23 اب/اغسطس، فجر الجهاديون معبد بعلشمين في تدمر، وذلك بعد ايام على قطع رأس مدير الاثار السابق للمتاحف في المدينة خالد الاسعد (82 عامًا)، احد ابرز خبراء الاثار في العالم، وتعليق جثته في ساحة عامة. وكان التنظيم دمر في تموز/يوليو تمثال أسد اثينا الشهير، الذي كان موجودًا عند مدخل متحف تدمر.

تدمر من الجو قبل غزو داعش

وفي ما بعد فجر الجهاديون معبد بل، جوهرة مدينة تدمر الاثرية في سوريا، ووصفت اليونيسكو ذلك بانه "جريمة لا تغتفر بحق الحضارة". وفي ايلول/سبتمبر فجر عددًا من المدافن البرجية القديمة. وكانت جمعية حماية الآثار السورية، التي تتخذ من فرنسا مقرًا لها، عددت أخيرًا "اكثر من 900 صرح وموقع أثري تضررت أو دمرت" في النزاع في سوريا. واثارت هذه الممارسات تنديدًا من جهات دولية عديدة.

منطلق عقائدي
ويتوقع خبراء ان تستمر وتيرة هذا التدمير المنهجي للآثار على ايدي عناصر تنظيم الدولة الاسلامية، الذي بات يحتل مساحات واسعة من سوريا. إذ ان عقيدة التنظيم المتشدد ترفض بقاء صروح اثرية عائدة الى ما قبل الاسلام، وتعتبر التماثيل والاضرحة من الاصنام.

كما يخشون على الكنوز الاثرية الاخرى، التي لا تزال موجودة في تدمر، ومنها عشرات المدافن المتبقية ومعبد نابو والمدرج الروماني. وفي كانون الاول/ديسمبر 2014، افادت الامم المتحدة عن تعرض حوالى 300 موقع بارز للتدمير أو الضرر أو النهب منذ بدء النزاع السوري.
&