تعود الكلمات النابية والجارحة لتطغى على خطاب السياسيين اللبنانيين بعد الإشكال الذي حصل أمس، في مستهل جلسة لجنة الأشغال بين نائبي المستقبل والتيار الوطني الحر.
&
بيروت: يفتح الإشكال الذي حصل في مستهل جلسة لجنة الأشغال أمس، بين النائبين زياد اسود (التيار الوطني الحر) وجمال الجراح (تيار المستقبل)، الملف أمام الخطاب السياسي الموتور في لبنان، بعدما جرى تلاسن وتضارب بزجاحات المياه، حيث رفعت الجلسة لاحقًا بعد الإشكال الحاد بين المستقبل والتيار.
&
ويمكن القول إن الخطاب السياسيّ السائد في لبنان اليوم يعبّر عن مأزق أصحابه ورؤاهم، كما يعبّر عن جزء من المأزق الوطني العام، فمن يريد البناء السياسيّ لا يلجأ إطلاقًا إلى لغة السباب والشتائم التي يلجأ إليها البعض، فتسيء إلى المواطن ووسيلة الإعلام وصاحبها، بالإضافة إلى ضررها الأكيد في إشعال الشارع البسيط وتفجير عصبياته، ولهذا كله تحصل "اشتباكات" لا يستفيد منها سوى الخارج ومصالحه.&
تعابير &"سد بوزك"، "القرد"، "الطلاق"، "من تحت زنّاري"، "وسرمايتي سوا"، "الأفعى"، "كشتبنجي" و"أنصاف الرجال"، كلمات كثيرة صارت جزءًا من لغة شريحة واسعة من السياسييّن اللبنانييّن، وهي لغة تلعب بعض وسائل الإعلام دورًا في ترويجها سواء أرادت ذلك أم لم ترد، من دون الأخذ في الاعتبار مصلحة الوطن والمواطنين، والقواعد الأخلاقيّة الصحيحة والصحيّة للتخاطب، ومدى إنعكاس ذلك على "شوارع" تئن تحت وطأة الأزمات المعيشيّة والوطنيّة وفقدان الأمل.
&
دكاش
ويعتبر النائب السابق الدكتور بيار دكاش في حديثه لـ إيلاف أن هناك 3 مشاكل في لبنان وهي سياسيّة واقتصاديّة وأخلاقيّة، والخطاب السياسيّ يقع ضمن مشكلة الاخلاق في لبنان بكل أسف.
ويضيف: "هناك أسباب لانحدار المستوى في الخطاب السياسيّ اللبنانيّ ومنها عدم وعي الشعب بكافة أبنائه في أي موقع كان، وإلى أي فريق إنتمى لمسؤولياته، ولمعرفته لحقوقه، أتى بممثلين يوم الإستحقاق الكبير، أدّى إلى انقسام مريع تسقط فيه كل المبادىء والقيم".
بالإضافة إلى مشاكل عدّة في لبنان تجعل هذا الخطاب السياسيّ ينحدر إلى هذا المستوى أولها الشخصانية وتأليهها، بمعنى أن مشكلة الناس أنهم يعبدون الأشخاص وليس المبادىء وهذا ناتج عن قلة الوعي على الرغم من الشهادات العالية والكفاءات التي يتميّز بها اللبنانيّ.
ثم العائليّة أي لا نزال نمشي في الحياة القبلية العائليّة، ثم الطائفيّة، والمذهبيّة، الوحدة تبدأ في أن الواحد ينضم إلى الآخر، لا نزال بعيدين عن الوحدة في الجماعة، المصلحة الذاتيّة تتقدم على المصلحة العامة، ونسأل هنا هل أن هناك تمويلاً لتلك الخطابات وهي ليست نابعة من إرادة ذاتيّة بل تقع ضمن الولاءات الخارجية التي تدفع بهذا الفريق أو ذاك إلى أخذ المواقف.

يحتاج إلى صمت
ويشير إلى أن الخطاب السياسيّ في لبنان لا يحتاج إلى تقييم بل إلى صمت أعمق منه، وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، لأن الصمت أفضل من الكلام. عن خطابات السياسيين بالأمس يقول دكاش: "في كل العهود كان هناك من يخرج عن اللياقات والآداب والقيم، ولكن بكل أسف في وقتنا الحاضر ونظرًا للمآسي التي مرّ بها لبنان، إنحدر الخطاب السياسيّ إلى مستوى مخجل محزن مبك ومخزل وجارح، أما ضوابط هذا الخطاب فتكون من خلال توعية الشعب اللبنانيّ، ويجب أن يعرف حقوقه وواجباته، وأن يختار جيدًا الطقم السياسيّ، الذي يكون فعلاً وليد إرادة الشعب اللبنانيّ، ومع وجود الوعيّ الذي يرفض التدخّل الخارجيّ من الشرق أو الغرب، حينها يصبح الخطاب السياسيّ منسجمًا مع إرادة الشعب اللبنانيّ وحقه في الاختيار.
ويتابع: "نعرف أن هذه الفوضى الموجودة في لبنان مدمّرة هي بسبب كل كلمة تخرج من فم الخطيب، وقبل أن تخرج الكلمة من فمه يكون ملك الكلمة وبعدها يصبح عبدها، والإنفجار العسكريّ ممكن أن يكون سببه خطاب غير موزون أو ممحّص.
&