تعيش تونس على وقع البلبلة التي خلفتها تصريحات الإعلامي معز بن غربية صاحب قناة "التاسعة" الخاصة، والتي قال فيها إنه مهدد بالاغتيال وأنه يعلم هوية وأسماء قتلة المعارض شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي وآخرين.


عبدالباقي خليفة من تونس: فجّر الاعلامي وصاحب قناة التاسعة، معز بن غربية، قنبلة إعلامية وقضائية لا تزال تداعياتها حاضرة في المشهد التونسي.

وأمرت النيابة العامة في تونس بفتح تحقيق حول ما قاله بن غربية عبر مقطع "فيديو" انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد فيه معرفته لهوية من يقف وراء الاغتيالات التي شهدتها تونس منذ العام 2011، والتي راح ضحيتها أربعة سياسيين، هم اليساري شكري بلعيد، والقومي محمد البراهمي، والمحامي فوزي بن مراد، ورجل الأعمال والناشط السياسي طارق المكي.

وقال أطباء إنّ فوزي بن مراد وطارق المكي توفيا نتيجة "سكتة قلبية"، دون افتراض للاغتيال السياسي.

وهدد معز بن غربية، في المقطع عينه، بالكشف عن القتلة مشيرًا إلى أنه "فر إلى سويسرا طلبًا للحماية". مؤكدًا بأن الجهات التي حاولت اغتياله هي التي اغتالت بلعيد والبراهمي، وأنها لا تزال تلاحقه في سويسرا.

بن غربية ادعى أنه حصل على جميع هواتف "المتهمين" بمحاولة اغتياله، مشيرًا إلى تورط أطراف سياسية لم يسمها.

وأوضح أن هؤلاء هم منً "قتلوا طارق المكي بجرعة فياغرا في كوب العصير، وقتلوا المحامي بن مراد، إثر الندوة الصحافية الشهيرة، والتي تحدث فيها عن متورطين من الجزائر في اغتيال بلعيد. وهم سيغتالون كل من سيكشف الحقيقة".

إلى ذلك، أكد بن غربية علمه بحقيقة الجريمة الارهابية التي حدثت في متحف باردو، والجريمة الارهابية في فندق امبريال بسوسة الساحلية، حيث قضى 38 سائحًا معظمهم بريطانيين، وقال إنه يعلم هويات الأطراف الداخلية والخارجية المورطة في الجريمة.

وكان بن غربية قد تحدّث عن محاولة اغتيال استهدفته من قبل "ثلاثة أشخاص ينتمون إلى دول عربية" وأضاف: "هناك أطراف عُليا تدخلت لإطلاق سراحهم" مؤكدًا بأن "أيادي مافيا السياسة والمال تسيطر على البلاد"، وإنه سينشر فيديو جديد، في حال تواصلت التهديدات ضده، يبرز من خلاله كل المعطيات بالأسماء والارقام عن الاطراف المورطة في عمليات الاغتيال في تونس.

كما وجه رسالة إلى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ورئيس الحكومة الحبيب الصيد، دعاهما فيها بالكف عما وصفه بمغالطة الشعب وكشف الحقيقة. متهمًا الاعلامي سمير الوافي بأنه حلقة صغيرة في عصابة كبيرة ومؤكدا أنه يملك جميع الأدلة التي تثبت تصريحاته.

في المقابل، ردت أرملة محمد البراهمي، النائبة مباركة البراهمي، على تصريحات بن غربية مؤكدةً بأن "الدولة التونسية هي فقط المخولة بالكشف عن قتلة الشهداء وليس أي طرف آخر" وأنها تثق في القضاء التونسي رغم تعثراته.

ودعت معز بن غربية إلى عدم توظيف "ملف الشهداء" في صراعات أو حسابات مع أطراف له معها أمور عالقة، على حد قولها.

وطالبته بالتوجه إلى القضاء في حال توفر لديه أي معطيات، متوجهة إليه بالسؤال: "أين كنت وأين كانت الوثائق التي تحوزها ودموع اليتامى تنهمر ودم الشهيد لا يزال ساخنا؟".

بدوره، أكد النائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي محمود البارودي عبر تدوينة في صفحته على فايسبوك أن جزءًا من كلام بن غربية صحيح، لكنه لا يصدق أنه في سويسرا.&

واتهم بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي معز بن غربية بالخيانة، لأنه يعلم من قام بالجرائم ولم ينبس حتى الآن ببنت شفة، بل يساوم من يحاولون اغتياله. أحدهم توجه إليه بالقول: "لقد أثبتّ بتصريحاتك أنك خائن أنت أيضًا للوطن، فكل هذه المعلومات والحقائق لديك وأنت تلوذ بالصمت، ولم تدلِ بها سوى عندما أحسست بأن الخطر يداهمك"، فيما رد عليه آخر: "هل تعلم يا بن غربية أنك مدان ومشارك في الجريمة طبقًا للقانون لأنك متستر على الجرائم؟".

الناشط الحقوقي والسياسي ياسين العياري، وجه رسالة إلى الاعلامي بن غربية دعاه فيها إلى "قول الحقيقة كاملة" متوجهًا إليه بالقول: "هل تعلم يا معز أن هناك شرط لمن يكون في المافيا ويقرر الخروج منها والعودة إلى كونه مواطنا شريفا، وهو أن يقول الحقيقة كل الحقيقة" وتابع "أولًا، يجب أن تعترف أنك كنت جزءًا من المافيا وأحد أذرع الاستثمار في الاغتيالات"، وأردف "يجب أن تقول من وقف وراء الاغتيالات وما هي أهدافها وسر توقيتها". مؤكدًا بأن سكوت بن غربية ثم تهديده بكشف الأسرار، لا يعدو كونه "تهريج وحرب تموقع وانشقاق داخل المافيا نفسها" ما لم يقدم بن غربية على كشف كل المعطيات. موضحًا بأن مواصلة التهديد دون الادلاء بالمعطيات الحقيقية والكاملة، تشبه إلى حد بعيد منّ "يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي"، على حدّ تعبيره.
&