الحراك الشعبي اللبناني يبقى بالنسبة للبعض، ضرورة ليبقى جاسمًا فوق الحوار، كما يعتبر البعض الآخر أن اقتراح ترحيل النفايات إلى العراق عبر سوريا، يؤكد التكامل البيئي بين أقطار دول المنطقة.
&
بيروت: سؤال جوهري يطرح نفسه، أيهما يوصل المطالب للناس الحراك الشعبي والشبابي، أم الحوارات الجارية بين أهل السلطة، في هذا الصدد يعتبر الكاتب والمحلل السياسي معن بشور في حديثه لإيلاف، أن الحراك الشعبي والمبارك، له قضايا محددّة وواضحة، تبدأ بالقضايا الاجتماعية الملّحة، من نفايات إلى كهرباء، إلى أملاك بحرية، إلى مياه، وهناك مطالب سياسيّة من دون شك، منها الانتخابات النيابية على أساس قانون النسبيّة ومنها انتخاب رئيس الجمهوريّة، لكن هذه المطالب تحتاج إلى من ينفّذها، ومن ينفّذ هذه المطالب هم أهل السلطة، لذلك الحوار في ما بينهم لا يتعارض مع مطالب الحراك الشبابي إلا إذا كان هدفه أن يجتمع أهل السلطة لحجب مطالب أهل الحراك، من هنا هذا الحراك ضروري ولكنه لا يتعارض مع الحوار، ويجب أن يبقى مستمرًا لكي يبقى حضوره جاسمًا فوق أهل الحوار الذين هم في الوقت عينه أهل السلطة.
&
موضوع النفايات
ولدى سؤاله إن كان سيكون من حل مرتقب لمحرك الحراك الشعبي في لبنان أي النفايات؟ يجيب بشور بأن خطة وزير الزراعة اللبناني أكرم شهيب وضعت ملامح رئيسية لحل هذه المشكلة بشكل موقت، ولكن هذه المشكلة تحتاج إلى حلول جذرية وقد طرحها الخبراء البيئيون داخل هذا الحراك وخارجه، ولا مفر من اعتماد خطة للنفايات متوسطة وبعيدة الأجل لحل هذا الملف، أسوة بكل الدول التي تحترم نفسها.
هل نرى تنفيذًا لخطة شهيب في المستقبل؟ الظروف ستساعد على تنفيذ هذه الخطة شرط أن تأخذ بعين الاعتبار المطالب الشعبيّة المحقة بألا تكون سببًا بتلويث مناطق جديدة، ولنقل الأمراض لمواطنين جدد، وهذا يتم عبر إقترانها بخطة متوسطة وبعيدة الأجل كما ذكرت من أجل معالجة هذا الملف.
&
النفايات إلى العراق
عن الاقتراح المتداول به بنقل النفايات إلى العراق عبر سوريا يقول بشور إن اقتراحات ترحيل النفايات إلى بلدان عدة تبقى مطروحة باستمرار، و"أعتقد بوحدة هذه المنطقة وبالتالي ما يصيب قطرًا فيها يصيب سائر الأقطار، في كل المجالات، واليوم هناك تأكيد بأن سوريا والعراق يريدان المساهمة في حل هذه الأزمة البيئية لذلك لا بد من تكامل بيئي بين بلداننا العربية، وخصوصًا بين لبنان وسوريا والعراق، ولكن الحل الحقيقي والجذري الذي أوصى به خبراء بيئيون بأننا لا نحل فقط مشكلة النفايات بل نحوّلها إلى مصدر للثروة بالنسبة للبنان، سواء على المستوى الزراعي أو غيرها، فكثير من البلدان تحوّل النفايات إلى مواد منتجة وما من شيء يمنع لبنان بالمضي بذلك.
&
مستقبل الحراك
إذا حل موضوع النفايات، هل يخبو رونق الحراك الشبابي في لبنان؟ يجيب بشور أن هذا الحراك الشعبي في جوهره حراك مستمر، ليس الأول من نوعه في حياتنا اللبنانيّة، سبقه حراك هيئة التنسيق النقابية، وتظاهرات الشباب يريد إسقاط النظام الطائفي، مع مطلع ال2011، سبقته تحركات عماليّة عديدة في كل المناطق والمستويات، هناك مشاكل أدارت لها السلطة ظهرها خلال سنوات عديدة، وهذه المشاكل لا بد أن تنفجر عاجلاً أم آجلاً، والذي ظهر أخيرًا من تحرك شعبي هو بمثابة "القشة التي قسمت ظهر البعير".
وهناك احتقان شعبي أتت قضية النفايات لتفجّره، وهذا الأمر ليس في لبنان فحسب، بل في العراق أيضًا، وهناك احتقان لمواجهة الفساد والإحتكار وإهمال الخدمات، فانفجر الشعب في أجزاء كبيرة في العراق وهو أمر مرشّح أن يتم في أي بلد تتجاهل سلطاته مطالب الناس وحاجاتهم.
هل ينجح هذا الحراك في الحد من الفساد؟ يشير بشور إلى أن هناك مقولة يؤمن بها وهي أن الفساد هو منظومة متكاملة محليّة ودوليّة، وأن الفساد هو الوجه الآخر للاحتلال، في كل مكان وجدنا فيه احتلال علني وصريح كما رأينا في العراق وأفغانستان، أو احتلال مقنّع باشكال مختلفة في بلدان أخرى، نجد الفساد مستشريًا، فالفساد يبرر الاحتلال، والإحتلال يغذي الفساد، لذلك طالما نخوض معركتنا ضد الإحتلال في فلسطين أو العراق أو أي قطر آخر، سنجد أنفسنا في مواجهة الفساد.
&