تصرّ الإدارة الأميركية على الاستمرار في استراتيجيتها الراهنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والتعاطي مع الأزمة السورية عبر دفع أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الأزمة، رغم أن التدخل العسكري الروسي يغيّر وجه الحرب الأهلية من الأساس، ويهدد خطط الولايات المتحدة لتوسيع عملياتها ضد داعش.


عبدالاله مجيد: اعترف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية بأن روسيا حققت بعض المكاسب التكتيكية في سوريا، ولكنهم على اقتناع بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيدفع الثمن غاليًا مقابل ما يسمّونه "خطأ استراتيجيًا" ارتكبه.

زيت على نار
إلا أن مسؤولين كبارًا آخرين في الإدارة والعديد من الخبراء خارج الإدارة حذروا من أنه إذا لم يتخذ الرئيس أوباما خطوات حاسمة، مثل الإسراع في استعادة السيطرة على المجال الجوي في شمال غرب سوريا ومنطقة الحدود مع تركيا، حيث تعمل الطائرات الروسية، فإن ضررًا كبيرًا سيلحق بسمعة الولايات المتحدة وسياستها الخارجية وأهدافها في مكافحة الإرهاب.
&
ويرى مسؤولون في الإدارة أنه من غير المعقول استراتيجيًا أن تتنازل الولايات المتحدة عن دورها لروسيا وتسلمها الملف السوري. وقال المسؤولون إنه إذا نجحت روسيا في إبقاء بشار الأسد، فإن المشاكل التي تواجه الغرب بسبب الحرب في سوريا وتنامي خطر التطرف ستزداد تفاقمًا.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن إيغور سوتياغين الخبير في الشؤون الروسية في المعهد الملكي للخدمات الموحدة في لندن "إن استراتيجية بوتين تقول "إقبلوا شروطنا" بشأن الأسد، وسنتراجع حينذاك، ونترككم تحلون مشاكلكم. وإذا لم تقبلوا سنثير فوضى كاملة.... زيادة تدفق اللاجئين على أوروبا، بحيث تكون حياتكم أشد صعوبة".

توحيد المعتدلين هو الحل

واعترف مسؤول استخباراتي أميركي بأن روسيا أوقعت الخطط الرامية إلى استبعاد الأسد عن أي تسوية للنزاع في مأزق، قائلًا يوم الأربعاء "إن المستقبل الوحيد الممكن لسوريا موحدة هو مستقبل يوحِّد العناصر المعتدلة مع ما يتبقى من النظام بعد استبعاد الأسد"، ولكن "التحركات الروسية تهدد هذا الإحتمال تهديدًا مباشرًا".

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول دولي يشارك منذ فترة في الجهود الدولية لإنهاء الحرب في سوريا قوله "إذا كانت إمكانية التفاوض قائمة قبل أسبوع أو أسبوعين فإننا بالتأكيد نجد أنفسنا اليوم.... في وضع مغاير بالكامل". وأضاف "إن جهودنا نُسفت بالكامل".&

وكانت روسيا أعلنت أن الهدف من تدخلها العسكري هو ضرب داعش. لكن الغالبية العظمى من أهدافها كانت في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية، حيث قال خبراء إن الضربات الروسية تمهد الطريق أمام قوات الأسد لاستعادة مناطق وقعت تحت سيطرة المعارضة.

يعوق الإغاثة
في هذه الأثناء قالت منظمة ميرسي كور للمساعدات الإنسانية في بيان "إن تدخل روسيا المتزايد في النزاع السوري سيؤدي على الأرجح إلى نزوح المدنيين بأعداد حتى أكبر وتعقيد إيصال المساعدات الإنسانية" إلى المحتاجين. وأكد نائب رئيس المنظمة مايكل باوزر أن النازحين "يقتربون بأعداد متزايدة من الحدوود مع تركيا، ليتمكنوا من العبور إذا ازدادت الأوضاع ترديًا".

وكان شريط الحدود موضع نقاش بين الولايات المتحدة وتركيا لإقامة منطقة محمية تتيح لقوات المعارضة السورية إعادة تنظيم قواها وللاجئين التجمع فيها. لكن العمليات الروسية قد تضع عقبات أمام مثل هذه الخطط.

وقال الخبير في الشؤون الروسية في المعهد الملكي للخدمات الموحدة إيغور سوتياغرين إن الروس "يرسلون طائرات ويوجّهون رسائل". وأضاف إن الرسائل تقول "إن هذه الرقعة، حيث تريدون إقامة مناطق آمنة... ليست آمنة، لأننا نقترب منها، وندخل مجالكم الجوي، وقد تكون هناك مواجهات".&
&